غداة شروع الولايات المتحدة بسحب قواتها من أفغانستان، صادق مجلس الأمن بالإجماع على الاتفاق الذي وقّعته الإدارة الأميركية مع حركة «طالبان» في نهاية فبراير (شباط) الماضي، بغية تمهيد الطريق لإحلال السلام في هذا البلد.
وأدخل المفاوضون الأميركيون تعديلات عدة على الصيغة الأولية لمشروع القرار عقب 4 جولات من المحادثات مع بقية الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن؛ خصوصاً مع الروس والصينيين. وتبنى مجلس الأمن القرار 2513 الذي «يرحب بالتقدم المحرز نحو تسوية سياسية للحرب في أفغانستان»، علماً بأن ذلك «تيّسر بواسطة اتفاق إحلال السلام في أفغانستان». ويرحب كذلك بعزم الأطراف الأفغانية على «مواصلة المفاوضات بين الأفغان، والموجهة نحو تحقيق تسوية سياسية ووقف شامل لإطلاق النار»، داعياً الطرفين إلى اتخاذ تدابير لبناء الثقة لدعم المفاوضات، بما في ذلك الحد من العنف وإطلاق السجناء. ويعرب عن «استعداد المجلس للنظر في البدء بمراجعة وضع أعضاء (طالبان) المدرجين في لائحة العقوبات بموجب نظام الجزاءات لعام 1988»، مع الإشارة إلى أن «هذه المراجعة ستكون مشروطة بتصرفات (طالبان) للحد من العنف والمشاركة في المفاوضات الأفغانية».
وكانت الولايات المتحدة و«طالبان» وقّعتا اتفاقاً في 29 فبراير في الدوحة يحدد جدولاً زمنياً لسحب القوات الأميركية وقوات التحالف من أفغانستان، مقابل تعهد «طالبان» منع العناصر التي تسعى لاستهداف الولايات المتحدة أو حلفائها من العمل على الأراضي الأفغانية. وفي المرحلة الأولى، ستخفض الولايات المتحدة قواتها في أفغانستان من نحو 13 ألفاً حالياً إلى 8600 في غضون 135 يوماً من توقيع الاتفاق الذي ينص أيضاً على انسحاب كامل لجميع القوات، شرط أن تفي «طالبان» بالتزاماتها.
ويحض القرار الحكومة الأفغانية على «المضي في عملية السلام، من خلال المشاركة في مفاوضات بين الأطراف الأفغانية، بفريق متنوع من المفاوضين يشمل الجميع، ويتألف من قادة سياسيين ومن المجتمع المدني، ويضم في صفوفه نساء». وطلب من «كل الدول تقديم دعمها التام للتفاوض في شأن اتفاق سلام كامل ودائم يضع حداً للحرب بما يخدم مصلحة جميع الأفغان»، فضلاً عن مطالبة الحكومة الأفغانية بالدخول في مفاوضات مع «طالبان» من أجل التوصل إلى «وقف إطلاق نار دائم وتام».
وأكد القرار أن مجلس الأمن سيكون «على استعداد فور بدء المفاوضات الأفغانية لمراجعة العقوبات» الدولية المفروضة على أفراد أو مجموعات منذ العام 2011 بهدف «دعم عملية السلام».
وبدأ الجيش الأميركي الانسحاب من أفغانستان تنفيذاً لاتفاق السلام الذي ينص على خفض عدد أفراده في غضون 135 يوماً إلى 8600 جندي. وكشف دبلوماسيون أن الاتفاق بين واشنطن و«طالبان» يتضمّن ملحقين سريين حول مكافحة الإرهاب، يتحتم على أعضاء مجلس الأمن المصادقة عليهما من دون الاطلاع على مضمونهما. واعتبر دبلوماسي أن هذا «أمر لا يُصدّق». وطلبت الصين خلال المفاوضات إدخال إشارة إلى «التعاون الإقليمي» ضمن مشروع «طرق الحرير الجديدة» التي تطورها عبر القارات.
عقدت البعثة الأفغانية لدى الأمم المتحدة جلسة لـ«مجموعة أصدقاء المرأة في أفغانستان» في إحدى قاعات المنظمة الدولية في نيويورك. وتحدثت فيها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون التي دعت إلى عدم استبعاد النساء من أي عملية سلام داخل أفغانستان، مذكرة بالإجراءات التي اتخذتها «طالبان» خلال فترة حكمها للبلاد. وحذرت من أنه «إذا تمزق المجتمع ودفعت النساء إلى الهامش، فمن المرجح أن يجد الإرهابيون ملاذاً». وأكدت أنه «يجب إدراج حقوق المرأة وحمايتها في أي مفاوضات سلام» في أفغانستان.
وتحدثت قرينة الرئيس الأفغاني، رولا غني، عن ضرورة إقامة «مجتمع مفتوح يتمتع فيه الناس بحقوقهم الكاملة ويتفهمون مسؤولياتهم» في أفغانستان، مؤكدة أنه «لن يتم اتخاذ أي قرارات في عملية السلام من دون الدعم الكامل من الناس والنساء».
وأكدت المندوبة الأفغانية الدائمة لدى الأمم المتحدة عديلة راز أنه «كما هي الحال في البلدان الأخرى التي تعاني اضطرابات سياسية، جرى تسييس حقوق النساء الأفغانيات وموقعهن في المجتمع»، مضيفة أن «نساء أفغانستان لسن على استعداد للتنازل عن مستقبلهن».
مجلس الأمن يرحب بخطة واشنطن و«طالبان» للسلام... ويدعو الأفغان إلى التفاوض
مجلس الأمن يرحب بخطة واشنطن و«طالبان» للسلام... ويدعو الأفغان إلى التفاوض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة