«المستقبل» يهاجم خصومه انطلاقاً من مضمون خطاب دياب

اعتبر أن النموذج الاقتصادي اللبناني لا يتوافق مع روحية الاستئثار والنهم للسلطة

رئيس الحكومة اللبنانية حسن دياب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بيروت (د.ب.أ)
رئيس الحكومة اللبنانية حسن دياب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بيروت (د.ب.أ)
TT

«المستقبل» يهاجم خصومه انطلاقاً من مضمون خطاب دياب

رئيس الحكومة اللبنانية حسن دياب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بيروت (د.ب.أ)
رئيس الحكومة اللبنانية حسن دياب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بيروت (د.ب.أ)

هاجم «تيار المستقبل» انتقاد رئيس الحكومة للنموذج الاقتصادي السابق الذي اعتمد في حكومات سابقة، معتبراً أن «هذه الروحية في مقاربة المسائل الوطنية، لا تتوافق مع روحيات الاستئثار والاستقواء والنهم للسلطة والشراهة في اقتناص المواقع والأدوار، فانقلبت الأحوال على الصورة التي يعرفها اللبنانيون وصار الشعب في وادٍ وكل الدولة برموزها وقواها وأحزابها في وادٍ آخر».
وقال «المستقبل» في بيان عنيف أصدره أمس، من غير أن يسمي فيه رئيس الحكومة الحالية حسان دياب، «إننا حاولنا طوال السنوات الأخيرة أن نعمل على خط التلازم بين الاستقرار السياسي والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وكانت لدينا الجرأة الوطنية للقيام بمبادرات تخالف المزاج العام لكثير من اللبنانيين ولجمهور عريض من «تيار المستقبل»، وانطلقنا من أن مصلحة لبنان يجب أن تتقدم على المصالح الفئوية والطائفية، وأن لا سبيل للنهوض من جديد تحت وطأة الانقسام العمودي الوطني والمذهبي».
وقال: «خرجنا من السلطة بأمل أن تتاح أمام البلاد فرصة الخروج من سياسات التعطيل والتضليل، وأن تفتح بين اللبنانيين صفحة جديدة يكون فيها للمنتفضين والمنتفضات في الساحات دور في رسم المستقبل السياسي للبنان. لكن حال الاعوجاج والهروب إلى الماضي ما زالت تتحكم مع الأسف بسلوك الكثرة من القابضين على زمام السلطة، أو حديثي النعمة في ممارستها، الذين تستهويهم لعبة تلطيخ الصفحات البيضاء من السياسات السابقة لتبرير كافة الصفحات التي كتبت بحبر الخروج على الدستور والقانون والعيش المشترك بين اللبنانيين».
وقال المستقبل: «نستطيع أن نفهم العقد السياسية والنفسية والشخصية لدى بعض رجال السياسة والسلطة، التي نشأت عن الدور المميز للرئيس الشهيد رفيق الحريري في تاريخ لبنان، ولكن لا يمكن لأي عاقل أن يفهم جدوى استخدام هذه العقد في حملات متواصلة لتحريف التاريخ وممارسة أعلى درجات الكيدية السياسية تجاه الخط الذي يمثله رفيق الحريري».
وأضاف: «لقد ساءنا أن تنضم أصوات مستجدة من خارج المنظومة الكيدية التقليدية إلى تلك الحملات، وأن تتخذ من الإعلان عن قرار استثنائي يتعلق بمواجهة مأزق مالي مصيري، مناسبة للانقلاب على النموذج الاقتصادي اللبناني، والتحريض على السياسات الاقتصادية، كما لو أنها كيان قائم بذاته، معزول عن السياسات العامة للدولة وعن المسار الطويل لتعطيل المؤسسات ومسلسل الحروب والأزمات التي اندلعت في الداخل والمحيط».
واعتبر «المستقبل» أن «المحاولات الجارية لتبرير الأخطاء المتراكمة في إدارة الشأن العام أو لتمرير بعض القرارات والإجراءات التي تهربوا من اتخاذها لشهور وسنوات، من خلال العودة إلى تحميل السياسات الاقتصادية والمصرفية تبعات الانهيار الذي آلت إليه الأمور، يشكل قمة التهرب من المسؤولية التي تقع على كاهل الطاقم السياسي بكل فصائله وامتداداته الداخلية والخارجية. وإن التغافل عن هذا الجانب الأساسي من الصورة لا يعني أن اللبنانيين سيتوافدون إلى الساحات ليقدموا شهادات براءة ذمة لأهل الحكم والسياسة عن كل السنين الماضية».
ورأى أن «نعي النموذج الاقتصادي اللبناني على الصورة التي جرت أول من أمس، يشكل طعنة رعناء في صدر الهوية الاقتصادية للبنان ودوره الطليعي على هذا المستوى في كل المنطقة. والمشكلة تصبح في هذا النطاق أبعد بكثير من سداد الدين العام أو تعليق سداده لضرورات وطنية».
وقال: «ما سمعناه تأكيد للمراوحة المستمرة حول جنس الحلول والإعلان عن السعي لهيكلة الدين ورمي الكرة في ملاعب السياسات الاقتصادية للسنوات السابقة ومحاولة بدائية لاستنساخ تلك السياسات وتبني العديد من مندرجاتها الاقتصادية والمالية والإصلاحية».
واعتبر «المستقبل» أن «من عيّن الحكومة وركبها وأعطاها الثقة قد يتذكر أنها التزمت بخطة طوارئ قبل نهاية الشهر الماضي. واللبنانيون ظنوا أنهم سيسمعونه منذ يومين. فسمعوا الموال الذي لا يسمن ولا يغني من جوع». وأعرب عن خشيته «أن تشكل التوجهات الحكومية التي انبثقت عن اجتماعات بعبدا السياسية والاقتصادية، رسالة سلبية إلى المجتمع الدولي والجهات المعنية بمساعدة لبنان، في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة إلى تعاون الأصدقاء والأشقاء ودعمهم في تنفيذ ونجاح أي خطة مستقبلية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.