مصادر لبنانية: المليارات الثلاثة «استراتيجية» لتعزيز الجيش.. والمليار الرابع «مساعدة تكتيكية»

السفير السعودي لـ {الشرق الأوسط}: خادم الحرمين حريص على تنفيذ الاتفاق مع الفرنسيين في أسرع وقت ممكن

مصادر لبنانية: المليارات الثلاثة «استراتيجية» لتعزيز الجيش.. والمليار الرابع «مساعدة تكتيكية»
TT

مصادر لبنانية: المليارات الثلاثة «استراتيجية» لتعزيز الجيش.. والمليار الرابع «مساعدة تكتيكية»

مصادر لبنانية: المليارات الثلاثة «استراتيجية» لتعزيز الجيش.. والمليار الرابع «مساعدة تكتيكية»

مع توقيع العقد السعودي – الفرنسي – اللبناني في الرياض، تدخل المساعدات العسكرية السعودية للجيش في «التفاصيل العملية» التي وضعت عملية «تسييل» المكرمة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقدرها 3 مليارات دولار، على سكة التنفيذ الفعلي، والتي إذا ما أضيفت إلى مكرمة ثانية خصصت للقوى الأمنية والعسكرية، ترفع مجموع المساعدات إلى 4 مليارات دولار.
وفي حين أوضحت مصادر عسكرية لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، أن التوقيع على الاتفاق نقل العملية إلى مرحلة «الخطوات الإجرائية»، أكد السفير السعودي لدى لبنان، علي عواض عسيري، أن خادم الحرمين أبلغ المعنيين بالملف حرصه على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في أسرع وقت ممكن من أجل دعم المؤسسات الشرعية اللبنانية. وقال السفير عسيري لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المكرمة «تعكس عمق العلاقات السعودية – اللبنانية، وحرص خادم الحرمين على أمن واستقرار لبنان في ظل التحديات التي يواجهها حاليا».
وردا على سؤال عن حملات التشكيك التي تعرضت لها المكرمة السعودية، قال عسيري: «مثل هذه المكرمة تترجم فعليا الإرادة التي يتميز بها خادم الحرمين، لأنه عندما يقول يفعل، وما تم تحقيقه يضع حدا للتشكيك الذي تم للأسف من قبل بعض الذين يجهلون متانة هذه العلاقة ويجهلون الأصالة والشهامة العربية التي يتميز بها خادم الحرمين»، معتبرا أن «مثل هؤلاء قلة لن تؤثر على العلاقة المميزة التي تجمع البلدين الشقيقين».
وقال عسيري إن «الجيش اللبناني مكون من كل الطوائف اللبنانية، ونحن نأمل من خلال دعمه أن يرتقي في أدائه لحماية لبنان من أي تحديات ومن أي جهة أتت هذه التحديات والتهديدات، وهي كثيرة ومتنوعة».
وأشار عسيري إلى أن مكرمة المليار الرابع، التي أمر بها خادم الحرمين للأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، والتي عهد بالإشراف عليها لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري «نفذ جزء كبير منها».
وهبة المليار هي عبارة عن مساعدات عاجلة لهذه القوى لمكافحة الإرهاب، أمر بها خادم الحرمين بعد اجتياح مسلحين متشددين من تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا في أغسطس (آب) الماضي، وهي تختلف عن المليارات الثلاثة المخصصة للجيش اللبناني بهدف تحديث وحداته وتعزيز قدراته.
وقالت المصادر العسكرية، إن موضوع الطائرات «لم يحسم بعد»، مشيرة إلى أن الجيش اللبناني يعرف ماذا يريد وهو يتفاوض مع الفرنسيين حول طلباته، مشيرة إلى وجود عامل إضافي يتعلق بعقود الصيانة للأسلحة التي سوف تأتي من ضمن الهبة الفرنسية بسبب اعتماد الجيش اللبناني على منظومة أسلحة أميركية أساسا. وتوقعت مصادر أخرى وصول أول دفعة من السلاح الفرنسي إلى لبنان خلال 3 أشهر، مشيرة إلى أن وفدا عسكريا لبنانيا ذهب إلى موسكو وأجرى مباحثات تتعلق بالحصول على أسلحة روسية، لكن شيئا لم يبت في شأنها بعد، مؤكدا أن أي بروتوكول لم يوقع بعد مع أي دولة.
وأكدت مصادر مطلعة على الهبة الثانية، أنه تم فتح اعتمادات على الأقل بقيمة 300 مليون دولار هي في معظمها للجيش اللبناني، والباقي قيد التفاوض مع الجهات المعنية. وأشارت المصادر إلى أن هبة المليار هي أقل تعقيدا من الاتفاق كونها مباشرة بين المانح (السعودية) ولبنان، في حين أن الثانية لا بد من أن تمر في قنوات محددة، مشيرة إلى أن هبة المليارات الثلاثة هي هبة استراتيجية تهدف إلى تعزيز قوة الجيش، في حين أن هبة المليار «هبة تكتيكية» تهدف إلى تأمين الاحتياجات الطارئة بهدف محدد هو مكافحة الإرهاب.
وأشارت المصادر إلى أن الرئيس الحريري اجتمع فور عودته إلى لبنان آنذاك مع مسؤولين لبنانيين، وتم الطلب من قادة المؤسسات الأمنية تحديد احتياجاتها الملحة لمكافحة الإرهاب، وإعداد لوائح بها. وأوضحت المصادر أن المليار وزعت على المؤسسات الرسمية وفق حاجاتها، فكانت الحصة الكبرى للجيش اللبناني الذي نال نحو 500 مليون دولار (قالت مصادر أخرى 450 مليونا) في حين نالت قوى الأمن الداخلي 300 مليون، و150 مليونا لجهاز الأمن العام و50 مليونا لجهاز أمن الدولة. وأشارت إلى أن اللوائح التي تقدمت بها هذه المؤسسات تركزت على سلاح الطيران بالنسبة للجيش اللبناني الذي أعلن عن حاجته إلى طائرات قاذفة خفيفة وطائرات من دون طيار ومروحيات والصواريخ لهذه الطائرات، في حين تركزت حاجات قوى الأمن الداخلي على تأمين المدرعات ووسائل النقل ومنظومات القيادة والاتصال. أما الأمن العام فقد قدم لوائح لها علاقة بمراقبة الحدود ومشروع له علاقة بجوازات السفر ومنع تزويرها ومراقبة إقامات الأجانب، بينما كانت مطالب أمن الدولة تتعلق بوسائل نقل واتصالات وأسلحة فردية.



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».