الدور الإخباري لـ«السوشيال ميديا» يتعاظم

بات المستخدم العادي للإنترنت يُمضي نحو 100 يوم في السنة على الشبكة؛ إذ يفيد أحدث تقرير عن الحالة الرقمية العالمية بأن هذا المستخدم يتنقل بين المواقع الإلكترونية المختلفة لمدة ست ساعات و43 دقيقة يومياً.
يقول تقرير «ديجتال 2020»، الصادر عن مؤسسة «هوتسويت - Hootsuite» لإدارة منصات التواصل الاجتماعي، إن 60% من سكان العالم باتوا يستخدمون الإنترنت بشكل منتظم في يناير (كانون الثاني) 2020، بارتفاع 7% مقارنةً بالشهر نفسه من العام الماضي، في وقت تزايد فيه عدد مستخدمي «السوشيال ميديا» إلى 3.8 مليار مستخدم، بارتفاع نسبته 9.2%، وبسبب هذه الزيادة المطّردة، فإن التقرير يتوقع ارتفاع عدد مستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي إلى أكثر من نصف سكان العالم بحلول منتصف العام الجاري.
بموازاة تلك الزيادات الحادة والمطّردة، يزدهر الدور الإخباري لمواقع التواصل الاجتماعي، وتزيد درجة الاعتماد عليها في معرفة الأخبار والتطورات الحيوية.
ثمة أسباب عدة تكمن وراء ازدهار الدور الإخباري لتلك المواقع؛ ولعل أهمها يتمثل في آليات التلقي التي يبدو أنها تتخذ اتجاهاً ثابتاً نحو سحب الجمهور من الوسائط التقليدية إلى الشاشات من جانب، بالإضافة إلى المزايا الفريدة التي تتمتع بها عملية التعرض ذاتها في تلك المواقع، وعلى رأسها فكرة تبادل الرسائل الإخبارية، وإمكانية التعليق عليها، من جانب آخر.
غير أن بعض الباحثين يرى أن الوظيفة الإخبارية لمواقع التواصل الاجتماعي ظهرت كمحاولة للالتفاف على التعتيم الذي اتسمت به تغطيات الإعلام التقليدي في بعض الأحيان؛ كما حدث مثلاً في أحداث الإيغور في الصين، وفي الانتخابات الإيرانية 2009، وفي الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006، وغزة 2008، وغيرها.
لكن تلك الوظيفة شهدت أزهى عصورها، حينما تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى «بنية اتصالية أساسية» في بعض دول التغيير العربي، التي شهدت انتفاضات أطاحت بأنظمة حكم راسخة، من خلال أدوار مارستها تلك المواقع في الحشد والتعبئة وتنظيم الاحتجاج وصياغة المواقف والشعارات.
تعطي مواقع التواصل الاجتماعي لمستخدميها صلاحيات واسعةً مقارنةً بأي وسيلة إعلام تقليدية؛ إذ تمكّنهم من انتقاء الأخبار، وصياغتها، وتأطيرها، وبثها خلال ثوانٍ معدودات، ما داموا يمتلكون هواتف جوالة ذكية، أو أياً من الوسائط التقنية الأخرى، وصلةً بـ«الإنترنت».
تمكن ملاحظة أن نسبة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار تزداد باطّراد في ظل سخونة الأوضاع السياسية من جهة، وكلما تعرض الإعلام التقليدي لتضييق أو استهداف من السلطات من جهة أخرى.
في مقابل الميزات الكبيرة التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي لمستخدميها، خصوصاً على صُعُد السرعة والإيجاز والبلورة وإمكانات البحث وقدرات التعبئة والتوجيه، ثمة الكثير من السلبيات والمشكلات؛ فتلك الوسائط لا تُخضع المحتوى الذي تبثه لأي شكل من أشكال التقييم أو المراجعة، ولا تُلزم من يبث هذا المحتوى بأي قدر من الالتزام، سوى ما يقرره طوعاً لذاته.
يسهل جداً نقل الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي من دون أي قدر من التوثيق، ويندر جداً استخدامها منسوبةً لأصحاب الحسابات التي تم بثها من خلالها، وكثيراً ما يتم نقلها بوصفها «حقائق لا تقبل الدحض»، كما يسهل طبعاً أن يتنصل صاحب الحساب من الرأي أو المعلومة أو التقييم الذي بثه قبل قليل.
الدور الإخباري لـ«السوشيال ميديا» يتعاظم، ويضاعف التحديات التي يواجهها عالم الأخبار.