ليبيا ترغب في استلهام التجربة المغربية للمصالحة وحلّ الأزمات

ليبيريا تعلن قرب افتتاح قنصلية لها في مدينة الداخلة

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة لدى استقباله وزير خارجية الحكومة المؤقتة في ليبيا عبد الهادي الحويج في الرباط أمس (ماب)
وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة لدى استقباله وزير خارجية الحكومة المؤقتة في ليبيا عبد الهادي الحويج في الرباط أمس (ماب)
TT

ليبيا ترغب في استلهام التجربة المغربية للمصالحة وحلّ الأزمات

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة لدى استقباله وزير خارجية الحكومة المؤقتة في ليبيا عبد الهادي الحويج في الرباط أمس (ماب)
وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة لدى استقباله وزير خارجية الحكومة المؤقتة في ليبيا عبد الهادي الحويج في الرباط أمس (ماب)

حلّ عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية المؤقتة، أمس بالرباط، حاملا رسالة من عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، حول تطورات الأزمة الليبية والدور الكبير، الذي يمكن للمغرب أن يلعبه في حلها وفي المصالحة بين الليبيين.
وتمحورت المباحثات، التي أجراها الحويج مع وزير خارجية المغرب بوريطة في مقر وزارة الخارجية، حول «العلاقات السياسية والأمنية بين ليبيا والمغرب، ومكافحة الإرهاب والتدخل التركي في ليبيا، وسبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتفعيل الاتفاقيات المبرمة سابقاً».
وقال الحويج في تصريح صحافي، عقب تسليم رسالة رئيس مجلس النواب الليبي إلى ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج: «نؤمن بأن المغرب الشقيق قادر على أن يضطلع بدور ريادي في حل الأزمة الليبية»، مشددا على أن مباحثاته مع بوريطة تندرج في إطار الجهود الرامية لإيجاد حل مستدام، وهو ما يعد في حد ذاته رسالة إلى المجتمع الدولي، مفادها «أننا دعاة سلم وحوار، ونمد أيادينا إلى كل من لديهم الدوافع ذاتها بهدف وضع حد للفوضى، في إطار من التوافق الوطني، مسنود بتوزيع عادل للثروات».
وأضاف الحويج: «نحن عازمون على مواصلة السير على نهج الحوار»، مشيدا بـ«دعم العاهل المغربي وحكمته، وقيادته على الصعيد الإقليمي والأفريقي والدولي». مبرزا أن المغرب «لديه تجربة واسعة في مجال المصالحة من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة، التي مكنت من تسوية ملف انتهاكات ماضي حقوق الإنسان»، وأن بلاده «ترغب في استلهام هذه التجربة».
وأشار الحويج إلى أن «المغرب، الذي لديه تجربة واسعة وكبيرة في حل الأزمات، ليست لديه أي مصلحة إلا أمن ليبيا واستقرارها»، معربا عن إيمانه الراسخ بأسبقية الفضاء المغاربي لتسوية الأزمة الليبية. وزاد الحويج قائلا: «في هذا السياق أتحدث دائما عن المقاربة المغربية والأفريقية لحل الأزمة الليبية».
كما أشار المسؤول الليبي إلى أن المباحثات، التي أجراها مع الوزير بوريطة، انصبت حول سبل تعزيز العلاقات بين المغرب وليبيا، وتمحورت بالأساس حول خلق منتدى اقتصادي مغربي - ليبي.
من جهة أخرى، أجرى وزير الخارجية المغربي، أمس بالرباط، مباحثات مع نظيره الليبيري غبيهزوهنغار فيندلي، الذي يقوم حاليا بزيارة عمل للمغرب.
وقال بوريطة خلال مؤتمر صحافي، عقب هذه المباحثات، إن المغرب وليبيريا تربطهما اتصالات منتظمة، وتبادل دائم حول سبل تطوير التعاون بين البلدين. مشيرا إلى أن «اللجنة المشتركة، التي انعقدت العام الماضي، شكلت مناسبة للتوقيع على عدد كبير من الاتفاقات، الرامية لإرساء الإطار القانوني الملائم لتعزيز التعاون القطاعي، وفتح الطريق أمام الاستثمارات الخاصة، وتعزيز التعاون في المجالات التقنية».
وأضاف بوريطة أنه منذ التوقيع على هذه الاتفاقات «تم تعزيز برنامجنا للتكوين من خلال تقديم منح دراسية، وأحدثنا برنامجا لتبادل الزيارات»، مشيرا إلى أن وزير الفلاحة الليبيري سيقوم قريبا بزيارة للمملكة. كما أبرز الوزير بوريطة أنه سيتم إرسال بعثة مغربية متعددة التخصصات إلى ليبيريا، بهدف تقديم عرض التعاون برمته، لا سيما في مجالات التكوين المهني والطاقة والفلاحة، مسجلا أن البلدين اتفقا على مواصلة تعزيز التنسيق على مستوى المنظمات الإقليمية والدولية.
وتميزت زيارة العمل، التي يقوم بها فيندلي للمغرب، بالإعلان عن قرب افتتاح قنصلية لبلاده بالداخلة، ثانية كبرى مدن الصحراء المغربية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.