«كورونا» يعيد عبد المهدي من غيابه «الطوعي» وسط استمرار أزمة رئاسة الوزراء في العراق

رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي
رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي
TT

«كورونا» يعيد عبد المهدي من غيابه «الطوعي» وسط استمرار أزمة رئاسة الوزراء في العراق

رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي
رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي

بعد أقل من أسبوع على قرار «الغياب الطوعي» الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي، ظهر أمس الجمعة متجولاً بكمامة في مناطق الجنوب المحاذية لإيران التي سجلت أعلى نسب الإصابة بفايروس كورونا.
عبد المهدي كان أعلن أوائل الشهر الماضي أنّه سيلجأ إلى ما سمّاه «الخيارات الدستورية»، بشأن موقفه من حالة تصريف الأعمال بعد الثاني من مارس (آذار)، في حال لم يتم تمرير حكومة محمد توفيق علاوي. وبعد يومين من فشل البرلمان في عدم التصويت على حكومة علاوي، أعلن عبد المهدي في بيان رسمي أنه قرر الغياب الطوعي كرئيس وزراء تصريف أعمال ويمكن إنابة أحد نوابه لهذه المهمة، مع بقائه قائدا عاما للقوات المسلحة لأن هذه المسؤولية لصيقة به.
محاولة عبد المهدي فسّرتها بعض الأطراف السياسية مثلما يرى المراقبون السياسيون في بغداد، بأنها «مناورة ربما تهدف إلى إعادته إلى منصبه أو إبقاء الوضع على حاله إذا لم تتوصل الكتل الشيعية إلى مرشح متوافق عليه داخل البيت الشيعي خلال المدة المتبقية من المهلة الدستورية الجديدة التي يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية لتكليف شخصية ثانية». وقال سياسي مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك أطرافاً، بينها أطراف كردية وسنية وشيعية، تتحرك لإعادة عبد المهدي إلى رئاسة الحكومة».
واستنادا إلى ما يراه السياسي العراقي والنائب السابق حيدر الملا في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «الظهور المفاجئ لعبد المهدي بعد أيام من إعلانه الغياب الطوعي، لا يمكن تفسيره على أنه محاولة لإعادة تسويق نفسه، لا سيما مع انسداد الأفق السياسي بشأن اختيار البديل ومساعي كتل سياسية لإعادته مرة ثانية». ومع أن الإشكالية التي تمثل عائقا أمام إعادة عبد المهدي نتيجة عدم التوافق على مرشح بديل، تكمن في «التخريجة» التي يمكن اللجوء إليها كونه أعلن استقالته، فإن بقاء الحال على ما هو عليه إلى إجراء الانتخابات المبكرة طبقا لما حدده هو في رسالته الأخيرة وهي الرابع من سبتمبر (أيلول) المقبل «لا تزال تصطدم» بموقف المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي أعلنت أول من أمس أن إجراء انتخابات مبكرة بيد البرلمان، لكن بعد إقراره القانون الجديد الذي لم يتم تشريعه بعد.
وبشأن الاجتماعات الجارية في البيت الشيعي حاليا للاتفاق على مرشح جديد من بين عدد من المرشحين، يرى عضو البرلمان العراقي عن «كتلة الفتح» حسين عرب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الأسماء التي يجري تداولها هي الأسماء نفسها التي كانت متداولة، والتي سبق أن تم رفض بعضها لهذا السبب أو ذاك»، مبينا أن «الإشكالية قد لا تبدو في الأسماء المطروحة بقدر ما تكمن في رؤية كل كتلة لهذا المرشح أو ذاك».
من جهته يصف السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر المباحثات الجارية داخل البيت الشيعي، في تغريدة له على «تويتر»، بأنها «تشبه حال الشخص الذي خّيره القاضي ببين واحدة من ثلاث: أن يدفع مائة ليرة أو يضرب مائة جلدة أو يأكل مائة من الفلفل الحار، فاختار الثالثة، لكنه تعب من أول خمسين فعاد واختار الجلد لكنه انهار من أول خمسين فعاد وأختار الدفع». وأضاف: «هذا هو حال شيعة السلطة وهم يتخبطون باختيار رئيس وزرائهم».
عبد المهدي وبعد ارتفاع حالات فايروس كورونا في العراق، فاجأ الجميع أمس وهو يتجول بالكمامة انطلاقاً من مطار بغداد الدولي إلى المحافظات الجنوبية، بادئا جولته هناك من منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران في البصرة إلى ميناء الفاو في أقصى الجنوب العراقي.
المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أعلن في بيان له أن «عبد المهدي اطلع على الإجراءات المتبعة لمنع انتقال فايروس كورونا بين المسافرين وطالب العاملين في المطار بضرورة عدم التهاون بأي حال مع إجراءات الوقاية بكافة تفاصيلها».
ومن البصرة اطلع عبد المهدي على الإجراءات المتبعة على الحدود مع إيران و«تفقد الإجراءات الوقائية من فايروس (كورونا)، في منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران في محافظة البصرة». وكذلك زار مبنى المستشفى التركي الجديد و«بحث مع القائمين عليه إمكانية تخصيص ردهة كاملة لعلاج المصابين بالفايروس». وأوضح البيان أن «عبد المهدي تفقد الإجراءات في منفذ الشلامجة الحدودي، واستمع من هناك لحديث عدد من العاملين فيه ومجموعة من المواطنين حول سبل السلامة المتبعة، ووجه بعدم التهاون في الإجراءات الواجب اتباعها واصفا عمل اللجان الصحية العاملة والدوائر المساندة لها بالمهمة الوطنية الكبيرة لحماية أرواح المواطنين ومنع انتشار الفايروس في بلدنا العزيز».
وبشأن ما إذا كانت جولة عبد المهدي تهدف إلى إعادة طرح نفسه ثانية أو إنها مرتبطة بمسؤوليته حيال مخاطر انتشار مرض كورونا، يقول النائب عن تحالف القوى العراقية عبد الله الخربيط لـ«الشرق الأوسط» إن «جولة عبد المهدي فرضتها تطورات مرض كورونا لا حاجته إلى التسويق الإعلامي والسياسي»، مبينا أن «تطورات الأوضاع المرتبطة بالمرض المستجد وتسجيل حالات جديدة ووضع الحدود مع إيران أجبرت الرجل على التحرك وهي تحسب له لا عليه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».