الاتحاد الأفريقي يطلب من السودان ومصر وإثيوبيا التوافق حول سد النهضة

فقيه يدعو لتقديم دعم عاجل لحكومة الخرطوم في مواجهة الظروف الاقتصادية القاهرة

رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأفريقي يطلب من السودان ومصر وإثيوبيا التوافق حول سد النهضة

رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك (أ.ف.ب)

طلب الاتحاد الأفريقي من السودان ومصر وإثيوبيا، السعي لإيجاد صيغة توافقية لتجاوز الخلافات، بشأن ملف سد النهضة، ودعا المجتمع الدولي لتقديم دعم عاجل للسودان لمعالجة الأوضاع الاقتصادية الحالية.
ووقعت مصر بالأحرف الأولى على مسودة اتفاق قواعد ملء وتشغيل سد النهضة في 29 من فبراير (شباط) الماضي، وفيما تغيبت إثيوبيا عن حضور الاجتماع الذي عقد في واشنطن، قدم السودان ملاحظات على المسودة، مؤكداً التزامه بعملية التفاوض لأجل الوصول لاتفاق شامل.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقيه، في مؤتمر صحافي أمس في ختام زيارة للسودان استمرت ثلاثة أيام، إن المنظمة الأفريقية تجري اتصالات مع المانحين والدول الصديقة لمساعدة السودان في هذه المرحلة المحورية المهمة التي يمر بها.
والتقى فقيه خلال زيارته الخرطوم التي وصل إليها الأربعاء الماضي، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك.
وأضاف: «أجريت مع المسؤولين في السلطة الانتقالية بمستوياتها المختلفة نقاشا صريحا وعميقا حول الأوضاع السياسية الراهنة في البلاد وأولويات الفترة الانتقالية». ورأى المسؤول الأفريقي أن أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية تحسين الأوضاع الاقتصادية وإنجاح مفاوضات السلام مع الحركات المسلحة.
وقال فقيه: «يجب على المجتمع الدولي والدول الصديقة تقديم الدعم العاجل للسودان في هذه المرحلة الانتقالية لتجاوز الأوضاع الاقتصادية الحالية، وأن يسهموا في رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب».
وشكلت الحكومة الانتقالية في السودان، أول من أمس، آلية عليا لإدارة الأزمة الاقتصادية الخانقة تنفذ حزمة إجراءات عاجلة لتوفير السلع الاستراتيجية من الوقود والقمح والدواء. وذكر رئيس المفوضية، أنه تحدث مع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، حول مطالبات السودان والقرار الصادر عن القمة الأفريقية التي عقدت مؤخراً بأهمية إزالة السودان من قائمة الإرهاب. وأكد فقيه استعداد الاتحاد الأفريقي التام للتعاون مع السلطة الانتقالية في قضايا مرحلة الانتقال. وقال إنه لمس توافقا وتقاربا في وجهات النظر بين المسؤولين السودانيين في أجهزة الحكم رغم التحديات الكبيرة التي تواجه بلادهم، مناشداً جميع الفاعلين في الساحة السياسية ضرورة تعزيز الوحدة والشراكة بينهم لإنجاح الفترة الانتقالية والابتعاد عن كل فعل أو قول لا يناسب الأوضاع.
وأشاد بالخطوات التي قطعتها الأطراف السودانية؛ الحكومة والحركات المسلحة في عملية المفاوضات التي تجري في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان. وقال إن السلام من أولويات المرحلة الانتقالية، ولكن لم يكلف الاتحاد الأفريقي إلى الآن بملف عملية السلام. وأضاف: «بحثت مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، ونائبه، ورئيس الوزراء، هذا الملف، والاتحاد الأفريقي جاهز للتوافق ومشاركة حكومة جنوب السودان في إدارة المفاوضات لدعم عملية السلام والأمن والاستقرار في السودان والإقليم».
وحول ملف سد النهضة، قال فقيه، إن نهر النيل منذ القدم هو رابط بين الشعوب والدول الأفريقية، وأضاف: «نحن في الاتحاد الأفريقي نطلب من إخوتنا في السودان وإثيوبيا ومصر لسعي لإيجاد صيغة توافقية في هذا الملف».
وكان مجلسا السيادة والوزراء، والمجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، بحثوا في اجتماع طارئ أول من أمس، الأزمة الاقتصادية في البلاد وتداعياتها.
وأقر رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، بأن الأزمة الاقتصادية الخانقة تزيد من معاناة الشعب السوداني، جراء ندرة السلع الاستراتيجية وتدهور قيمة الجنيه السوداني. وكون مجلسا السيادة والوزراء لجنة طوارئ لإيجاد حلول عاجلة للأوضاع الحالية التي تعيشها البلاد، بجانب وضع خطط متوسطة وطويلة الأجل للنهوض بالاقتصاد. وتشهد مدن السودان نقصا حادا في الوقود ودقيق الخبز، ويقف المواطنيون في صفوف طويلة للحصول على حصصهم من الوقود والخبز.
وأعلنت الحكومة أنها بصدد إطلاق حملة في غضون الأيام المقبلة يشارك فيها السودانيون بالخارج والداخل للبناء الوطني. وتقدر وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي احتياجات السودان من السلع الاستراتيجية (الوقود، والقمح، والدواء) بنحو 302 مليون دولار شهريا.
قال وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي أول من أمس إن بلاده في أمس الحاجة إلى العملة الصعبة لمواصلة شراء سلع استراتيجية، وبخاصة القمح، بعد أن تراجعت احتياطيات البلاد من القمح إلى ما «لا يساوي أكثر من سبعة أيام».
وأثار نقص الخبز، الناجم عن صعوبات في الحصول على عملة صعبة لاستيراد القمح، الاحتجاجات الحاشدة التي قادت الجيش لإنهاء حكم الرئيس عمر البشير الذي استمر ثلاثين عاما في أبريل (نيسان). ومنذ ذلك الحين، تتلقى البلاد شحنات من القمح والبنزين من السعودية والإمارات، لكنها اضطرت لتنفيذ مشتريات إضافية لتغطية احتياجاتها في ظل نقص كبير في العملة الأجنبية.
وقال البدوي خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم إن البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) لم يستطع تدبير 28 مليون دولار كانت لازمة للحصول على شحنة خمسين ألف طن من القمح في الميناء وتعين اللجوء إلى الفاخر، وهي شركة خاصة غير معروفة تأسست في 2015، للحصول على الأموال في مقابل جنيهات سودانية. وقال البدوي إن الأموال كانت مشروطة بشراء ذهب محلي للتصدير، وهو ما فعلته الشركة من خلال بيع 155 كيلوغراما بشكل مبدئي. وقال: «هذه الباخرة كنا في أمس الحاجة لها حتى نستطيع توفير قمح يغطي حاجة البلاد حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) حيث كان المخزون المتبقي من القمح لا يساوي أكثر من سبعة أيام».
تتولى الحكومة المدنية التي ينتمي لها البدوي المسؤولية لثلاث سنوات بموجب اتفاق لتقاسم السلطة مع الجيش. وقال البدوي في نوفمبر (تشرين الثاني) إن بلاده تلقت أكثر قليلا من نصف الدعم البالغ ثلاثة مليارات دولار من أجل صادرات القمح والوقود التي تعهدت بها السعودية والإمارات في أبريل، ومن المتوقع سداد الباقي بنهاية العام المقبل.
ويواصل السودان أيضا دعم الخبز والوقود، مما يفرض ضغطا إضافيا على المالية العامة للبلاد، ويقول إنه يهدف إلى مواصلة دعم الخبز لكن مع تحسين الكيفية التي يُستهدف بها المستحقون. وفي ظل أزمة يعيشها منذ فقدان أغلب ثروته النفطية مع انفصال الجنوب في 2011، تمر البلاد بنقص حاد في النقد الأجنبي. وارتفع الدولار إلى نحو مثلي سعر الصرف الرسمي مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء هذا الأسبوع.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».