«إياتا» يتوقع أن تصل خسائر الطيران إلى 113 مليار دولار

يناير يسجل أبطأ حركة سفر جوي منذ 10 سنوات

يتوقع «الاتحاد الدولي للنقل الجوي» صدمة كبرى في القطاع حال تفشي «كورونا» بشكل أوسع (رويترز)
يتوقع «الاتحاد الدولي للنقل الجوي» صدمة كبرى في القطاع حال تفشي «كورونا» بشكل أوسع (رويترز)
TT

«إياتا» يتوقع أن تصل خسائر الطيران إلى 113 مليار دولار

يتوقع «الاتحاد الدولي للنقل الجوي» صدمة كبرى في القطاع حال تفشي «كورونا» بشكل أوسع (رويترز)
يتوقع «الاتحاد الدولي للنقل الجوي» صدمة كبرى في القطاع حال تفشي «كورونا» بشكل أوسع (رويترز)

قال «الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)»، أمس الخميس، إن شركات الطيران قد تخسر ما بين 63 و113 مليار دولار من إيرادات نقل المسافرين عالمياً في 2020 بناء على مدى انتشار فيروس «كورونا». وقال برايان بيرس، كبير اقتصاديي «إياتا» خلال إيجاز صحافي في سنغافورة إن المرة السابقة التي واجه فيها القطاع صدمة كهذه كانت في 2009 أثناء الأزمة المالية العالمية.
وقال «إياتا» إن تصور خسارة 63 مليار دولار يقوم على افتراض انحصار المرض في الأسواق الحالية التي بها أكثر من 100 حالة مسجلة كما في 2 مارس (آذار) الحالي، أما الخسارة الأعلى فعلى أساس توقعات لانتشار المرض على نطاق أوسع. وسيعني هذا التراجع أن تنخفض إيرادات نقل المسافرين عالمياً بين 11 و19 في المائة.
وكان «الاتحاد» قال في 20 فبراير (شباط) الماضي إن تفشي الفيروس سيكلف شركات الطيران إيرادات قدرها 29.3 مليار دولار، في حال اقتصار التفشي بدرجة كبيرة على الأسواق المرتبطة بالصين.
كما كشف «الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)»، عن بيانات حركة المسافرين جواً لشهر يناير 2020، والتي تظهر ارتفاعاً في الطلب (الذي يقاس بناءً على إيرادات المسافر الواحد لكل كيلومتر) بنسبة 2.4 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2019، ما يشكل انخفاضاً بنسبة 4.6 في المائة من حيث معدل الزيادة السنوية مقارنة بالشهر الماضي.
ويعدّ هذا الأداء أدنى زيادة شهرية منذ أبريل (نيسان) 2010، عندما حدثت أزمة سحابة الرماد البركاني في أوروبا والتي أدت إلى إغلاق المجال الجوي على نطاق واسع وإلغاء العديد من الرحلات الجوية. فيما سجلت سعة شهر يناير (التي تُقاس بعدد المقاعد المتاحة في الكيلومتر الواحد) نمواً بنسبة 1.7 في المائة، وارتفع عامل الحمولة بواقع 0.6 نقطة مئوية ليبلغ 80.3 في المائة.
وقال أليكساندر دو جونياك، المدير العام والرئيس التنفيذي لـ«الاتحاد الدولي للنقل الجوي»، في بيان الخميس: «يشير شهر يناير إلى بداية انخفاض حركة السفر الجوي نظراً لانتشار فيروس (كورونا) الذي كان سببه التأخر في فرض قيود السفر على الرحلات الآتية من الصين حتى 23 يناير، ما أدى إلى تسجيل أبطأ حركة سفر جوي منذ نحو 10 سنوات».
وسجّلت حركة المسافرين الدوليين زيادة بنسبة 2.5 في المائة قياساً بالنتائج المسجلة في يناير 2019. وهو ما يمثل انخفاضاً عن النمو الذي بلغ 3.7 في المائة في العام السابق. وباستثناء أميركا اللاتينية، سجلت جميع المناطق نمواً في حركة المسافرين، مع تصدُّر شركات الطيران في أفريقيا والشرق الأوسط والتي تأثرت بشكل خفيف من تفشي فيروس «كورونا» في يناير الماضي. كما ارتفعت السعة بنسبة 0.9 في المائة، وعامل الحمولة بواقع 1.2 نقطة مئوية ليبلغ 81.1 في المائة.
وفيما يخص الشحن الجوي، قال «إياتا» إن الطلب العالمي على الشحن الجوي تراجع في يناير، بحساب كيلومترات طن الشحن بنسبة 3.3 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من 2019. بينما زادت طاقة الشحن بحساب كيلومترات طن الشحن المتاحة 0.9 في المائة على أساس سنوي في يناير 2020.
وقال دي جونياك إنه كان هناك تفاؤل بأن يعطي تخفيف التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين دفعة للقطاع في 2020، لكن تفشي «كوفيد 19» طغي على ذلك... وأضاف أن الأوقات المقبلة ستكون صعبة وأن مسار الأحداث المستقبلية غير واضح.
وكان دي جونياك قال الشهر الماضي، في تعليق على نتائج 2019: «شهد عام 2019 العديد من حالات التصعيد والتوتر التجاري، والتي أثرت سلباً وبشكل كبير على أداء قطاع الشحن الجوي، ليغدو 2019 هو الأسوأ منذ نهاية الأزمة المالية العالمية».
ويعزى تراجع أداء الشحن الجوي في عام 2019 إلى النمو الضعيف في التجارة العالمية بنسبة 0.9 في المائة فقط. كما أن ضعف أداء القطاع يعزى بشكل خاص إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات كثيفة التصنيع، فضلاً عن تراجع أداء الأعمال وتدني ثقة المستهلكين، وانخفاض طلبات التصدير، والتي فرضت بدورها مزيداً من التحديات على قطاع الشحن الجوي.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.