السودان يؤكد حاجته إلى دعم دولي عاجل بمواجهة الأزمة الاقتصادية

وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي
وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي
TT

السودان يؤكد حاجته إلى دعم دولي عاجل بمواجهة الأزمة الاقتصادية

وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي
وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي

اعترف وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي بسوء وضع البلاد الاقتصادي، ووصفه بأنه «استثنائي»، مرجعاً أزمته إلى عهد النظام السابق، واعتذر للشعب على عدم نجاح الحكومة الانتقالية في تحسينه ومعالجة الأزمات المستفحلة الناتجة منه.
وسجل اقتصاد السودان عام 2018 معدل انكماش بنسبة 2.3 في المائة، وذلك فقاً لتقرير لصندوق النقد الدولي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتوقع التقرير انكماشاً في معدل إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.5 في المائة في عام 2019.
وارتفعت معدلات التضخم إلى 60 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وواصل سعر صرف الجنيه السوداني في الأسواق الموازية (السوداء) انخفاضه سريعاً مقابل العملات الأجنبية.
وتدهورت المالية العامة نتيجة للدعم المتزايد للوقود وضَعْف تعبئة الإيرادات، في حين ارتفع عجز المالية العامة من 7.9 في المائة في 2018 إلى 9.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2019، ووفقاً لخبراء لا تزال الآفاق أمام اقتصاد السودان شديدة القتامة، ما لم يتم تعديل السياسات وإجراء إصلاحات شاملة.
وقال البدوي في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن «البلاد تمر بوضع اقتصادي متداعٍ ورثته عن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير»، بيد أنه أقر بفشل حكومته حتى الآن، في كبح معدلات التضخم العالية وتحسين سعر صرف العملة الوطنية.
وأوضح أن السودان في حاجة عاجلة إلى دعم خارجي من العملات الأجنبية لتوفير السلع الاستراتيجية من القمح والمشتقات البترولية، قاطعاً بعدم تلقي السودان منذ سقوط نظام البشير لأي دعم دولي، عدا من السعودية والإمارات، وامتدح موقفهما وقال إن الدعم السعودي - الإماراتي تم توجيهه لمدخلات الإنتاج وتوفير احتياجات البلاد من القمح والدواء.
وقدمت السعودية والإمارات دعماً بلغ ثلاثة مليارات دولار للسودان عقب سقوط نظام البشير، وشمل الدعم السعودي - الإماراتي إيداع مبلغ 500 مليون دولار ببنك السودان المركزي لتحسين سعر صرف العملة الوطنية، إضافة إلى مساعدات تتمثل في توفير مشتقات بترولية وأدوية وقمح لتغطية حاجة استهلاك البلاد من المواد الاستراتيجية.
وقال البدوي، إن البلاد تواجه نقصاً حاداً في احتياطيات العملات الأجنبية، وإن بنك السودان المركزي عجز في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن توفير مبلغ 28 مليون دولار، لتمويل شراء حمولة باخرة من القمح لسد حاجة البلاد من دقيق الخبز؛ ما دفع وزارة المالية إلى اللجوء للقطاع الخاص لتوفير المبلغ لتغطية استيراد السلعة الاستراتيجية.
وحمّل المسؤول السوداني العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد المسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية، وقال: «نظام البشير، بدد ثروات الحقبة النفطية في البلاد قبل انفصال دولة جنوب السودان، ومع غياب الرؤية الإصلاحية للنظام البائد أصبح الاقتصاد السوداني كالمريض الذي لا يتناول الأدوية».
وأوضح البدوي وجود مضاربات في سوق النقد الأجنبي، وقال إن خطاب وزارة الخارجية الأميركية لوزارة الخارجية السودانية بخصوص رفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد أول من أمس أسهم في خفض سعر الدولار إلى 85 جنيهاً سودانياً في السوق الموازية، رغم أنه لم يحوِ جديداً، بيد أنه تراجع وقال: «يمكن لخبر (آخر) سيئ أن يؤدي إلى خفض سعر صرف الجنيه كذلك، ما يؤكد وجود المضاربات».
وأقرت الحكومة السودانية موازنة الدولة لعام 2020، بإيرادات إجمالية بلغت 567.3 مليار جنيه سوداني، ما يعادل نحو 12.2 مليار دولار. وبلغت مصروفات الموازنة الجارية نحو 84.4 مليار جنيه، في حين يصل العجز إلى نحو 16.1 مليار جنيه، وفي المصروفات الرأسمالية المتعلقة بالتنمية تم رصد مبالغ تقدر بـ58 مليار جنيه.
وجدد وزير المالية التأكيد على التزام وزارته بالمؤسسية المهنية وفقاً للإجراءات القانونية التي تحقق سلامة التنفيذ، وأشار إلى التنسيق والتعاون بين المؤسسات المعنية بالبلاد لتنفيذ السياسات المالية والنقدية بشكل محكم.
وأعلن الوزير عن تفاهم تم بين الحكومة ومنظومة الصناعات الدفاعية بتبعية الشركات ذات الطبيعة المدنية التي تمتلكها الأجهزة الأمنية والعسكرية لوزارة المالية، وأضاف أنه «سيتم إعلان ذلك قريباً بعد تكوين لجنة مختصة من الجهات المعنية لحصر تلك الشركات».
ولم يقدم البدوي شروحاً بشأن إعادة الأموال السودانية المنهوبة من قبل منسوبي النظام البائد والمودعة خارج البلاد، باعتبارها ملفاً عدلياً تتولاه وزارة العدل، ويحتاج التعامل معه إلى سرية تامة لارتباطه بعلاقات الدول.



انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)
منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)
TT

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)
منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار، وفقاً لمسح حديث، ما يُشكل نكسةً جديدة لجهود رئيس الوزراء كير ستارمر في تعزيز النمو الاقتصادي.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات الأولي لشركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، الذي نُشر يوم الجمعة، إلى 49.9 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو مستوى أقل من مستوى عدم التغيير البالغ 50 نقطة للمرة الأولى في 13 شهراً، من 51.8 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

وقال كبير الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال»، كريس ويليامسون: «إن أول مسح بعد الموازنة لصحة الاقتصاد يعطي قراءة متشائمة». وأضاف: «قام أصحاب العمل بتقليص أعداد العاملين للشهر الثاني على التوالي؛ حيث خفضت الشركات الصناعية عدد موظفيها بأسرع وتيرة منذ فبراير، مع تزايد التشاؤم بشأن الآفاق المستقبلية».

وأشار المسح إلى أن مؤشر الأعمال الجديدة سجّل أضعف مستوى له منذ نوفمبر الماضي، وهو ما يعكس التأثير السلبي للنظرة المستقبلية الضعيفة للاقتصاد العالمي، خاصة مع تراجع قطاع السيارات. ولكن السياسات التي بدأتها حكومة حزب العمال البريطانية كانت أيضاً أحد الأسباب الرئيسية للقلق.

وقال ويليامسون: «إن الشركات توضح رفضها للسياسات المعلنة في الموازنة، وخاصة الزيادة المخطط لها في مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل». وقامت المستشارة راشيل ريفز بزيادة مبلغ مساهمات الضمان الاجتماعي التي يجب على أصحاب العمل دفعها، وخفض الحد الأدنى للمبلغ الذي يجب على الشركات دفعه، في خطوة تهدف إلى زيادة الإيرادات لتمويل الخدمات العامة.

وقد أشار العديد من أصحاب الأعمال إلى أن التغييرات في الموازنة تتعارض مع وعد ريفز وستارمر بتحويل المملكة المتحدة إلى أسرع اقتصادات مجموعة السبع نمواً.

وكان الزخم الاقتصادي ضعيفاً بالفعل؛ حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المائة فقط في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي نُشرت الأسبوع الماضي. كما أظهرت الأرقام الصادرة يوم الخميس أن الاقتراض الحكومي تجاوز التوقعات في أكتوبر، مما يعكس اعتماد ريفز المحتمل على تحسن النمو الاقتصادي لتوليد الإيرادات الضريبية اللازمة لتمويل المزيد من الإنفاق على الخدمات العامة.

وأفاد المسح بأن الشركات لا تقوم بالتوظيف ليحلوا محل الموظفين الذين يغادرون، في الوقت الذي تستعد فيه لارتفاع متوقع في تكاليف الأجور في أبريل (نيسان).

وأشار ويليامسون إلى أن المسح أظهر أن الاقتصاد قد ينكمش بمعدل ربع سنوي قدره 0.1 في المائة، لكن تراجع الثقة قد ينذر بمعدل أسوأ في المستقبل، بما في ذلك مزيد من فقدان الوظائف.

وارتفعت أسعار البيع بأبطأ وتيرة منذ الجائحة، لكن الارتفاع الحاد في أسعار المدخلات وتكاليف الأجور كان يثقل كاهل قطاع الخدمات، وهو ما قد يثير قلق بعض أعضاء لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، الذين يراقبون عن كثب الأسعار في قطاع الخدمات.

كما قفزت معدلات التضخم بشكل أكبر من المتوقع الشهر الماضي، مما يوضح السبب وراء توخي البنك المركزي الحذر في خفض أسعار الفائدة. وقد تراجع مؤشر النشاط التجاري للقطاع الخدمي، الأكثر هيمنة في الاقتصاد، إلى أدنى مستوى له في 13 شهراً عند 50 من 52.0 في أكتوبر. كما تراجع مؤشر التصنيع إلى 48.6، وهو أدنى مستوى له في 9 أشهر، من 49.9 في أكتوبر.