الحوثيون يجبرون كل مدرسة على انتقاء 15 طالباً للقتال

حملات تجنيد إلزامية في أحياء صنعاء ومدن يمنية أخرى

الحوثيون يفتعلون أزمة الغاز في صنعاء لتجنيد مقاتلين (إ.ب.أ)
الحوثيون يفتعلون أزمة الغاز في صنعاء لتجنيد مقاتلين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يجبرون كل مدرسة على انتقاء 15 طالباً للقتال

الحوثيون يفتعلون أزمة الغاز في صنعاء لتجنيد مقاتلين (إ.ب.أ)
الحوثيون يفتعلون أزمة الغاز في صنعاء لتجنيد مقاتلين (إ.ب.أ)

على وقع المواجهات العنيفة التي تشهدها محافظة الجوف وجبهات قتالية أخرى بين قوات الجيش الوطني اليمني وميليشيات الحوثي الانقلابية، تدور معارك ثانية من نوع آخر في عدد من مناطق وأحياء العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة للميليشيات.
ونتيجة للضربات الموجعة والخسائر الفادحة، التي تعرضت وما زالت تتعرض لها الميليشيات بصورة مستمرة في جبهات قتالية عدة، شنّت الجماعة خلال اليومين الماضيين في العاصمة صنعاء والمناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرتها، حملات حشد وتجنيد واسعتين لاستقطاب مقاتلين جدد في صفوفها.
وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن جماعة الحوثي فرضت على أعيان الأحياء والحارات رفد جبهات القتال بعناصر جدد، حيث ألزمت كل عاقل حي بتوفير 10 مقاتلين، وهددتهم بعقوبات مشددة في حال خالفوا أوامرها وتوجيهاتها.
وبدأ مشرفو الجماعة وعقال الأحياء - وفق المصادر – في افتعال أزمة في غاز الطهي بمعظم حارات العاصمة، وتعمد وكلاء الميليشيات إخفاء الأسطوانات والتلاعب بأسعارها؛ بهدف الضغط على السكان ومقايضتهم بمد الجماعة بمقاتلين مقابل توفير مادة الغاز.
وعلى صعيد ما تعانيه مدارس العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى من استهداف حوثي ممنهج بالذات لعقول الصغار، فقد شهدت مدارس العاصمة، منذ مطلع الأسبوع الحالي، غياباً ملحوظاً لمئات الطلبة الذين رفضوا استمرار الحضور، جراء ما تقوم به الجماعة من حملات تجنيد في أوساطهم واستخدامهم وقوداً في معاركها العبثية.
وكشفت مصادر تربوية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن عدداً كبيراً من أولياء الأمور قرروا منع أولادهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك التي تُطبق الميليشيات الحوثية الخناق والسيطرة الكاملة عليها، وفضّلوا إبقاءهم في المنازل خوفاً عليهم من عملية الاستهداف الواسعة التي تشنها الميليشيات في أوساط طلبة الصفوف (الابتدائية والإعدادية والثانوية).
كما كشف معلمون في مدارس حكومية بصنعاء، عن خلو الفصول الدراسية بمدارسهم، وارتفاع نسبة تسرب الطلبة، وأرجعوا ذلك إلى الحملة الحوثية المتواصلة التي تستهدف المدارس وتستغل صغار السن في معاركها تعويضاً لخسائرها الفادحة بجبهات القتال.
وتحدث معلمون لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة فرضت على مديري المدارس اختيار 15 طالباً من كل مدرسة حكومية في صنعاء؛ لأخذهم إلى جبهات القتال دون علم أهاليهم.
وفي حين أشار المعلمون إلى موجة غضب في أوساط السكان المحليين نتيجة استغلال الميليشيات للمؤسسات التعليمية بعد تعطيلها وتجريفها واستمرار حملاتها التي تلزم الطلاب بالالتحاق بصفوفها، شكا عدد من أولياء الأمور لـ«الشرق الأوسط»، من تجنيد الحوثيين القسري لأطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون علمهم إلى أماكن مجهولة وتدريسهم «الملازم الخمينية»، وكذا تدريبهم على الأساليب والوسائل القتالية كافة، وتلقينهم أفكاراً طائفية.
في السياق نفسه، ألزمت الميليشيات الحوثية في ذمار (جنوب صنعاء)، عقال الحارات ومديري المدارس باستقطاب مجندين، وتحصيل مبالغ مالية من الطلبة لدعم الجبهات.
وأفادت مصادر محلية في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، بأن ميليشيات الحوثي، المدعومة إيرانياً، عقدت مطلع الأسبوع الحالي، اجتماعاً بعقال الحارات والأحياء ومديري مدارس المحافظة بمدينة ذمار، برئاسة القيادي الحوثي المدعو عباس العمدي وألزمت من خلاله كل عاقل حي بجمع خمسة مقاتلين، ومديري المدارس بتحصيل 300 ريال كمجهود حربي من كل طالب وطالبة (نحو نصف دولار).
وقالت المصادر، إن عناصر الميليشيات بذمار تعيش حالة من الذعر والإرباك، وتعاني نقصاً شديداً في أعداد مقاتليها، نتيجة ما تتكبده من خسائر كبيرة في جبهات القتال.
واستمراراً لمسلسل الانتهاكات والجرائم الحوثية المتواصلة بحق أبناء ذمار، اختطفت الجماعة، منتصف الأسبوع الماضي، العشرات من الأطفال من صغار السن من عدد من المديريات التابعة للمحافظة.
ورصد مراقبون محليون قيام الجماعة باختطاف 39 طفلاً من عدد من أحياء ومديريات المحافظة خلال الأسبوع الأخير من شهر فبراير (شباط) المنصرم، بعد اختطاف 17 طفلاً في الأسبوع الثالث من الشهر ذاته.
وأوضح المراقبون المحليون، أن الميليشيات اختطفت 29 طفلاً من أحياء وشوارع مدينة ذمار، كما اختطفت 10 أطفال من قرى مديريتي «جهران وميفعة عنس»، ونقلتهم إلى مراكز خاصة بالتعبئة الطائفية تحت مسمى «دورة ثقافية».
ويرجّح المراقبون، أن الميليشيات الحوثية بصدد الدفع بالأطفال المختطفين إلى معسكرات التدريب، بعد إنهاء الدورة التعبوية، ومن ثم الزج بهم في جبهات القتال، في حين لا يعرف الأهالي مصير أبنائهم حتى اللحظة، إلا أنهم في دورات ثقافية، بحسب قول الميليشيات لهم.
وأفاد سكان في ذمار بأن الجماعة اختطفت أيضاً خمسة أطفال من قرية «حصن قديد» بمديرية ميفعة عنس (شرق المحافظة) في حين حمّل الأهالي كامل المسؤولية عن الاختطاف عدداً من القادة الحوثيين، وهم يحيى الديلمي المكنى بـ«أبو علي»، وأحمد علي الحماطي «أبو عامر»، وعادل مطهر.
وأكدت المصادر، أن القيادي الحوثي أحمد لقمان المكنى «أبو الزهراء»، اقتحم مع عدد من عناصره، قرية صنعة بمديرية جهران الواقعة شمال محافظة ذمار، واختطف خمسة أطفال واقتادهم إلى أماكن غير معروفة.
وتقول تقارير محلية، إن الجماعة الانقلابية لا تزال حتى اللحظة تمارس عمليات الاختطاف والتعبئة الخاطئة للأطفال التي تجعل البعض منهم يفر من أهله وينتقل إلى صفوف الميليشيات، ومن المرجح أن المختطفين تم نقلهم إلى مديرية آنس، حيث النقطة الأولى للدورات التحريضية والطائفية، ومن ثم إلى جبهات القتال الحوثية.
ويأتي ذلك الكم الهائل من الانتهاكات والجرائم الحوثية بحق اليمنيين، بالتزامن مع الخسائر الفادحة التي تتكبدها الجماعة المدعومة من إيران، في أكثر من جبهة، حيث خسرت أعداداً كبيرة من القتلى والجرحى بينهم قيادات بارزة؛ الأمر الذي ضاعف من حاجتها إلى تعويض تلك الخسائر بحملات تجنيد جديدة تستهدف مختلف الشرائح والفئات اليمنية.
وعلى صلة بالموضوع، استمرت الجماعة في استقبال جثث المئات من قتلاها إلى مشافي العاصمة صنعاء بصورة يومية. وكشفت مصادر خاصة بصنعاء، عن توجيه الجماعة الانقلابية قبل أسبوع ونصف الأسبوع من الآن وبشكل سري بسرعة إخراج المئات من جثث قتلاها المكدسين داخل عدد من ثلاجات مستشفيات العاصمة ودفنهم بصورة سرية وغامضة. وأكدت المصادر، أن قادة الجماعة المسيطرين على الصحة وجهوا بشكل سري، بإخراج العشرات من صرعى الميليشيات من ثلاجات المستشفيات الحكومية والخاصة التي تكتظ بها بسبب الضغط الكبير عليها، واستمرار تدفق عشرات الجثث يومياً من المعارك الدائرة في جبهات الجوف وصرواح.
وكشفت المصادر عن أن غالبية الجثث من قتلى الميليشيات التي تم إخراجها من المستشفيات نقلت على متن شاحنات نقل متوسطة وهي مجهولة الهوية ومبتورة الأطراف وبلا رؤوس وبعضها عبارة عن أشلاء.
ورجحت المصادر قيام الميليشيات بدفن قتلاها بمقابر جماعية تقع في مناطق نائية خارج العاصمة صنعاء بطريقة وصفت بـ«اللاإنسانية» لتخفيف الضغط على ثلاجات المستشفيات بالعاصمة صنعاء حتى تتسع لجثث قتلاها القادمة من جبهات القتال.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.