«العمل» الإسرائيلي لحكومة برئاسة غانتس تضم «القائمة المشتركة»

مع تفاقم الأزمة السياسية وخطر الانجرار لانتخابات رابعة

بيني غانتس، رئيس حزب الجنرالات
بيني غانتس، رئيس حزب الجنرالات
TT

«العمل» الإسرائيلي لحكومة برئاسة غانتس تضم «القائمة المشتركة»

بيني غانتس، رئيس حزب الجنرالات
بيني غانتس، رئيس حزب الجنرالات

في الوقت الذي يبدو أن الأزمة الإسرائيلية الحزبية تتفاقم من جديد وبات خطر التوجه لانتخابات رابعة ماثلا للعيان، بادر حزب العمل، الذي يقود تحالف أحزاب اليسار الصهيوني، إلى طرح مشروع لتشكيل حكومة برئاسة بيني غانتس، رئيس حزب الجنرالات، مع تحالفه ومع القائمة العربية المشتركة، وحتى مع حزب اليهود الروس بقيادة أفيغدور ليبرمان.
وقالت النائبة ميراف ميخائيلي، أمس، إن هذه الفكرة تعتبر الوحيدة الممكنة لسد الطريق أمام بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة يمين متطرف. وأضافت: «محظور التوجه إلى انتخابات رابعة. يجب عرض بديل سلطوي ملموس. وهو يوجد في متناول اليد، ولا حاجة ببساطة إلا لأخذه. فهذه الأحزاب تشكل معا أغلبية 62 مقابل 58. وقد وعد غانتس بإشفاء الحياة السياسية الفاسدة ورأب الصدع، والآن حان الوقت للإيفاء بالوعد. فتحالف (العمل - جيشر – ميرتس) يقف على يسارك مع كل الخطط والمبادئ، وأنا أطالبك وأطالب قادة الكتلة: خذوا هذه المقاعد، التي هي الأغلبية، وشكلوا حكومة تفعل ما هو خير لدولة إسرائيل. الآن. أنا أطلب من بيني غانتس، باسم الأغلبية، أن يرص صفوف هذا التجمع وأن يشكل منه حكومة تحل محل حكومة نتنياهو الداعمة للفساد الشخصي والسلطوي والتي تدفعه إلى الأمام وتمزق هذه الدولة إربا. لا لنتنياهو، نعم لحكومة جديدة. هيا نفعل هذا».
وقال النائب عومر بارليف إنه يؤيد هذه الخطوة ويرى فيها «السبيل الوحيد». وأكد أن مثل هذه الحكومة يجب أن تقوم على أساس ثلاثة شروط: تشريع قانون تجنيد يضمن خدمة متساوية ومتفقا عليها للعلمانيين والأصوليين؛ وإقرار ميزانية لسنتي 2020 – 2021، وتخصص فيها مبالغ مالية مهمة لتقليص الفجوات بين مواطني إسرائيل العرب واليهود، ولا سيما تخصيص مبالغ لخطط القضاء على العنف في الوسط العربي. واقترح أن تحدد الحكومة لنفسها سنة واحدة للتجربة، فإذا لم تنجح، يتم التوافق على إجراء انتخابات في شهر مارس (آذار) 2021، وشدد بارليف على أن «وحدها حكومة كهذه يمكنها أن تخلي الفاسد من مقر رئيس الوزراء كي ينشغل بشؤونه القضائية».
ومع أن اقتراحا كهذا لا يبدو واقعيا في الوقت الحاضر؛ لأن ليبرمان يرفض أي تعاون مع المشتركة وكذلك ترفض المشتركة أي تعاون معه. إلا أن طرحه للنقاش في الشارع، يظهر توجها جديدا في الحركة الصهيونية، التي كانت أحزابها تستثني العرب تماما من الشراكة في الحكم، منذ اغتيال إسحاق رابين سنة 1995. وقد جاءت في وقت كان فيه نتنياهو قد اعتبر «القائمة المشتركة» خارج أي حسابات للحكم، «لأنها تساند الإرهاب الفلسطيني». وحاولت بعض الشخصيات العربية من فلسطينيي 48 إقناع قادة «القائمة المشتركة» بعدم رفض اقتراح حزب العمل، وأخذ هذه الفرصة باليدين الاثنتين. لكن قادة المشتركة يخشون أن يكون غانتس يناور لأهداف سياسية ذات أجندة مختلفة. وقال أحد نواب القائمة إن «هناك إمكانية اليوم لسن قانون يمنع متهما بالفساد من تشكيل حكومة. وبعد أن أعرب رئيس حزب (يسرائيل بيتينو)، ليبرمان، عن تأييد حزبه لسن القانون، أصبحت له أكثرية 62 صوتا. لكن غانتس يتجه لسن القانون، مع بند يجعله يسري بدءا من الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) المقبل وليس الحالي، مما يعني أنه لن يسري على نتنياهو». وأضاف أنه يخشى أن يكون غانتس يقصد بذلك مجرد ممارسة ضغط على نتنياهو حتى يقبل بتشكيل حكومة وحدة بينهما يتناوبان فيها على رئاسة الحكومة، فيبدأ غانتس في النصف الأول من الدورة (سنتين)، يتفرغ خلالهما نتنياهو لمتابعة محاكمته.
وأكد قادة الأحزاب الثلاثة، المشتركة والعمل وليبرمان، أنهم يؤيدون قانونا كهذا فقط إذا تم تفعيله في هذه الدورة ومنع نتنياهو من تشكيل الحكومة. وذكر المحلل السياسي في صحيفة «معريب»، بن كسبيت، أمس، أن «نتنياهو صوّت مؤيدا مبادرة مشابهة للغاية في الكنيست، عام 2008، عندما كان رئيس الحكومة إيهود أولمرت، متورطا بتهم الفساد». وقال كسبيت إن القانون لن يسن، حسب اعتقاده، «أولا لأنها لن تصمد في المحكمة العليا. وثانيا، لأنه لا توجد أغلبية تؤيده من قادة كحول لفان الأربعة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».