انسحاب وارن يحصر المنافسة بين بايدن وساندرز

أعلنت السيناتورة الديمقراطية إليزابيث وارن عن انسحابها من السباق الرئاسي لتصبح ساحة المعركة فارغة إلا من نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن والسيناتور بيرني ساندرز. ومع تعزيز بايدن لموقعه كالمرشح الأبرز لنيل تسمية حزبه، عاد ملف العزل إلى واجهة الساحة السياسية الأميركية، لكن الهدف هذه المرة ليس الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بل المرشح الديمقراطي جو بايدن. فبمجرّد أن اتضحت صورة فوزه في الثلاثاء الكبير، بدأ الجمهوريون في مجلس الشيوخ بدراسة استراتيجية هجومية على منافس ترمب المحتمل، من خلال توظيف معلومات حصلوا عليها خلال تحقيقات العزل. وأعلن أعضاء لجنة الأمن القومي في مجلس الشيوخ من الجمهوريين أنهم سيبدأون مرحلة جديدة في تحقيقاتهم ببايدن ونجله هنتر وذلك على خلفية علاقة هذا الأخير بشركة باريزما الأوكرانية. وقال رئيس اللجنة رون جونسون: «كانت هناك أسئلة كثيرة لم يجب عنها جو بايدن بشكل مناسب. ولو كنت ناخباً ديمقراطياً في الانتخابات التمهيدية لكنت أردت أجوبة مناسبة قبل أن أدلي بصوتي». وقال جونسون للصحافيين إن لجنته تنوي إصدار تقريرها عن التحقيقات بعلاقة بايدن بباريزما بعد شهر أو شهرين، أي قبل عقد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي.
وعلى الرغم من أن جونسون أكّد أن توقيت التحقيق لا يتعلّق بتوقيت السباق الانتخابي، فإنه يتزامن مع الفوز الكبير الذي حققه بايدن في انتخابات الثلاثاء الكبير، وتصاعد احتمالات فوزه بترشيح الحزب الرسمي. ويتخوف الديمقراطيون من التحركات الجمهورية وتوقيتها، وهم كانوا يعلمون منذ خوضهم لإجراءات عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الجمهوريين لن يتخلون عن ملف باريزما وهنتر بايدن بعد أن جعلوا منه محور دفاعهم ضد العزل. وقال النائب الديمقراطي جيم هايمز: «بعد غياب امتد على أسابيع لموضوع باريزما، سوف يحيي الجمهوريون الملف ويستعملونه كهراوة لضرب جو بايدن».
من جهته قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف أن الجمهوريين يساعدون على نشر الأكاذيب الروسية من خلال سعيهم للتحقيق بآل بايدن: «أنا قلق من وجود توجه في مجلس الشيوخ يعطي مصداقية للقصص الروسية. من المدمّر أن يعمل هؤلاء بالتوازي مع حملات الترويج الروسية».
اتهامات نفاها زميل بايدن السابق السيناتور رون جونسون بشدة فقال: «تحقيقاتي لا تركز على آل بايدن فحسب لكني لا أستطيع تجاهلهم لأنهم جزء من القصة. هم جعلوا أنفسهم جزءاً من القصة». وتابع جونسون: «إن كان هناك أي تصرف خاطئ يجب على الأميركيين معرفة ذلك. وأن لم يكن هناك أي تصرف خاطئ فعلى الأميركيين فهم ذلك أيضاً».
وقد ثارت ثائرة حملة بايدن الانتخابية لدى سماع أنباء تحركات جونسون، وأصدر المتحدث باسم الحملة أندرو بايتس بياناً قال فيه: «السيناتور جونسون قدم لنا خدمة عن غير قصد من خلال الاعتراف بصراحة أنه يستغل صلاحياته في الكونغرس بطريقة مهينة لآبائنا المؤسسين». وتابع بايتس: «نحن علمنا أن دونالد ترمب خائف من مواجهة جو بايدن في الانتخابات لأنه حاول دفع دولة أجنبية لنشر أكاذيب متعلقة بنائب الرئيس الأمر الذي أدى إلى عزله». مما لا شك فيه أن هذه التحركات ستتزايد مع احتدام السباق الانتخابي وتشنج الأجواء السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين. فالمعركة الانتخابية في نوفمبر (تشرين الثاني) لا تقتصر على تلك الرئاسية، بل تشمل انتخابات تشريعية في مجلسي الشيوخ والنواب وسيسعى الطرفان إلى تجييش الرأي العام الأميركي لكسب الأصوات والفوز بالأغلبية.
وقد عمل فريق ترمب الدفاعي جاهداً خلال محاكمة عزله في مجلس الشيوخ على تعزيز الاتهامات بالفساد بحق بايدن ونجله هنتر فيما يتعلق بشركة باريزما الأوكرانية التي كان هنتر عضواً في مجلس الإدارة فيها. وقد بنى محامو الدفاع قضيتهم على دحض ادعاءات الديمقراطيين بأن ترمب استغل منصبه للضغط على نظيره الأوكراني فولديمير زيلينسكي بفتح تحقيق ببايدن لدوافع سياسية. فقالوا إن سبب طلب التحقيق هو قلق الرئيس الأميركي من ضلوع بايدن بقضية فساد في أوكرانيا.
وقد نفى مسؤولون في الخارجية الأميركية الاتهامات الموجهة إلى بايدن، وقالوا إن نائب الرئيس الأميركي حينها كان يقود جهوداً أميركية رسمية لمكافحة الفساد في أوكرانيا في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
ويقول البعض إن تركيز فريق الدفاع على بايدن أثر سلباً عليه في السباق الانتخابي وأدى إلى خسارته في انتخابات أيوا ونيوهامشير، وأن الجمهوريين لاحظوا هذا الأمر وبدأوا بالتخطيط لطرح الموضوع مجدداً في حال عاد بايدن إلى ساحة الفوز، الأمر الذي حصل بالفعل في ساوث كارولاينا والثلاثاء الكبير. ويخشى الديمقراطيون من أن يكون ملف باريزما نقطة ضعف بايدن، فهو يتلعثم كلما واجه أسئلة حول علاقة ابنه بالشركة، بسبب حساسيته المفرطة من إدخال عائلته في الصراع السياسي. لكن زميله السابق السيناتور ليندسي غراهام، والذي كان مقرباً منه يختلف معه الرأي ويقول: «إذا ترشحت لرئاسة البلاد وكنت مسؤولاً عن جهود مكافحة الفساد في أوكرانيا كنائب رئيس وأصبح ابنك عضواً في مجلس إدارة أكثر شركة فاسدة في أوكرانيا خلال سعيك لتطهير البلاد. فهذه الأمور سوف تطرح خلال السباق».