أهالي البقاع خائفون من «فوضى» عبور الوافدين براً من إيران إلى لبنان

TT

أهالي البقاع خائفون من «فوضى» عبور الوافدين براً من إيران إلى لبنان

«أي لبناني مقيم في أي دولة بالعالم من حقه أن يرجع إلى بلده». هكذا ينص الدستور، على ما قال وزير الصحة حمد حسن في تعليقه على الإجراءات المتخذة لاستقبال 400 طالب لبناني يفترض أن يعودوا عبر مطار دمشق من إيران، ثم عبر نقطة المصنع عند الحدود اللبنانية السورية، مضيفاً: «أي لبناني يأتي بالبحر والبر والجو لا نستطيع منعه»، وذلك في رد على هلع اللبنانيين من فيروس «كورونا».
ويتخوف أهالي المناطق المحيطة بنقطة المصنع من التعتيم الذي يرافق دخول الوافدين من إيران. وينتقدون النقص الهائل في الإجراءات. وأهمها فرض وضع الكمامات والقفازات عليهم. ومن ثم نقلهم إلى أماكن الحجر. ولا يخفون قلة ثقتهم بالإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة، وخوفهم من انتقال العدوى فيما سخر بعضهم الآخر من التعميم بأن العابرين إلى لبنان من إيران عبر مطار دمشق هم «طلاب».
ويشيرون إلى أن قلة منهم كانوا من الشباب، أما الغالبية فهم ممن تجاوزوا الأربعين من أعمارهم، ونسبة المسنين بينهم لا بأس بها.
ويشير من كان في نقطة المصنع إلى أن بعض هؤلاء «الطلاب» ليسوا لبنانيين، والواضح أن بينهم عدداً من الذين يحملون جنسيات غير لبنانية. ويقول ناصر أبو زيد مختار بلدة مجدل عنجر المتاخمة لنقطة المصنع لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة اللبنانية تمنع العائدين من إيران من دخول لبنان من المطار، لتسهّله من الحدود مع سوريا. وهذه الاستنسابية مثيرة للجدل. يجب المنع أينما كان».
ويضيف: «قمة الاستهتار تظهر في الاكتفاء بميزان الحرارة كأداة للكشف الصحي. ماذا لو كانت الإصابة بفيروس كورونا لا تزال في بدايتها، ولم تتسبب بعد بارتفاع الحرارة؟ كيف يسمحون للوافدين بالمرور من دون كمامات؟ نحن خائفون لأن أكثر من 800 شخص من البلدة يعملون عند نقطة المصنع، وغالبية أصحاب المحلات التجارية والصيارفة هم من مجدل عنجر».
وعن وجود غير لبنانيين بين من يفترض أنهم «طلاب لبنانيون»، يقول المختار: «بالطبع، شاهدنا إيرانيين وباكستانيين وحاملي جنسيات مختلفة ممن ترسلهم إيران إلى سوريا.
وهم يدخلون عبر المصنع دائماً، وليس فقط في المرحلة الراهنة، ومع تأمين الحماية الكاملة لهم. أغلب الأحيان يمرون بعد منتصف الليل، تحت جنح الظلام وبكثافة. ويكونون في باصات لا أحد يعرف من فيها.
وممنوع الاقتراب منها. ولا أحد يراجع اللوائح التي تعد لدخولهم. ويقال إن معظم راكبي هذه الباصات يدخلون إلى لبنان ليلتحقوا بمعسكرات التدريب التابعة لـ«حزب الله». ويطالب أبو زيد بأن «يتم عزل هؤلاء في حجر صحي للفترة اللازمة والمعروفة وإجراء كامل الفحوصات المخبرية لهم، وإلا فلن تتأخر الكارثة».
ويوافق طبيب الصحة العامة جوزيف أيوب، في البقاع الغربي، على أن إجراءات وزارة الصحة بدائية منذ تسجيل الإصابة الأولى. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «ميزان الحرارة الذي يستخدم لقياس حرارة الوافدين إلى لبنان ليس دقيقاً في الأساس. وهذه التقنية لا تكفي لتأكيد وجود المرض، والأخطر لتأكيد عدم وجوده. حتى إن الفحص السريري ليس كافياً. والتقنية الوحيدة الفعالة متوفرة في مستشفى بيروت من خلال الفحص المخبري المتعلق بكشف تركيبة فيروس الكورونا». ويحذر أيوب من «عجز الدولة حيال تفشي الفيروس، فعدد الأسرّة في مستشفيات منطقة البقاع الغربي وراشيا، مثلاً، يتراوح بين 150 إلى 200 سرير، وهو ليس كافيا. ووزارة الصحة لا تزال مربكة. لذا الخوف موجود، وإن كانت الإجراءات الحالية تحمي جزئياً في أحسن الأحوال.
لكن وعي الناس هو ما يشجع، فأكثريتهم يتجنبون التجمعات ويأخذون احتياطاتهم ويحرصون على النظافة. والمستشفيات تشدد على التعقيم». وفي حين يقول أحد الأهالي: «قمة المهزلة أن وزير الأشغال عمم إقفال جميع المعابر برا وبحرا وجواً، في حين تعبر باصات نقطة المصنع قادمة من مطار دمشق تنقل ركابا قادمين من قم من دون أي معلومات عن وضعهم الصحي.
وعندما نسأل بعضهم إن كان قد تم التأكد من حالتهم قبل ركوبهم الطائرة، يجيبون بالنفي». ويضيف: «نسبة كبيرة تدخل لبنان من دون المرور بالأمن العام، من المعابر غير الشرعية المعروفة من الجميع. بالتالي تجهل الجهات الرسمية اللبنانية أسماء من دخلوا بهذه الطريقة». ويضيف أن «الناس يتجنبون زيارة العائدين من إيران. كما يتجنبون تقديم واجب العزاء في المآتم، ويكتفون بالتعزية عبر الهاتف.
وحتى قبل الإعلان الرسمي عن وقوع أول إصابة بفيروس كورونا، لاحظنا ارتباكاً بمواجهة حالات مرضية، قد تكون نتيجة الإصابة بالفيروس، ولكن من دون تشخيص، لأن السفر إلى إيران لم يتوقف ولم يستوجب أي حذر، بسبب التعتيم الإيراني على انتشار المرض، قبل انفضاحه بالتزامن مع الإصابة اللبنانية الأولى». إلا أن الطبيب أيوب يستبعد وقوع إصابات بفيروس «كورونا»، قبل الإعلان عنها.
ويقول إنه «يعاين منذ حوالي الشهرين مرضى مصابين بإنفلونزا حادة تصعب معالجتها، وتستغرق أحياناً حوالي الشهرين للشفاء، لكن لم تسجل أي وفاة بسببها».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.