وزير الصناعة الأردني في العاصمة السورية... وعمان تحضر الزيارة بـ«البعد الاقتصادي»

TT

وزير الصناعة الأردني في العاصمة السورية... وعمان تحضر الزيارة بـ«البعد الاقتصادي»

نفت مصادر سياسية أردنية رفيعة أن تكون الاجتماعات التي حضرها وزير الصناعة والتجارة الأردني، طارق الحموري، في دمشق، قد حملت أي رسائل سياسية رسمية، خلال اللقاءات التي انعقدت مع نظيره السوري.
وقالت مصادر أردنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» إنها ترفض أن تكون الزيارة موجهة في سياق أي رسائل سياسية تتعلق بالعلاقات الأردنية - السورية الرسمية، التي تتصف بـ«المجمدة» منذ اندلاع الأزمة هناك في عام 2011، مؤكدةً على حصر اللقاء الرسمي الأول من نوعه بملف التبادل التجاري والملفات الاقتصادية المشتركة بين البلدين، واقتصاره على لقاء وزيرَي الاختصاص.
وأفادت المصادر من عمان بأن هدف الزيارة لأول مسؤول رسمي أردني هو بحث الملفات التجارية العالقة بين البلدين، التي يصر الأردن على تصويبها، منذ إعادة فتح الحدود البرية، واستئناف الحركة من معبر «جابر - نصيب»، في نهاية عام 2018.
وضيقت المصادر الأردنية آفاق الزيارة، وحصرتها في بعد إصرار عمان على سياسة اعتبار أن «المصالح الاقتصادية مهمة»، لتأخذ مسافة أمان تحفظ من خلالها علاقاتها بدول الجوار ومصالح المواطنين والشركات في البلدين. وذكرت بأن عمّان أبلغت الولايات المتحدة منذ استئناف الحركة بين الحدود والمعابر البرية، بأن «قرارها الاقتصادي مستقلّ حيال مصالحها الاقتصادية مع دول الجوار»، على الرغم من العقوبات الأميركية على سوريا، وأن عمّان «تحترم وتطبق قرارات مجلس الأمن والاتفاقيات الدولية».
وأكدت المصادر أن الأردن لم يقطع علاقته مع سوريا طيلة سنوات الأزمة، وأن الاتصالات بين البلدين كانت قائمة على أساس المصالح المشتركة في ملفات حيوية، مذكّرة المصادر ذاتها باستمرار عمل سفارتي البلدين، وتطور التنسيق الأمني في مرحلة حرجة من مراحل الحرب على الحدود.
وأوضحت أن الزيارة قد أُعدّ لها منذ وقت سابق، وجرى تأجيل موعدها لغايات تنظيم أجندة الاجتماعات وحصرها ضمن الملفات التجارية والاقتصادية العالقة بين البلدين، وبما يسهم في التخفيف من حدة الشكاوى، خصوصاً لقطاعات النقل وحركة المسافرين.
واكتفى البيان الختامي المشترك للاجتماع الوزاري السوري – الأردني، في دمشق، على حصر المباحثات ضمن آليات النهوض بـ«حجم التبادل التجاري في السلع الصناعية والزراعية، ضمن القوائم التي يتم التوافق عليها، بالتعاون مع الوزارات المختصة، وتعزيز التعاون المشترك في مجال النقل والموارد المائية». ليؤكد البيان «وضع جدول زمني يتضمن خطوات عمل واضحة لضمان متابعة التنفيذ للفترة المقبلة بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية».
وخلال الاجتماع الوزاري الثنائي لوزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني طارق الحموري، ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري محمد سامر الخليل، أكد الجانبان على الرغبة المشتركة في تنمية وتعزيز العلاقات الثنائية من خلال التباحث في مستقبل العلاقات الاقتصادية الأردنية - السورية، وسبل تطويرها، لا سيما في عدد من المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك. وقد تم الاتفاق على أن يقوم الوزيران بمتابعة ملفات الفرق الفنية المعنية، التي تضم التجارة في السلع، والزراعة، والنقل والموارد المائية.
وشدد الوزيران، وفقاً للبيان الرسمي، على أهمية تذليل العقبات التي تقف عائقاً أمام الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية، وضرورة العمل المشترك نحو تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية، كركيزة أساسية داعمة لهذه العلاقات، لينتهي بتأكيد «نية الجانبين عقد اجتماعات متابعة خلال الفترة المقبلة، كما تم الاتفاق على تشكيل فرق عمل للبحث في التفاصيل الفنية الخاصة بالجدول الزمني المتوافق»، كما وجّه «وزير الصناعة الأردني دعوة لنظيره السوري لمتابعة دخول الخطوات المتفق عليها حيز التنفيذ».
وأعادت السلطات الأردنية والسورية افتتاح المعبر البري «جابر - نصيب» بين البلدين، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2018. دون أن تشهد حركة التبادل التجاري صعوداً ملحوظاً بسبب معوقات تتعلق بالشحن الرسوم المفروضة وعمليات التفتيش إذ سجلت حركة التبادل التجاري بين البلدين بعد عام 2011 انخفاضات وصل بعضها إلى 70 في المائة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».