أغلبية النواب يرفضون دفع السندات المستحقة على لبنان

بري حمّل المصارف مسؤولية خسارة 75 % من الدين

من اجتماع الرئيس بري مع النواب أمس (موقع البرلمان)
من اجتماع الرئيس بري مع النواب أمس (موقع البرلمان)
TT

أغلبية النواب يرفضون دفع السندات المستحقة على لبنان

من اجتماع الرئيس بري مع النواب أمس (موقع البرلمان)
من اجتماع الرئيس بري مع النواب أمس (موقع البرلمان)

حمّل رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، المصارف مسؤولية الخسارة في الدين، مؤكداً أن غالبية الشعب والكتل النيابية ترفض دفع سندات «يوروبند» المستحقة على لبنان، وشدّد على أن «المسّ بالودائع من المقدسات».
وقال بري خلال لقائه ممثلين عن الكتل النيابية «أغلبية الشعب اللبناني، وكذلك المجلس النيابي، ترفض رفضاً مطلقاً الدفع المسبق. والمطلوب دعم الحكومة من قبل الجميع لهذا الموقف ولو أدى إلى التعثر». وأضاف: «إن المصارف التي أوصلتنا إلى خسارة نسبة الـ75 في المائة من الدين تتحمل المسؤولية مع الشارين الأجانب، فإذا أرادوا إعادة الهيكلة دون قيد أو شرط ودون دفع أي مبلغ أو نسبة من المبلغ أو فائدة فليكن، عدا ذلك فإننا مع أي تدبير تتخذه الحكومة ما عدا الدفع، ومرة أخرى المس بالودائع من المقدسات». وأكد بري على «وحدة الموقف الداخلي معارضة وموالاة، ووحدة وطنية لمجابهة هذه الأزمة».
وأوضحت مصادر مشاركة في الاجتماع النيابي أن كلام بري بأن المجلس يرفض دفع السندات ينطلق من مواقف معظم الكتل النيابية، على اختلاف توجهاتها السياسية التي تدعم خيار عدم الدفع. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «دعوة بري الجميع لدعم الحكومة في خيارها يعود لقناعته بأن الخلافات السياسية والسجالات طالما انعكست سلباً على كل المجالات في لبنان، وبالتالي أي أزمة وطنية تتطلب مقاربتها بإجماع وموقف موحد لمواجهتها وقطع الطريق أمام أي تداعيات، مع تأكيده على أن المرحلة لا تحتمل المناكفات السياسية». ولفتت المصادر إلى أنه خلال البحث في الاجتماع النيابي أمس كان شبه إجماع على أهمية اتخاذ القرار الأقل ضرراً وسوءاً بالنسبة إلى دفع استحقاق (اليوروبند)، وذلك بما يحمي ودائع المواطنين، ولا سيما المودعين الصغار، كما على المصارف التي اشترت السندات أن تتحمل المسؤولية».
وفيما سبق لكتل نيابية عدة أن أيدت خيار عدم دفع استحقاق «اليوروبند»، وهو ما يتعارض مع موقف المصارف، تدعم «كتلة اللقاء الديمقراطي» الموقف الداعي إلى التفاوض والاتفاق على إعادة الجدولة، بحسب ما يقول النائب هادي أبو الحسن، مشيراً في الوقت عينه إلى أن الكتلة ستصدر موقفها بشأن دفع سندات «اليوروبند» في وقت لاحق.
وقال أبو الحسن الذي كان حاضراً اللقاء النيابي مع بري، لـ«الشرق الأوسط»: «في اجتماع النواب مع رئيس البرلمان الكلام كان واضحاً وصريحاً حول القضية التي تشغل لبنان اليوم بمسؤوليه والرأي العام، وأن خيار لبنان ليس عدم الدفع، إنما القيام بهذه الخطوة من شأنه أن يرتّب على الدولة تداعيات كثيرة، أهمها شحّ السيولة وعدم ضمان تأمين المواد الأولية». وفيما يتعلق بموقف «الاشتراكي» أوضح أبو الحسن: «نترك المهمة للحكومة لاستكمال مناقشاتها بهذا الشأن واتخاذ القرار بما يحفظ مصداقية لبنان، وسنعلن عن موقفنا الرسمي بعد اجتماع للكتلة النيابية»، مضيفاً: «لم نعط الثقة للحكومة، لكن موقعنا الوطني يحتّم علينا اتخاذ القرار المسؤول، وهو ضرورة التضامن لمواجهة المخاطر وإعطاء فرصة للحكومة بعيداً عن العرقلة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان، مع تأييدنا إجراءات (صندوق النقد الدولي)، ورفض الاقتطاع من ودائع الناس والذهاب باتجاه الإصلاحات الجدية والحاسمة، وعلى رأسها أزمة الكهرباء».
وكان جنبلاط قال يوم أول من أمس: «في ظلّ هذه الأزمات الهائلة المتمثلة بـ(الكورونا) والكهرباء والـ(يوروبند) لا بد من دعم الحكومة فوق الاعتبارات الضيقة، لأنّه إذا حلّ الفراغ مجدّداً سقطنا جميعاً في المجهول».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».