من الصعب احتواء موجة كساد اقتصادي بسبب «كورونا»... لماذا؟

السياسات المالية والنقدية قد تكون حجراً صحياً محتملاً

ضرب الفيروس قطاع الطيران في مقتل وبالتالي قطاع السياحة (نيويورك تايمز)
ضرب الفيروس قطاع الطيران في مقتل وبالتالي قطاع السياحة (نيويورك تايمز)
TT

من الصعب احتواء موجة كساد اقتصادي بسبب «كورونا»... لماذا؟

ضرب الفيروس قطاع الطيران في مقتل وبالتالي قطاع السياحة (نيويورك تايمز)
ضرب الفيروس قطاع الطيران في مقتل وبالتالي قطاع السياحة (نيويورك تايمز)

بمرور الوقت تزداد احتمالات أن يتسبب تفشي النمط الجديد من فيروس «كورونا» في أضرار اقتصادية ملموسة للولايات المتحدة. ويوحي الوضع العام على صعيد أسعار الأسهم والسندات بالفعل، أن تفشي فيروس «كورونا» من الممكن أن يوقف أطول فترة توسع اقتصادي مسجلة في تاريخ البلاد؛ بل وقد يدفع الاقتصاد نحو حالة من الركود.
وتبدو المخاطر أكبر عند النظر إلى حقيقة أن هذه الأزمة على وجه التحديد لا تبدو متوافقة مع أي من الأدوات المعتادة التي تستخدمها الحكومة في تحقيق استقرار على الصعيد الاقتصادي. وإذا حدث ركود فمن المحتمل أن يأتي نتيجة التنافر بين التأثيرات الاقتصادية للوباء المحتمل، والآليات التي تستخدمها الحكومة في إطار محاولاتها الحفاظ على استمرار النمو الاقتصادي.
ورغم أنه بإمكان التخفيضات التي أعلنها بنك الاحتياطي الفيدرالي في معدلات الفائدة - والتي تبدو أكثر احتمالاً الجمعة بعد البيان الذي أصدره رئيس البنك، جيروم باول - تقليص تكاليف الاقتراض ورفع أسعار الأسهم، فإنه ليس باستطاعتها استبدال السلع التي تنتجها مصانع أغلقت أبوابها الآن للحيلولة دون إصابة عامليها بفيروس «كورونا» الجديد أو «كوفيد - 19»، وما يسببه من مرض خطير في الجهاز التنفسي. ويمكن أن تحاول الحكومة ضخ مزيد من الأموال في جيوب الناس مباشرة، عبر أدوات مثل الخصومات الضريبية؛ لكن المال وحده عاجز عن ملء رفوف المتاجر الخالية.
وبخلاف القيود الطبيعية التي تواجهها أي سياسة ترمي إلى تخفيف أثر ضرر ما، ثمة خلفية اقتصادية وسياسية للحظة الراهنة: نحن أمام احتياطي فيدرالي لا يحظى بمساحة كبيرة لتقليص معدلات فائدة منخفضة بالفعل، وكونغرس منقسم على نفسه تبعاً لتحيزات حزبية، في وقت يسعى فيه رئيس إلى الفوز بإعادة انتخابه.
وإذا تخيلنا الانحسار الاقتصادي المحتمل نيراناً، فإن مكافحي هذا الانحسار يبدون كفرقة مطافئ تعاني نقصاً في الإمدادات، ويتقاتل أفرادها فيما بينهم، وربما يفتقرون إلى الكيماويات المناسبة لإطفاء النيران من الأساس.
في هذا الصدد، قال جوزيف بروسيلاس، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى شركة «آر إس إم» للمحاسبة: «أنظر إلى مزيج من السياسات المالية والنقدية باعتبارها حجراً صحياً محتملاً، فكل ما بمقدورها فعله حقاً تخفيف أثر الصدمة على سلاسل الإمداد وتقليص التداعيات».
جدير بالذكر أن الركود الذي يجري تعريفه باعتباره تراجعاً كبيراً في النشاطات الاقتصادية يستمر لأكثر من بضعة شهور، لم يحدث في الولايات المتحدة منذ ما يزيد على 10 سنوات. وإذا حدث ركود الآن، فإن هذا يعني ارتفاع معدلات البطالة وتضاؤل الدخول. وستكون تلك فترة انحسار اقتصادي مختلفة عن جميع الفترات التي وقعت في السنوات الأخيرة.
الواضح أن لب المشكلة الاقتصادية الناجمة عن فيروس «كورونا» يتمثل في حدوث صدمة على جانب العرض أو الإمداد، بمعنى انخفاض قدرة الاقتصاد على صنع الأشياء. المعروف أن الشركات الموجودة في الصين أغلقت أبوابها لخضوع العاملين فيها إلى حجر طبي، وبالتالي فإنهم لا يصنعون سلعاً. وقد يعني ذلك نهاية الأمر حدوث نقص في مواد بعينها لا تتوفر لها سوى مصادر قليلة للغاية بمناطق أخرى من العالم.
جدير بالذكر أن الشركات متعددة الجنسيات عادة ما تعتمد على سلاسل إمداد معقدة، مع مخزونات هزيلة، وعادة ما تصل السلع الأساسية في اللحظات الأخيرة. ويعني ذلك أن الشركات الأميركية المعتمدة بشدة على جهات إمداد صينية ربما تواجه نقصاً في سلع أساسية خلال الأسابيع القادمة، حسبما ذكرت ندا ساندرز، بروفسورة إدارة سلاسل الإمداد لدى «نورث إيسترن يونيفرستي».
وأضافت: «أعتقد أننا سنكابد نقصاً هائلاً في السلع. منذ أسبوعين أخبرت الناس أن هذا الأمر سيحدث. وكانت المشكلة الكبرى أن خبراء اقتصاديين لا يدركون كيفية عمل سلاسل الإمداد العالمية، وكيف تتداخل وتتصل بعضها ببعض». وقالت إن هذه المشكلة ستؤثر على نحو خاص على قطاعي الدواء والأجهزة الإلكترونية.
من ناحية أخرى، ليس بمقدور السياسات الاقتصادية الشاملة فعل أي شيء حيال صدمات إمداد كتلك؛ لكن من الممكن أن تسفر صدمات العرض عن صدمات على جانب الطلب، وهنا يمكن للسياسات الاقتصادية المساعدة.
من ناحيتها، تشبِّه تارا سنكلير التي تدرس دورات النشاط التجاري بجامعة «جورج واشنطن»، الأمر بمتجر بقالة، فالمتجر الذي تظهر رفوفه خالية من السلع يعاني مشكلة إمداد أو عرض، بينما المتجر الذي تمتلئ رفوفه بالسلع لكن لا يوجد به عملاء يعاني مشكلة طلب. وبوجه عام، من الأسهل تعزيز الطلب على المدى القصير عن العرض على المدى القصير؛ إلا أن مشكلات العرض من الممكن أن تمتد وتصبح مشكلات طلب، والعكس صحيح.
عن هذا، قالت سنكلير: «إذا كان المتجر خالياً من المنتجات، فإن الناس لن يرتادوا المتاجر بعد ذلك، وسيخسرون وظائفهم، ويعجزون عن شراء أي شيء. هذا هو موطن المخاطرة هنا».
على سبيل المثال، في بعض أجزاء إيطاليا التي تفشى فيها الوباء، تعطلت مظاهر الحياة اليومية، وتباطأت وتيرة السياحة، وأصبحت المطاعم والمتاجر خالية مع سعي الناس لتجنب التعرض للفيروس. ومن الممكن أن يسفر ذلك عن تراجع دخول العاملين في مثل تلك المطاعم والمتاجر، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى مزيد من التراجع في الطلب على جميع المنتجات، ليلحق بذلك الضعف بالاقتصاد بوجه عام.
وبالمثل، يمكن أن تصاب الشركات بالإفلاس إذا ما تجمدت الحركة داخل الأسواق المالية، ويتعذر على الشركات الحصول على اعتمادات، ما يعني أن الشركات القوية ربما ينتهي بها الحال إلى تسريح عمالة أو إغلاق أبوابها.
في هذه الحالة، لن تكون مهمة السياسات الاقتصادية حل الصدمة التي أصابت جانب العرض أو الإمداد، وإنما محاولة الحيلولة دون تحول هذه الصدمة الأولية في جانب العرض إلى صدمة أخرى على جانب الطلب.
وعليه، فإنه على سبيل المثال يمكن أن تعرض الحكومات تخفيضات ضريبية واسعة النطاق، أو مدفوعات مباشرة للعمال الذين يعانون البطالة. وبإمكان الاحتياطي الفيدرالي في ظل انخفاض معدلات الفائدة، العمل على ضمان استمرار تدفق التمويل. ومن الممكن أن تتيح هذه الإجراءات للمستهلكين والشركات المساحة اللازمة للتفكير في كيفية التصرف، رغم المشكلات التي يواجهونها.
إلا أن هذا لا يشكل التحدي الوحيد، ذلك أنه إذا انتشر فيروس «كورونا» على نطاق واسع في الولايات المتحدة، وقرر المسؤولون فرض مناطق حجر صحي، فإن التأثير الاقتصادي المترتب على ذلك سيكون من الصعب على الخبراء الاقتصاديين إيجاد سبيل لمواجهته ـ فما الذي يمكن أن يحدث لاقتصاد خدمي إذا عجز الناس عن التنقل أو التسوق، أو حتى الذهاب إلى العمل بسلامة وأمان؟ الإجابة: لا أحد يعلم على وجه اليقين.
وربما تكون المقاربة الأقرب هنا ما حدث في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية، عندما تعطل الطيران الجوي على نحو مؤقت، ومع هذا لم يمنع الغالبية العظمى من الأميركيين من الذهاب إلى أعمالهم. أما في ظل مثل تلك السيناريوهات الأشد قتامة، تبقى حقيقة ما سيحدث على أرض الواقع مفتوحة على شتى الاحتمالات.
من ناحيتها، قالت سنكلير: «هناك كثير من الأسباب التي تدعو للاعتقاد بأننا لا نملك كثيراً من الأدوات في مواجهة هذا الأمر. إنها قضية تتعلق أكثر بجانب العرض، وليس بإمكاننا فعل الكثير لتحفيز العرض. وإذا ما امتدت إلى جانب الطلب، فسيصبح هذا اختباراً حقيقياً لما إذا كان لدى الاحتياطي الفيدرالي أي قوة حقيقية باقية، وما إذا كانت لدينا شهية تجاه نمط المحفزات المالية المؤثرة». بمعنى آخر: سيكون هذا اختباراً لمدى قدرات السلطات المعنية بالصحة العامة على احتواء الفيروس؛ بحيث لا نفرض على المؤسسات الاقتصادية عبئاً مفرطاً.
- خدمة «نيويورك تايمز»



مصر تُضيف 28 طائرة إلى أسطولها لمواكبة الانتعاشة السياحية

المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)
TT

مصر تُضيف 28 طائرة إلى أسطولها لمواكبة الانتعاشة السياحية

المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)

أعلنت مصر عن تعزيز أسطولها الوطني في مجال الطيران المدني، عبر إضافة نحو 28 طائرة جديدة تابعة لشركة «مصر للطيران»، بدءاً من يناير (كانون الثاني) المقبل وعلى مدى عامين، لمواكبة الانتعاشة السياحية التي تشهدها البلاد، ولا سيما عقب افتتاح المتحف المصري الكبير مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأكد رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، أن مؤشرات التدفق السياحي هذا العام تُسجل أرقاماً مميزة، مشيراً إلى أن تقديرات الحكومة تتوقع ارتفاعات متتالية في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، في ظل الزخم الحالي، خصوصاً بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.

وأكّد مدبولي، خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة الاستشارية لتطوير السياحة المصرية، أنه يتم العمل مع وزارة الطيران المدني لتعزيز حجم الأسطول الوطني بإضافة نحو 28 طائرة جديدة تابعة لشركة «مصر للطيران» بدءاً من يناير المقبل ولمدة عامين، كما يتم العمل على تيسير دخول مختلف الشركات الخاصة للمطارات المصرية، وفق بيان لرئاسة مجلس الوزراء، الخميس.

وأشار إلى بدء طرح المطارات المصرية للإدارة والتشغيل بواسطة القطاع الخاص، مؤكداً العمل على زيادة سعات عدد من المطارات بما يُسهم في استيعاب الزيادة الحالية في أعداد الوافدين، إلى جانب تعزيز كفاءة الإدارة والتشغيل.

وتعمل مصر على تحسين تجربة السائحين بداية من دخولهم المطار حتى الخروج منه وعودتهم إلى بلادهم، بما يتضمنه ذلك من تيسير لإجراءات التأشيرة الاضطرارية والإلكترونية.

ووفق تصريحات مدبولي، فإن الحكومة تستهدف مُضاعفة حجم الغرف السياحية عن طريق المستثمرين السياحيين، ومبادرات الحكومة في هذا الشأن، ومنها القرار الذي وافق عليه مجلس الوزراء الخاص بتغيير النشاط السكنى إلى فندقي.

وقال رئيس الوزراء: «نعمل على تحسين تجربة السائح داخل مصر عند زيارته أي منطقة سياحية، والحكومة منفتحة على التعاون مع القطاع الخاص لإدارة المناطق السياحية وفق أعلى المعايير».

وشهدت مصر طفرة في أعداد السائحين خلال العام الحالي؛ حيث أشار وزير السياحة والآثار في تصريحات سابقة إلى تقديرات لعدد السائحين تصل إلى 18 مليون سائح، مقارنة بـ15.7 مليون خلال العام الماضي.

ويرى الخبير السياحي المصري، محمد كارم، أن «إضافة 28 طائرة لأسطول الطيران خطوة ذكية، وجاءت في توقيت مهم، فالدولة تتحرك بمنطق استباقي، لأنها تواكب الانتعاشة الحالية، وتتوقع مزيداً من السياحة الوافدة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «زيادة عدد الطائرات ستؤدي إلى ارتفاع عدد الرحلات، وقد تُفتح خطوط جديدة، وهو ما يسهم في تشجيع السياحة الوافدة من مناطق مثل شرق آسيا وأميركا اللاتينية وأسواق سياحية جديدة، كما يُعزز تنشيط الطيران (الشارتر) ويحسن تجربة السائح، خصوصاً مع ربط الرحلات بالمقاصد السياحية».

وأشار إلى أن أي تحسين في التجربة السياحية يوجه رسالة للمستثمرين والأسواق الخارجية لتأكيد النمو السياحي في مصر، ما يُشجع الاستثمار في البنية التحتية، والغرف الفندقية، ويسهم في زيادة أعداد السائحين.


لاغارد: قرارات الفائدة ستُبنى على البيانات دون التزام بمسار مسبق

كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)
كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

لاغارد: قرارات الفائدة ستُبنى على البيانات دون التزام بمسار مسبق

كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)
كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن تقييمات البنك تؤكد أن التضخم يُتوقع أن يستقر عند هدف البنك البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط، مشددة على قرار إبقاء أسعار الفائدة الرئيسية الثلاث دون أي تغيير. وأضافت: «نحن عازمون على ضمان استقرار التضخم عند هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط. وسنتبع نهجاً يعتمد على البيانات ويُقيّم كل اجتماع على حدة لتحديد السياسة النقدية الملائمة. وستُبنى قراراتنا بشأن أسعار الفائدة على تقييمنا لتوقعات التضخم والمخاطر المحيطة به، مع مراعاة البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، فضلاً عن ديناميكيات التضخم الأساسي وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار محدد لأسعار الفائدة».

وتشير توقعات موظفي البنك الأوروبي الجديد إلى أن معدل التضخم العام سيبلغ في المتوسط 2.1 في المائة في 2025، و1.9 في المائة في 2026، و1.8 في المائة في 2027، و2 في المائة في 2028. أما التضخم باستثناء الطاقة والغذاء فيتوقع أن يسجل 2.4 في المائة في 2025، و2.2 في المائة في 2026، و1.9 في المائة في 2027، و2 في المائة في 2028. وقد تم رفع توقعات التضخم لعام 2026 بسبب توقع تباطؤ انخفاض التضخم في قطاع الخدمات بشكل أبطأ من السابق. كما يُتوقع أن يكون النمو الاقتصادي أقوى مقارنة بتوقعات سبتمبر (أيلول)، مدفوعاً بشكل رئيسي بالطلب المحلي. وتشير التوقعات إلى نمو بنسبة 1.4 في المائة في 2025، و1.2 في المائة في 2026، و1.4 في المائة في 2027، ومن المتوقع أن يظل عند 1.4 في المائة في 2028.

النشاط الاقتصادي

أظهر الاقتصاد مرونة واضحة، حيث نما بنسبة 0.3 في المائة في الربع الثالث، مدعوماً بالإنفاق الاستهلاكي والاستثمار الأقوى. كما ارتفعت الصادرات، مع مساهمة كبيرة من قطاع الكيماويات. واستمر النمو بقيادة قطاع الخدمات، خصوصاً المعلومات والاتصالات، بينما ظل النشاط الصناعي والبناء مستقراً. من المتوقع أن يستمر هذا النمط في المدى القريب.

ويستفيد الاقتصاد من سوق عمل قوية، حيث بلغ معدل البطالة 6.4 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو قريب من أدنى مستوياته التاريخية، ونما التوظيف بنسبة 0.2 في المائة في الربع الثالث. في الوقت نفسه، تراجع الطلب على العمالة أكثر، مع وصول معدل الوظائف الشاغرة إلى أدنى مستوياته منذ الجائحة.

وتشير توقعات الموظفين إلى أن الطلب المحلي سيكون المحرك الرئيس للنمو في السنوات المقبلة. ومن المتوقع ارتفاع الدخل الحقيقي تدريجياً، وانخفاض معدل الادخار من مستواه المرتفع، ما سيدعم الاستهلاك. كما من المتوقع أن يزداد دعم الاقتصاد من استثمارات الشركات والإنفاق الحكومي الكبير على البنية التحتية والدفاع. ومع ذلك، من المرجح أن تظل بيئة التجارة العالمية الصعبة عاملاً عائقاً للنمو في منطقة اليورو هذا العام والعام المقبل.

وأشارت لاغارد إلى أن المجلس التنفيذي يؤكد على الحاجة الملحة لتعزيز منطقة اليورو واقتصادها في ظل السياق الجيوسياسي الحالي. وقالت: «نرحب بدعوة المفوضية الأوروبية للحكومات لإعطاء الأولوية للمالية العامة المستدامة، والاستثمار الاستراتيجي، والإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو. ومن الضروري استغلال الإمكانات الكاملة للسوق الموحدة وتعزيز تكامل أسواق رأس المال بسرعة، بما في ذلك إتمام اتحاد الادخار والاستثمار واتحاد البنوك، واعتماد تنظيم اليورو الرقمي بشكل عاجل».

تقييم المخاطر

على الرغم من تخفيف التوترات التجارية، فإن البيئة الدولية المتقلبة قد تعطل سلاسل التوريد، وتضعف الصادرات والاستهلاك والاستثمار. كما يمكن أن يؤدي تدهور ثقة الأسواق المالية العالمية إلى تشديد شروط التمويل وزيادة المخاطر وضعف النمو. تظل التوترات الجيوسياسية، خصوصاً الحرب الروسية ضد أوكرانيا، مصدراً رئيسياً للغموض.

من جهة أخرى، قد يدفع الإنفاق المخطط للبنية التحتية والدفاع، إلى جانب الإصلاحات الإنتاجية، النمو أعلى من المتوقع، وقد يحفز تحسن الثقة الإنفاق الخاص.

وبحسب لاغارد، تظل توقعات التضخم أكثر غموضاً من المعتاد بسبب البيئة الدولية المتقلبة. فقد يكون التضخم أقل إذا قل الطلب على الصادرات الأوروبية نتيجة الرسوم الجمركية الأميركية أو زيادة صادرات الدول ذات الطاقة الإنتاجية الزائدة إلى منطقة اليورو. وقد يؤدي ارتفاع اليورو إلى خفض التضخم أكثر من المتوقع. في المقابل، قد يكون التضخم أعلى إذا تسببت سلاسل التوريد المقطوعة في زيادة أسعار الواردات أو قيود الطاقة الإنتاجية في منطقة اليورو، أو إذا تباطأ انخفاض الضغوط على الأجور.

كما قد يؤدي زيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية، أو الأحداث المناخية القصوى، إلى رفع التضخم الغذائي أكثر من المتوقع.


«وول ستريت» ترتفع بعد تقرير التضخم الأميركي المشجع

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

«وول ستريت» ترتفع بعد تقرير التضخم الأميركي المشجع

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

ارتفعت الأسهم الأميركية يوم الخميس بعد صدور تقرير مُشجع بشأن التضخم، ما قد يتيح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من المرونة في خفض أسعار الفائدة العام المقبل. وساهمت أرباح شركة «ميكرون» القوية في وقف تراجع أسهم الذكاء الاصطناعي، على الأقل مؤقتاً.

وصعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1 في المائة بعد خسارته لأربع جلسات متتالية، وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 352 نقطة (0.7 في المائة)، فيما عزز الأداء القوي لأسهم التكنولوجيا صعود مؤشر ناسداك المركب بنسبة 1.4 في المائة. جاء هذا الارتياح بعد أن أظهر تقرير التضخم أن الأسعار ارتفعت بوتيرة أقل من توقعات الاقتصاديين، ما قد يخفف من مخاوف الاحتياطي الفيدرالي بشأن التضخم ويمنحه هامشاً أكبر لدعم سوق العمل المتباطئ، وفق «وكالة «أسوشييتد برس».

وبلغ معدل التضخم الشهر الماضي 2.7 في المائة، أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، لكنه قريب بما يكفي لترك مجال لتخفيضات محتملة في أسعار الفائدة، وهو ما يفضله «وول ستريت» لدعم الاقتصاد ورفع قيمة الاستثمارات. ومع ذلك، حذر بعض المحللين من أن التقلبات الاقتصادية الأخيرة قد تحد من تأثير التقرير، فيما قد يعطي تحديث التضخم الشهر المقبل صورة أوضح، وفق «رويترز».

على صعيد الشركات، ارتفع سهم «ميكرون» بنسبة 15.9 في المائة بعد أن فاقت أرباحها وإيراداتها توقعات المحللين، كما قدمت توقعات مستقبلية إيجابية بدعم موقعها بوصفها شركة مُمكّنة لتقنيات الذكاء الاصطناعي. وارتفعت أسهم «برودكوم» و«أوراكل» بنسبة 1.4 في المائة و2.8 في المائة على التوالي بعد تراجعها الأسبوع الماضي رغم نتائج مالية أفضل من المتوقع. وحققت «إنفيديا»، الرائدة في صناعة الرقائق، ارتفاعاً بنسبة 1.4 في المائة، فيما قفزت أسهم مجموعة ترمب للإعلام والتكنولوجيا بنسبة 23 في المائة لتعويض جزء من خسائرها السنوية، ضمن خططها التوسعية في مجالات العملات المشفرة والطاقة النووية. كما صعدت أسهم «سينتاس» بنسبة 3.1 في المائة بعد إعلان أرباح فاقت التوقعات وبرنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى مليار دولار.

عالمياً، استقرت المؤشرات في لندن، وارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في فرنسا و0.4 في المائة في ألمانيا، بعد خفض بنك إنجلترا سعر الفائدة، في حين أبقى البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة ثابتاً. وفي آسيا، تباينت الأسهم، حيث هبطت بنسبة 1.5 في المائة في كوريا الجنوبية وارتفعت بنسبة 0.2 في المائة في شنغهاي.

في سوق السندات، انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية بعد التقرير، حيث تراجع عائد سندات العشر سنوات إلى 4.11 في المائة مقارنة بـ4.16 في المائة في الجلسة السابقة.