امرأة محجبة في الكنيست الإسرائيلي

إثر الانتخابات البرلمانية الأخيرة

إيمان خطيب ترفع يدها بعد إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ف.ب)
إيمان خطيب ترفع يدها بعد إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

امرأة محجبة في الكنيست الإسرائيلي

إيمان خطيب ترفع يدها بعد إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ف.ب)
إيمان خطيب ترفع يدها بعد إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى المكسب الكبير الذي حققه المواطنون العرب في إسرائيل (فلسطينيو 48) بإيصال عدد قياسي من النواب إلى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) - 15 نائباً - برز انتخاب امرأة محجبة؛ هي السيدة إيمان ياسين خطيب. ويتوقع أن يصبح دخولها إلى مقر الكنيست في القدس الغربية وجلوسها على المقعد المخصص لها بين 120 نائباً؛ بحد ذاته حكاية. فهذه ستكون المرة الأولى التي تدخل فيها امرأة مسلمة محجبة هذا المجلس.
وخطيب عضو في «الحركة الإسلامية (الشق الجنوبي)»، وعمرها 54 عاماً وأم لأربعة أولاد، وتسكن في قرية يافة الناصرة في الجليل، بمحاذاة مدينة الناصرة. تعرف بين الرفاق بـ«الحاجة أم شحادة». انتخبت في مؤتمر «الحركة» على المقعد الرابع قبل أشهر عدة، بعد أن نافسها 11 رجلاً على المنصب. وكان انتخابها في حينه حدثاً مدوياً داخل «الحركة الإسلامية»، لكن أصداءه لم تصل إلى الرأي العام، لأن موقعها في «القائمة المشتركة» ابتعد إلى المرتبة الـ15. وفقط عند فوز القائمة بـ15 مقعداً، أخذ الانتخاب حقه في النشر والاهتمام. وخطيب هي المرأة الرابعة في كتلة «القائمة المشتركة»، إلى جانب عايدة توما سليمان، التي انتخبت في سنة 2015 وترأس لجنة المرأة في الكنيست، وهبة يزبك، التي حاولوا منعها من الترشح لنشرها تغريدة عدّت فيها سمير قنطار، أحد قياديي «حزب الله»، شهيداً، عندما اغتالته إسرائيل، وسندس صالح. وبهن يكون التمثيل النسائي في «القائمة العربية» أكبر من جميع الكتل الأخرى على الإطلاق.
ولدت إيمان في قرية عرابة في الجليل، المدينة التي اشتهرت بإطلاق الشرارة الأولى ليوم الأرض في سنة 1976. حازت اللقب الأول في جامعة حيفا بموضوع العمل الاجتماعي. وحازت اللقب الثاني في جامعة تل أبيب بالموضوع نفسه وأعدت أطروحتها حول «النساء والجندر والهوية والأمومة لدى الفتيات الفلسطينيات». شاركت في تأسيس «جمعية نساء ضد العنف» في الناصرة، مع عايدة توما؛ زميلتها في الكنيست، ثم شاركت في تأسيس وإدارة مركز للفتيات اللائي في ضائقة. وقبل 5 سنوات؛ أدارت «المركز الجماهيري» في يافة الناصرة، ثم انتقلت لإدارة «مركز جماهيري» في بلدة زيمر في المثلث، الذي يعدّ جزءاً من المنطقة التي تنص «صفقة القرن» على نقلها إلى تخوم الدولة الفلسطينية العتيدة. وقد شاركت أهل المثلث معركتهم ضد هذه الصفقة... «أنا أعتقد بأن هذه الصفقة جاءت لغرض تصفية القضية الفلسطينية وترحيلنا نحن فلسطينيي 48 وتهويد منطقة الحرم الشريف وحرماننا نحن المسلمين منه».
تعدّ إيمان الخطيب نموذجاً للمرأة المكافحة، على صعيد حياتها الشخصية أولاً، ومن ثم على صعيد نشاطها السياسي. قبل 11 عاماً، أصيبت بمرض السرطان، فأعلنت الأمر على الملأ وأكدت أنها ستكافحه وستتغلب عليه «بعون الله ودعمكم»، ونجحت في ذلك. أدت فريضة الحج في مكة المكرمة، وخاضت سلسلة مشكلات في إسرائيل بسبب حجابها. ذات مرة حاولت دخول الكنيست، للفرجة، بصفتها مواطنة عادية، فأجروا تفتيشاً دقيقاً لها تحول إلى تنكيل وأخروها أكثر من ساعة، وفي كل منصب وصلت إليه كانت تحتاج إلى جهد مضاعف. ولكن إيمان تنتمي إلى أولئك الذين يوجد لهم من اسمهم نصيب. فهي مليئة بالإيمان بأنه «بالإرادة وسلوك الطريق القويمة، يمكنك تحقيق الأهداف والطموحات».
وتقول: «نحن؛ المواطنين الفلسطينيين، في إسرائيل السكان الأصليون لهذه البلاد، ولا مفر لنا من خوض معركة البقاء باستمرار. نحمل الجنسية الإسرائيلية كمواطنين، ولكن هويتنا القومية هي فلسطينية. وفي الوقت ذاته، نريد العيش بسلام ونريد أن تتوفر لنا ولأبنائنا إمكانات العمل والتعليم. ووصولي إلى الكنيست ليس مجرد تحقيق لطموح شخصي، بل هو تحدٍّ أضيفه إلى سلسلة التحديات التي ملأت وتملأ حياتي. هكذا بدأت هذه الحياة في الصغر، واستمررت على طول الطريق. بسبب الوضع الاقتصادي الصعب لعائلتي؛ التحقت بالجامعة بعد 4 سنوات من إنهائي الثانوية العامة، وبحمد الله تخرجت في الجامعة. الأطباء قالوا لي ألا أمل لي بأن أحمل وأنجب، وبحمد الله عندي 3 أبناء؛ شباب وصبية. حتى حجابي تحول إلى تحدٍّ. وبصفتي امرأة ملتزمة محجبة، أخذت على عاتقي مسؤولية اجتماعية سياسية قومية عقائدية. ووصولي إلى عضوية البرلمان يفتح الطريق أمام النساء، بمن فيهم المحجبات، لمراكز صنع القرار. فإن من أهم الأسباب التي دفعت بي إلى هذا المنصب هو أني محجبة، فرغم كل المؤهلات التعليمية والعملية التي أتمتع بها، ورغم وجودي في الحيز الجماهيري العام في عدد من المواقع، فإنني كنت أواجه صعوبات بسبب حجابي. دائماً كان عليّ أن أثبت نفسي حتى يقتنعوا بأن هذه المرأة المحجبة قادرة على حمل المسؤولية. أنا قادمة من أجل هذا الهدف».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.