تنديد أممي بانتهاكات إيرانية في الملف النووي

اتهامات خطيرة في تقريرين للوكالة الدولية للطاقة الذرية

المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رافايل ماريانو غروسي (د.ب.أ)
المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رافايل ماريانو غروسي (د.ب.أ)
TT

تنديد أممي بانتهاكات إيرانية في الملف النووي

المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رافايل ماريانو غروسي (د.ب.أ)
المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رافايل ماريانو غروسي (د.ب.أ)

ولج الملف النووي الإيراني أمس منعطفاً جديداً مع نشر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المولّجة مراقبته، تقريرين يتضمنان اتهامات خطيرة لطهران لجهة رفضها التعاون التام مع الوكالة من جهة؛ وبسبب تحللها من التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم صيف عام 2015 من جهة أخرى.
وبعد أن أعلنت الدول الأوروبية الثلاث الموقّعة على الاتفاق في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي تفعيل «آلية فض النزاعات» التي من شأنها، في نهاية المطاف، إعادة الملف بكليته إلى مجلس الأمن الدولي، فإنها ربطت خطواتها اللاحقة بالتقرير الفصلي المنتظر من «الوكالة» بشأن أنشطة طهران النووية الفعلية لتبني على الشيء مقتضاه.
والحال؛ إن خطورة ما تضمنه التقريران تضع فرنسا وألمانيا وبريطانيا في مواجهة مسؤولياتها لجهة دفع «آلية فض النزاعات» إلى الأمام وليس فقط أن تكون وسيلة ضغط على السلطات الإيرانية كما برز ذلك من خلال الأجواء المهادنة التي سادت الاجتماع الأخير في فيينا للدول الخمس؛ التي ما زالت ضمن الاتفاق، وإيران.
وخلال الاجتماع المذكور، كانت رسالة الأوروبيين الأساسية أن غرضهم المحافظة على الاتفاق وليست العودة إلى مجلس الأمن. والرسالة نفسها حملها «وزير» الخارجية الأوروبي جوسيب بوريل إلى طهران يوم 3 فبراير (شباط) الماضي حيث أعلن عقب اجتماعه بالرئيس حسن روحاني أن هدف البلدان الأوروبية الثلاثة من تفعيل «الآلية» هو «الإبقاء على الاتفاق النووي حياً وتوفير الوقت الكافي للمفاوضات» وليس «الذهاب إلى مجلس الأمن ووضع حد نهائي للاتفاق».
يوجه التقرير الثاني للوكالة، الذي نشر أمس، انتقادات مباشرة للسلطات الإيرانية التي يحملها مسؤولية رفض التعاون مع مفتشي «الوكالة» لمنعهم من دخول موقعين تظن الوكالة أنهما احتضنا أنشطة نووية.
وجاء في التقرير ما نصه: «لم تسمح إيران بدخول الوكالة إلى موقعين. ولم تشارك في نقاشات مهمة للرد على استفسارات الوكالة المتعلقة بمواد نووية غير معلنة وأنشطة نووية ذات صلة».
وبشكل إجمالي، يندد التقرير بغياب التعاون الكافي من إيران ورفضها التجاوب وتقديم الإيضاحات والشروح بشأن أنشطة نووية في موقع معلوم، مما يزيد الشكوك الدولية إزاء صدق الجانب الإيراني في زعمه أن برنامجه النووي بالكامل خاضع لرقابة «الوكالة».
يذكر أن طهران، خلال السنوات التي سبقت التوصل إلى الاتفاق مع مجموعة «5+1» الدولية، أخفت عدداً من مواقعها النووية وأحدها «فُردو» ولم تعترف بوجودها إلا بعد أن توافرت معلومات وأدلة بحيث لم يعد بوسعها الإنكار؛ ومنها ما وفّره «مجاهدين خلق»؛ التنظيم المعارض للنظام الإيراني. وجاء في تقرير الوكالة أن المواقع الثلاثة المشار إليها «تطرح مجموعة من الأسئلة ذات صلة بوجود مواد أو أنشطة نووية غير معلن عنها».
يأتي التقريران الأخيران بعد شهرين من وصول الأرجنتيني رافاييل ماريانو غروسي إلى رئاسة الوكالة. وفي حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، بمناسبة وجوده في باريس للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون، قرع غروسي جرس الإنذار ودعا إيران إلى الشفافية وإلى «التعاون بشكل واضح مع الوكالة من أجل توفير التوضيحات الضرورية»، مضيفا أن الأمر «جدي، وواجبي أن ألفت الانتباه»، خصوصا أنه يؤكد أن «واجبات إيران لا تنحصر فقط فيما جاء في متن الاتفاق» فيما خصّ عمليات التفتيش.
وينظر غروسي بكثير من الجدية إلى عثور المفتشين على آثار لليورانيوم في مواقع غير معلنة؛ إذ إن ذلك يدل على «احتمال وجود أنشطة ومواد نووية ولا تخضع للرقابة الدولية وهي غير معروفة المصدر أو المصير»؛ وبالتالي فإنه «أمر مثير للقلق». وخلاصة مدير «الوكالة» أن «السياسة شيء آخر» مختلف عن عمليات «التفتيش التي لا يمكن التلاعب بها ويتعين تحمل المسؤوليات تجاهها»؛ بمعنى جلاء الغموض الذي يحيط بعدد من الواقع والمعلومات والمؤشرات.
تنم هذه التصريحات عن رغبة المدير العام الجديد لـ«الوكالة» في الضغط على طهران وعدم إخفاء ذلك. ووفق معلومات متداولة، فإن المفتشين يرغبون في الوقت الحاضر في جلاء أوضاع مواقع كشفت عنها أوساط استخبارية؛ منها مصادر إسرائيلية وأميركية، ويظن أنها احتضنت أنشطة تتناول برنامجاً نووياً عسكرياً إيرانياً سابقاً. وتريد «الوكالة» جلاء هذه الأمور، واعتماد تضمينها أحد التقريرين يعدّ وسيلة ضغط على السلطات الإيرانية للتجاوب معها.
يتثمل الجانب الثاني المثير للقلق، وفق التقرير الأول، في أنشطة طهران النووية منذ بدء تخليها التدريجي عن التزاماتها رداً على خروج الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق ربيع عام 2018. وفي المرحلة الخامسة والأخيرة من مسار تخليها عن التزاماتها الذي بدأ الربيع الماضي، أعلنت طهران تحللها من أي قيود؛ أكان ذلك بخصوص التخصيب نسبةً ومخزوناً، أو بالنسبة لنوعية الطاردات المركزية، أو بصدد الأبحاث.
ويفيد تقرير «الوكالة» بأن مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب بلغ في 19 فبراير (شباط) الماضي 5 أضعاف ما يسمح به الاتفاق؛ حيث وصل إلى 1510 كيلوغرامات مقابل 300 كيلوغرام حداً أقصى متاحاً لطهران. كذلك، فإن إيران تعمد إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 4.5 في المائة بينما المتاح لها لا يتعدى 3.67 في المائة.
ورغم ذلك، فإن إيران ما زالت بعيدة كثيراً عن النسبة التي كانت قد وصلت إليها قبل الاتفاق والتي قاربت 20 في المائة.
ووفق جهات قريبة من الملف النووي الإيراني، فإن إيران تمتلك الطاردات والتكنولوجيا التي تسمح لها بالذهاب سريعاً إلى أعلى نسب بما فيها نسبة 90 في المائة من اليورانيوم المخصب الضروري لإنتاج القنبلة النووية.
وينص الاتفاق على أن واجب إيران هو إخراج كميات اليورانيوم التي تفيض على ما هو متاح لها وضروري لتشغيل مرافقها البحثية أو للاستخدامات الطبية.
ومصدر القلق الدولي أن كمية اليورانيوم المخصب اليوم ولو بنسبة ضعيفة، تتخطى ما هو مطلوب (1510 كيلوغرامات) للحصول على اليورانيوم الضروري لتصنيع قنبلة واحدة. ونفت طهران دوماً أن يكون لها برنامج نووي عسكري أو أن تكون ساعية للحصول على السلاح النووي بحجة أن فتوى المرشد الإيراني تمنعها من ذلك. كذلك رفضت بشدة الاتهامات التي تربط بين برامجها الصاروخية - الباليستية وبين رغبتها في الحصول على صاروخ يمكن تزويده بقنبلة نووية؛ وهو الأمر الذي يثير قلقاً واسعاً عبر العالم.
يبقى أنه يتعين ترقب ردود فعل البلدان الأوروبية الثلاث بعد ما صدر عن «الوكالة». والسؤال: هل سترى فيما جاءت به دلائل كافية للسير بـ«آلية فض النزاعات» أم إنها، مرة أخرى، مستمرة في كسب الوقت؛ وفق ما أفاد به «وزير» خارجية أوروبا؟



المدارس تعيد فتح أبوابها في دمشق (صور)

طلاب يستعدون لرفع العلم السوري في الصباح الباكر اليوم بإحدى مدارس العاصمة دمشق (رويترز)
طلاب يستعدون لرفع العلم السوري في الصباح الباكر اليوم بإحدى مدارس العاصمة دمشق (رويترز)
TT

المدارس تعيد فتح أبوابها في دمشق (صور)

طلاب يستعدون لرفع العلم السوري في الصباح الباكر اليوم بإحدى مدارس العاصمة دمشق (رويترز)
طلاب يستعدون لرفع العلم السوري في الصباح الباكر اليوم بإحدى مدارس العاصمة دمشق (رويترز)

عاد عشرات من التلاميذ في دمشق، الأحد، إلى المدارس، للمرة الأولى منذ سقوط حكم بشار الأسد، على ما أفاد به صحافيو «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي شوارع العاصمة السورية التي دخلها تحالف المعارضة المسلحة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، حل هدوء الحياة اليومية محل الأجواء الاحتفالية بسقوط بشار الأسد.

طلاب يجلسون في أحد الفصول الدراسية بالصباح الباكر بعد الإعلان عن إعادة فتح المدارس من قبل السلطات في دمشق (رويترز)

وقالت رغيدة غصن (56 عاماً) وهي أم لثلاثة أولاد، إن الأهل تلقوا «رسائل من المدرسة لإرسال الطلاب من الصف الرابع وحتى الصف العاشر. أما بالنسبة للأطفال فسيبدأ الدوام بعد يومين».

قال موظف في «المدرسة الوطنية» إن نسبة الحضور الأحد «لم تتجاوز 30 %» (رويترز)

وشاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» عدداً من التلاميذ بلباس عادي، وآخرين بالزي المدرسي، يتوجهون نحو الساعة التاسعة صباحاً إلى مدارسهم في دمشق.

وقال موظف في «المدرسة الوطنية»، إن نسبة الحضور يوم الأحد «لم تتجاوز 30 في المائة» مشدداً على أن ذلك «أمر طبيعي، ومن المتوقع أن تزداد الأعداد تدريجياً».

كذلك، فتحت الجامعات أبوابها، وحضر بعض الموظفين الإداريين والأساتذة إلى مكاتبهم.

وحضر عدد من موظفي كلية الإعلام في جامعة دمشق؛ لكن «أياً من الطلاب لم يحضر اليوم» على ما أفاد موظف فضَّل عدم الكشف عن هويته.

معلمة مع طلابها بالفصل الدراسي مع عودة الدراسة في دمشق (رويترز)

وأوضح أن «معظم الطلاب من محافظات ومدن أخرى، والأمر بحاجة لبعض الوقت كي يستعيد كل شيء توازنه».

وعادت الحياة إلى طبيعتها في العاصمة السورية، مع انطلاق السكان إلى أعمالهم صباح الأحد.

طلاب في ساحة إحدى مدارس دمشق صباح اليوم (رويترز)

وعلى أبواب أحد الأفران في حي ركن الدين الشعبي، تجمع نحو 10 أشخاص بانتظار دورهم للحصول على الخبز؛ حسب أحد مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال غالب خيرات (70 عاماً): «زاد عدد أرغفة ربطة الخبز إلى 12 رغيفاً، بعد أن كان 10 خلال فترة النظام السابق، ونستطيع أن نأخذ ما نشاء من الكميات من دون قيود».

على الأرصفة، انتشر باعة جوالون يعرضون صفائح بنزين، بينما فتحت بعض محطات الوقود أبوابها لبيع المحروقات بكميات محدودة.

رجل يشتري الخبز في بلدة القصير بمحافظة حمص وسط سوريا (أ.ف.ب)

وفي الجانب الخدمي، لا يزال سكان المدينة يعانون من ساعات تقنين طويلة للتيار الكهربائي، تصل إلى نحو 20 ساعة في اليوم في بعض المناطق، من دون وجود بدائل للتدفئة أو شحن بطاريات الهواتف والأجهزة المحمولة.