قانون انتخابي جديد في تونس يهدد بانهيار الائتلاف الحاكم

البرلمان التونسي
البرلمان التونسي
TT

قانون انتخابي جديد في تونس يهدد بانهيار الائتلاف الحاكم

البرلمان التونسي
البرلمان التونسي

فتح مقترح تعديل القانون الانتخابي، الذي تقدمت به «حركة النهضة» إلى البرلمان التونسي، مجدداً أبواب تحالفات سياسية على أسس المصالح الظرفية، مما يهدد بانهيار تحالف الائتلاف الحاكم، خصوصاً في ظل تباين الآراء حول هذا التعديل، وظهور تحالف برلماني قائم على مبادئ وتوجهات مختلفة.
ولئن تمكنت الكتل البرلمانية الممثلة لأحزاب «حركة النهضة» و«حركة الشعب»، و«تحيا تونس» و«التيار الديمقراطي» و«الإصلاح الوطني» من إيجاد أرضية مشتركة لتمرير حكومة إلياس الفخفاخ بحصولها على 129 صوتاً، فإن مشروع القانون الانتخابي المقترح أعاد الخلافات بين هذه الأطراف السياسية إلى الواجهة من جديد، لأن من شأن التصويت على هذا القانون الجديد أن يؤسس لأغلبية برلمانية مخالفة تماماً للأغلبية المشاركة في الائتلاف الحاكم، مما قد يدفع بـ«حركة النهضة» إلى فك الارتباط معها بصفة ظرفية لتمرير هذا القانون، ومن ثم العودة إلى الائتلاف الحاكم من جديد. لكن هذه المناورة ستكون، بحسب مراقبين، محل انتقادات لاذعة لأنها ستؤسس لأغلبية برلمانية تكون في صدام مع أغلبية حاكمة.
ودافعت «حركة النهضة» عن هذا المقترح خلال الفترة الماضية، وتجلى ذلك واضحاً في تصريحات قياداتها السياسية، التي انتقدت تشتت المشهد البرلماني، وعدّته أحد أسباب تعطيل العمل الحكومي، والانطلاق الفعلي في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. فيما رفضت الكتل البرلمانية الممثلة للكتلة الديمقراطية («التيار» و«الشعب»، و«تحيا تونس» و«كتلة الإصلاح الوطني») هذا التعديل، داعية إلى تنقيحات أشمل لشروط الترشح للانتخابات البرلمانية، وتمويل الحملات الانتخابية، وقانون الأحزاب والجمعيات، وقانون تنظيم عمليات سبر الآراء، وهي ملفات لها تأثير مباشر على نتائج الانتخابات، وهو ما يجعل عدم تصويتها لصالح هذا القانون الانتخابي الجديد أمراً مؤكداً.
وفي مقابل جبهة الرافضين، التي تضم 91 صوتاً من إجمالي 217 مقعداً برلمانياً، فإنه من المنتظر أن تعول «حركة النهضة» على تحالفاتها الظرفية القديمة، وقد تلجأ، وفق مراقبين، إلى حزب «قلب تونس»، و«ائتلاف الكرامة» المقرب منها، وهو ما يمنحها أكثر من الأغلبية المطلقة من الأصوات. غير أن تحالف هذه الأطراف الثلاثة لم يتضح بشكل كامل في تدخلات النواب خلال الجلسة البرلمانية التي جرت أمس، وخصصت لمناقشة هذا الموضوع.
كما تراهن «النهضة» بشكل غير مباشر على موقف «الحزب الدستوري الحر» المعارض، الذي ترأسه عبير موسي؛ إذ إن كليهما سيستفيد من تمرير هذا التنقيح في المحطات الانتخابية اللاحقة. غير أن وقوف هذا الحزب على طرف نقيض من «حركة النهضة»، ومعارضته وجود «إسلام سياسي» في الحكم، ودعوته إلى إخراج «حركة النهضة» من المشهد السياسي، واتهامه بالارتباط بتنظيم «الإخوان»، يجعل المهمة صعبة، إن لم نقل مستحيلة.
في غضون ذلك، أعلن «الحزب الدستوري الحر»، أمس، إقالة لمياء جعيدان، النائبة البرلمانية عضو اللجنة المركزية للحزب، من كتلته بالبرلمان، وتجميد عضويتها في انتظار جلسة مساءلة، وذلك على خلفية حضورها اجتماعاً نظمه سياسيون صوتوا لحكومة إلياس الفخفاخ. وأضاف الحزب؛ ذو التوجه الليبرالي، في بيان له أن الاجتماع «ضم منتمين لتنظيم (الإخوان)؛ مطلوبين للعدالة الدولية، وسبق أن أعلنوا رفضهم لسحب الثقة من راشد الغنوشي على رأس البرلمان، وذلك بحضور أشخاص عرفوا بولائهم التام لتنظيم (الإخوان)، وخيانتهم لثوابت (الحزب الدستوري الحر)، وتمسحهم على أعتاب خصوم النموذج المجتمعي البورقيبي»، عادّاً أن جعيدان خرجت عن خط الحزب والكتلة البرلمانية، وهو قرار سيخلف جدلاً سياسياً واسعاً، ويعطل إمكانية التقاء «الحزب الدستوري الحر» و«حركة النهضة» حول ضرورة تمرير التعديل المتعلق بالقانون الانتخابي.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.