ترمب يتعهد للسيسي مواصلة مساعيه لتسوية قضية «سد النهضة»

القاهرة تؤكد امتلاكها «قدرات عديدة» للتعامل مع الأزمة... وأديس أبابا تتهم واشنطن بـ«الانحياز»

ترمب في لقاء مع وزراء الدول الثلاث (الشرق الأوسط)
ترمب في لقاء مع وزراء الدول الثلاث (الشرق الأوسط)
TT

ترمب يتعهد للسيسي مواصلة مساعيه لتسوية قضية «سد النهضة»

ترمب في لقاء مع وزراء الدول الثلاث (الشرق الأوسط)
ترمب في لقاء مع وزراء الدول الثلاث (الشرق الأوسط)

صعدت مصر وإثيوبيا، أمس، من خلافاتهما حيال «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وتتحسب القاهرة لتأثيره على حصتها من المياه، بينما أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي أن «الرئيس الأميركي دونالد ترمب أكد في اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مواصلة الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن السد».
ووفقاً لبيان الرئاسة المصرية فإن «ترمب أعرب عن تقديره لقيام مصر بالتوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق الذي أسفرت عنه جولات المفاوضات حول السد في واشنطن خلال الأشهر الماضية، واصفاً الاتفاق بأنه اتفاق عادل وشامل ومتوازن ويدل على حسن النية وتوافر الإرادة السياسية الصادقة لدى مصر، ومؤكداً أن واشنطن ستواصل بذل الجهود للتنسيق بين مصر والسودان وإثيوبيا حول هذا الملف للتوصل إلى توقيع اتفاق».
وجاء الاتصال بعد تطورات «درامية»؛ إذ أعلن وزير الخارجية الإثيوبي غيتداحشو أندراجو في مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء في أديس أبابا، أن بلاده «ستبدأ في ملء خزان سد النهضة بعد أربعة أشهر، وأنه لا قوة يمكن أن تمنع إثيوبيا من بناء السد وتملك الحق الكامل في بنائه». ودعا أندروغاشيو واشنطن إلى عدم «التسريع في عملية التفاوض أو محاولة التأثير على النتيجة»، قائلا: «نريد من الأميركيين أن يعلبوا دورا بناء وأي دور آخر غير مقبول، وإذا مارسوا ضغوطا فينبغي أن يكون ذلك على كل الأطراف وليس على إثيوبيا فقط».
وتخلفت إثيوبيا عن حضور الاجتماع الأخير في واشنطن، نهاية فبراير (شباط) الماضي، والذي كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي، مع مصر والسودان، بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تبنيه أديس أبابا منذ 2011، فيما وقعته مصر بالأحرف الأولى. فيما وصفت القاهرة غياب أديس أبابا، بـ«المتعمد» بهدف «إعاقة مسار المفاوضات».
وتعول مصر على دور أميركي في وقف «التعنت» الإثيوبي. وأعرب السيسي أمس عن تقديره للدور الذي تقوم به واشنطن في رعاية المفاوضات والاهتمام الكبير الذي يوليه ترمب، مؤكداً استمرار مصر في إيلاء هذا الموضوع أقصى درجات الاهتمام في إطار الدفاع عن مصالح الشعب المصري ومقدراته ومستقبله.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عقد أمس، اجتماعاً موسعاً لقيادات القوات المسلحة بحضور وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، أكد خلاله «ضرورة الاستمرار في التحلي بأعلى درجات الحيطة والحذر والاستعداد القتالي، وصولاً إلى أعلى درجات الجاهزية لتنفيذ أي مهام توكل إليهم لحماية أمن مصر القومي، في ظل التحديات الراهنة التي تموج بها المنطقة».
من جهته، قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين في بيان، إن بلاده تتفق مع مصر والسودان على أنه يجب على إثيوبيا عدم تعبئة سد النهضة حتى يكون هناك اتفاق. وأضاف البيان أن واشنطن شعرت بخيبة أمل كبيرة لغياب إثيوبيا عن اجتماع سد النهضة الذي كان مقررا في واشنطن الأسبوع الماضي لتوقيع الاتفاق.
وأشارت مصادر داخل وزارة الخزانة الأميركية إلى أن «موقف واشنطن ألا يتم ملء الخزان قبل التوصل إلى اتفاق، وهو الموقف الذي توافق عليه كل من مصر والسودان».

- شكري: ضرر جسيم
وقال سامح شكري وزير الخارجية المصري، إن بلاده «لن تقبل أي احتمال لوقوع ضرر جسيم نظير أي أعمال في أي دولة من دول حوض النيل»، محذرا من أي إجراء إثيوبي أحادي دون اتفاق، رد وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندرغاتشاو، أمس، برفض التحذير المصري، واعتبره «لن يؤدي إلا إلى تدمير العلاقات»، كما اتهم الولايات المتحدة بـ«الانحياز لصالح مصر».
وشدد شكري، في تصريحات للتلفزيون المصري، مساء الاثنين، على أن «القيادة المصرية متمثلة في أجهزتها سوف تعمل وتجد الحلول المناسبة التي تحافظ على مصلحة مصر العليا»، ونوه إلى أنها «مسؤولية جميع أجهزة الدولة التي ستراعيها بحكم مسؤوليتها والانتماء والإدراك ومصر تملك قدرات عديدة، كلها سوف توظف لخدمة شعبها».
وقال شكري إن «على إثيوبيا أن تدرك أن النيل نهر يعبر دولا عديدة لها حقوق ومصالح»، لافتا إلى أن اتفاق واشنطن «هو نتاج مشاركة الأطراف الثلاثة (مصر وإثيوبيا والسودان) في جولات المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة والبنك الدولي»، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي». واعتبر الموقف الإثيوبي «تنصلا من التزاماتها بأحكام اتفاق إعلان المبادئ». وأشار إلى أن مصر وقعت في الجولة الأخيرة من مفاوضات واشنطن، بحضور السودان، بالأحرف الأولى على الاتفاق، علما بأن إعلان إثيوبيا عن التغيب تم يوم 25 فبراير بعد أن تحرك الوفدان المصري والسوداني للولايات المتحدة للمشاركة في هذه الجولة.
وقال اللواء يحيى كدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده «مستمرة في المساعي السلمية للحل، ولآخر الطريق، وما زال الأمل معقودا في الجهود الأميركية للتوصل لاتفاق». واتهم إثيوبيا بالوقوع تحت «ضغوط لقوى إقليمية تدفعها للتصعيد وإفشال أي اتفاق سلمي».
وقال المحلل في «مركز الأزمات الدولية» ويليام دافيسون إن «ملء السد قبل التوصل إلى اتفاق سيكون خرقا لمبدأ قانوني دولي بعدم التسبب في أضرار جسيمة لدول المصب». وأشار إلى أن «إثيوبيا تؤكد أن ما تقوم به لن يؤدي إلى مخاطر على دول المصب، بينما ليس من الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة لديها النية لفرض مزيد من الضغوط على إثيوبيا، لكن من المرجح جدا أن تحاول الدفع بالقيام بالمفاوضات بشكل أو بآخر».

- يوليو موعد ملء السد
في المقابل، قال وزير الخارجية الإثيوبي، غيدو أندرغاتشاو، إن بلاده تبني سد النهضة، لأنها تملك الحق الكامل في ذلك، مع التزامها بالحفاظ على مصالح دول المصب وعدم إلحاق أي ضرر بها. وأضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سليشي بيكلي، أمس، أن بلاده تؤمن بأن المفاوضات هي الحل الوحيد للوصول إلى اتفاق، معربا عن رفضه للتحذير المصري الذي قال إنه «ليس في صالح الجميع، ولن يؤدي إلا إلى تدمير العلاقات».
وقال أندرغاتشاو إن بلاده لديها الحق الكامل في انتشال مواطنيها من الفقر باستخدام مواردها الطبيعية، مضيفا أنه «رغم بناء إثيوبيا للسد انطلاقا من ذلك، فقد دخلت في محادثات من أجل تعزيز الثقة مع دولتي المصب (مصر والسودان)».
وتساءل الوزير عن دور الولايات المتحدة والبنك الدولي في التفاوض، مشيرا إلى أنه لا بد أن يكون دورهما واضحا ومنحصرا في الرقابة فقط.
واتهم وزير الخارجية الإثيوبي أميركا بالانحياز لصالح مصر في مفاوضات سد النهضة. وقال إن الولايات المتحدة والبنك الدولي لديهما مصلحة في صياغة قانون يتجاوز المشاركة بصفة مراقب.
وشدد على أن إثيوبيا تقيم سداً على أراضيها وتحت سيادتها الكاملة، ولا ينبغي تدخل الولايات المتحدة أو دولة أخرى في تحديد مصلحتها، مبدياً دهشة أديس أبابا من هذا البيان من دولة عظمى.
من جهته، أعلن وزير الري خلال المؤتمر بدء تخزين 4.9 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل في مشروع سد النهضة يوليو المقبل. وقال إن بلاده ستبدأ في موسم الأمطار القادم في يوليو، بعملية تخزين المياه وستليها اختبار توليد الطاقة في مارس 2021.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.