وفد أوروبي رفيع المستوى في أنقرة لبحث الأزمة

تركيا: لا أحد يمكنه إجبارنا على الاحتفاظ باللاجئين... وأوروبا لم تنفذ تعهداتها

الوفد الأوروبي بقيادة رئيسة المفوضية الأوروبية في اليونان (إ.ب.أ)
الوفد الأوروبي بقيادة رئيسة المفوضية الأوروبية في اليونان (إ.ب.أ)
TT

وفد أوروبي رفيع المستوى في أنقرة لبحث الأزمة

الوفد الأوروبي بقيادة رئيسة المفوضية الأوروبية في اليونان (إ.ب.أ)
الوفد الأوروبي بقيادة رئيسة المفوضية الأوروبية في اليونان (إ.ب.أ)

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه لا يمكن لأي دولة أن تجبر تركيا على الاحتفاظ باللاجئين في أراضيها، مضيفاً أن بلاده ليست في وضعٍ يسمح لها بإيقاف المهاجرين، وليس بإمكانها أيضاً تحمل موجة جديدة من اللاجئين. ولفت وزير الخارجية التركي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البريطاني دومينيك راب في أنقرة أمس (الثلاثاء)، إلى أن بلاده تحترم رغبة اللاجئين بالذهاب إلى دولة ثالثة، وأنها طلبت، مراراً، من المجتمع الدولي التعاون في مسألة اللاجئين، إلا أنه تم تجاهل طلبها.
وذكّر تشاووش أوغلو بالقيم الأوروبية في تأمين الحماية الدولية للاجئين، قائلاً إنّ «تركيا تتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقها، وستواصل ذلك»، مضيفا: «ينبغي على مؤسسات الاتحاد الأوروبي احترام القيم المشتركة لأوروبا وكذلك القيم الإنسانية». وأكد جاويش أوغلو التزام تركيا بتعهداتها حيال اتفاقية الهجرة وإعادة القبول الموقعة مع الاتحاد الأوروبي في 18 مارس (آذار) 2016، واتهم أوروبا بعدم الالتزام بتعهداتها بموجب الاتفاقية مثل إلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك، واتفاقية الاتحاد الجمركي. وقال إن الأوروبيين أغمضوا أعينهم على مدى سنين تجاه أزمة اللاجئين، متسائلاً: «ألم يحن بعد وقت تحمل المسؤوليات؟». وفي تغريدة على «تويتر» رداً على نظيره الألماني هايكو ماس، الذي أكد ضرورة مواصلة تركيا الالتزام بمسؤوليتها وفق اتفاقية الهجرة مع الاتحاد الأوروبي، قال جاويش أوغلو: «عزيزي هايكو ماس، كان بودي أن أصدق كلامك، لكن ليتك تستطيع الحديث إلى أصدقائك اليونانيين. فهم يقتلون حاليّاً المهاجرين على حدودهم بوحشية». وأضاف: «أي وعود لتركيا التزم بها الاتحاد الأوروبي يا هايكو ماس. لم يصل حتى نصف المليارات الستة التي وعد الاتحاد الأوروبي بتقديمها لدعم السوريين، ولم يبدأ القبول الطوعي للمهاجرين، ولم يساهم الاتحاد بإنشاء المنطقة الآمنة في سوريا... لا يمكننا أن نجبر من يرغبون بالرحيل على البقاء. أغمضتم أعينكم على مدى سنين. ألم يحن بعد وقت تحمل المسؤوليات؟».
وبدأ تدفق المهاجرين إلى الحدود الغربية لتركيا، اعتباراً من مساء الخميس الماضي، عقب تداول أخبار بأن أنقرة لن تعيق حركة المهاجرين باتجاه أوروبا. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، أن بلاده ستبقي أبوابها مفتوحة أمام المهاجرين الراغبين بالتوجه إلى أوروبا، مؤكداً أن تركيا لا طاقة لها لاستيعاب موجة هجرة جديدة. وكان ماس قال عبر «تويتر»: «نرى العبء الذي تتحمله تركيا، لكن عليها مواصلة أداء التزاماتها الواردة في الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي... يساهم الاتحاد الأوروبي في العناية الكريمة باللاجئين. لا يمكننا السماح بأن يكونوا كرة يلعب بها الآخرون على الصعيد الجيوسياسي».
من جانبه، طالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اتصال هاتفي، مساء أول من أمس، بتقاسم عادل للمسؤولية والأعباء فيما يتعلق باللاجئين. وبحسب بيان لرئاسة دائرة الاتصال في الرئاسة التركية طالب إردوغان ميركل بضرورة مراعاة الالتزامات الدولية في هذا الخصوص. وكان إردوغان اتهم الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بالتزاماته بخصوص التعاون مع أنقرة في التعامل مع ملف اللاجئين. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البلغاري، بويكو بوريسوف، عقب لقائهما في أنقرة مساء أول من أمس، إن الأجندة الرئيسية للقائه مع بوريسوف تمحورت حول آخر التطورات في سوريا، لكنه اضطر خلال اللقاء للحديث عن لامبالاة معظم أعضاء الاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين. وأضاف إردوغان: «للأسف لا الاتحاد الأوروبي ولا العالم بأسره يعي وضع تركيا التي تستضيف أكثر من 4 ملايين لاجئ». وأشار إلى التزام تركيا الحرفي حتى اليوم بتعهداتها الواردة في الاتفاقية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي في 18 مارس 2016 بخصوص تقاسم أعباء اللاجئين. وتابع: «لم تتم الاستجابة لتطلعاتنا بشأن التقاسم العادل للأعباء والمسؤوليات تجاه اللاجئين، والاتحاد الأوروبي لم يفِ بالتزامات اتفاقية 18 مارس 2016 بصورة تامة». وتطرق إردوغان إلى المساعي الأوروبية الأخيرة لثني تركيا عن قرارها بعدم عرقلة تدفق اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا، قائلا: «يقولون لنا (الأوروبيون) سنرسل لكم مليار يورو، من تخدعون؟ لا نريد هذه الأموال بالذات، فتركيا التي أنفقت 40 مليار دولار على اللاجئين بإمكانها تدبير المبلغ الذي سيرسلونه». وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يمارس سياسة الكيل بمكيالين، فيتغاضى عن المخاوف الأمنية التركية، في حين يدعم التدابير التي اتخذتها اليونان بما يخالف اتفاقية جنيف 1951 والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وحول زيارة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل للحدود اليونانية التركية، قال إردوغان: «أنصحه بمشاهدة ممارسات خفر السواحل اليوناني في بحر إيجة أيضاً... قيام الجنود اليونانيين بقتل شخصين وإصابة ثالث بجروح بالغة فاقم الوضع، هؤلاء لا يحترمون حتى قوانين الهجرة الدولية».
وشدد على ضرورة مراعاة اليونان وبقية البلدان الالتزامات الدولية ودراسة طلبات اللجوء للمهاجرين دون النظر إلى قوميتهم وتوفير الحماية لهم.
ووصل إلى أنقرة، أمس، وفد أوروبي يضم كلا من الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية جوزيف بوريل، ومفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، يانيز لينارسيتش، في زيارة تستغرق يومين لبحث العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي وأزمة المهاجرين والتطورات في سوريا.
من جانبه، قال رئيس الوزراء البلغاري، بويكو بوريسوف، إنه لا أحد يرى حقيقة الأزمة الإنسانية المتعلقة باللاجئين التي تنتظر على الباب. وتطرق بوريسوف، خلال المؤتمر الصحافي مع إردوغان، إلى تدفق اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين بشكل مكثف نحو أوروبا، عقب قرار تركيا الأخير عدم عرقلة تدفقهم، نظراً لعدم قدرتها على استيعاب المزيد من اللاجئين، مؤكدا أن الأزمة لا يمكن حلها إلا من خلال الحكمة والجهود الدبلوماسية. وأشار إلى بذل بلاده جهوداً من أجل عقد قمة ثلاثية أو أكثر بخصوص أزمة اللاجئين، إلا أنها لم تتكلل بالنجاح بسبب عدم رغبة الأطراف بالجلوس إلى طاولة المباحثات. وأضاف: «من الضروري أن نجري مباحثات في أقرب وقت مع المفوضية الأوروبية ومجلس أوروبا وجميع نظرائنا، لكن لا أحد يرى حقيقة الأزمة الإنسانية الكبيرة التي تنتظر على الباب». وتابع قائلاً: «يتعين تنفيذ الاتفاقيات المبرمة، لا أستطيع فهم سبب عدم تقديم المورد المالي الذي تم التعهد به لتركيا، فتقاسم الأعباء من المبادئ الرئيسية للاتحاد الأوروبي». وقال بوريسوف: «سنعمل كثيراً من أجل حماية النساء والأطفال الذين ينتظرون على الحدود... قبل كل شيء أثق بعلاقات حسن الجوار بيننا، وأعتقد أنه خلال الأيام أو الأسابيع أو الأشهر المقبلة، سنجد حلا». في السياق ذاته، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، عبر «تويتر» إن عدد المهاجرين غير النظاميين، الذين عبروا الأراضي التركية إلى اليونان حتى صباح أمس بلغ 130 ألفاً و469 مهاجرا. في المقابل، قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن تركيا أصبحت مهربا رئيسيا للبشر، وإن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يستغلهم كورقة لصرف النظر عن الملف السوري. وأضاف أنه لا توجد أزمة في أعداد اللاجئين على الحدود التركية اليونانية، مؤكداً أن الرقم الذي يسوقه إردوغان حول عددهم هو أكبر بأضعاف من الرقم الحقيقي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».