مصر لتنشيط السوق العقارية بتسهيلات تمويلية

وسط مخاوف من صعوبة تطبيق شروط مبادرة البنك المركزي

لا تختلف المبادرة الجديدة عن القديمة في الشروط العامة
لا تختلف المبادرة الجديدة عن القديمة في الشروط العامة
TT

مصر لتنشيط السوق العقارية بتسهيلات تمويلية

لا تختلف المبادرة الجديدة عن القديمة في الشروط العامة
لا تختلف المبادرة الجديدة عن القديمة في الشروط العامة

في ظل الارتفاع المستمر لأسعار العقارات في مصر، واستجابةً لطلبات المطورين العقاريين وخبراء السوق العقارية، أطلق البنك المركزي المصري أخيراً مبادرة جديدة للتمويل العقاري لدعم متوسطي الدخل، عبر توفير تسهيلات تمويلية لدعم شراء وحدات سكنية، وتنشيط السوق العقارية التي تعاني من حالة ركود، وفق تقديرات خبراء العقارات الذين أبدى بعضهم تحفظات على شروط مبادرة البنك المركزي الجديدة، معتبرين أنها «لا تتفق مع الواقع».
وأعلن البنك المركزي المصري الأسبوع الماضي، عن بدء تفعيل مبادرة التمويل العقاري لدعم متوسطي الدخل في البنوك المصرية، وهي المبادرة التي أطلقها البنك المركزي المصري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بقيمة 50 مليار جنيه (الدولار الأميركي يعادل 15.5 جنيه مصري) لتمويل شراء الوحدات السكنية لمتوسطي الدخل، بتسهيلات تصل إلى 20 عاماً، وبفائدة متناقصة بنسبة 10%، ومن المقرر أن تبدأ البنوك المصرية في تلقّي طلبات التمويل العقاري بدءاً من أول مارس (آذار) المقبل، حسب البنك المركزي.
ووصف بعض نواب البرلمان المصري محاولات دعم متوسطي الدخل وتنشيط السوق العقارية عبر مبادرة البنك المركزي بأنها «فكرة جيدة»، من بينهم عبد المنعم العليمي، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «المبادرة جيدة في حد ذاتها، لكنّ تنفيذها بنجاح على أرض الواقع مرتبط بتغييرات تشريعية تتعلق بإصدار تشريع لتقنين العلاقة بين المالك والمستأجر، وحل مشكلات قانون الإيجار القديم، ووضع تسهيلات لتسجيل الوحدات العقارية في مكاتب (الشهر العقاري)، إضافةً لوضع تشريع يرفع الحد الأقصى للأجور»، مشيراً إلى أن «مجلس النواب قدم مقترحاً لرفع الحد الأقصى للأجور من 42 ألف جنيه، إلى 70 ألف جنيه، أي ما يعادل 35 ضعف الحد الأدنى للأجور والبالغ 1200 جنيه شهرياً».
مبادرة البنك المركزي المصري للتمويل العقاري الأخيرة، لا تعد الأولى من نوعها، ففي عام 2014 أطلق البنك مبادرة مماثلة استمرت لمدة خمس سنوات، لدعم محدودي ومتوسطي الدخل بفائدة متناقصة تتراوح ما بين 7% لمحدودي الدخل، و8% لأصحاب الدخل المتوسط، و10.5% لأصحاب الدخل فوق المتوسط، قدمت من خلالها تمويلاً عقارياً بقيمة 20 مليار جنيه، حسب التصريحات الرسمية، لكن المبادرة القديمة كانت تضع حداً أقصى لثمن الوحدة السكنية لا يتجاوز 950 ألف جنيه لشريحة أصحاب الدخل فوق المتوسط، و500 ألف جنيه لشريحة الدخل المتوسط، وهو ما عُدّ غير ملائم لأسعار الوحدات السكنية، وبدأت المطالبات بزيادة ثمن الوحدة السكنية.
ويتفاوت متوسط سعر المتر في القاهرة الكبرى، ويتراوح ما بين 5 آلاف جنيه حتى 22 ألف جنيه، حسب موقع «عقار ماب» المتخصص في رصد وتحليل السوق العقارية المصرية، مما يعني أن سعر الوحدة السكنية بمساحة 150 متراً التي تشملها المبادرة يتراوح ما بين 750 ألف جنيه حتى 3 ملايين و300 ألف جنيه.
ويبدو أن المبادرة لن تسهم في مساعدة محمد عبد الله، موظف، ونظرائه في الحصول على وحدة سكنية، حيث يسعى عبد الله للحصول على تمويل عقاري منذ المبادرة القديمة لكنه فشل بسبب صعوبة الإجراءات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «تقدم للحصول على تمويل عقاري من قبل ضمن شريحة الدخل فوق المتوسط والتي كانت تشترط حداً أقصى لدخل الأسرة 20 ألف جنيه شهرياً، لكنه لم يستكمل الطلب بسبب ارتفاع قيمة الوحدة السكنية التي كان يرغب في شرائها، وارتفاع قيمة الفائدة على التمويل العقاري لتصل إلى ضعف قيمة القرض لو تم السداد على 20 عاماً»، موضحاً أنه كان «يأمل أن تخفف المبادرة الجديدة من الشروط لكنها جاءت صعبة كسابقتها خصوصاً فيما يتعلق بسعر الفائدة ونسبة القسط من الدخل الشهري».
ولا تختلف المبادرة الجديدة عن القديمة في الشروط العامة المتعلقة بأن يكون طالب التمويل مصري الجنسية، وألا يكون قد استفاد من مبادرات التمويل العقاري السابقة، وأن تكون الوحدة السكنية كاملة التشطيب، ومسجلة بالشهر العقاري، وتُستخدم بهدف السكن الدائم، وليس الإسكان السياحي، مع ضرورة تقييم الجدارة الائتمانية للعملاء، وأن يدفع العميل 20% من ثمن الوحدة السكنية كمقدم.
«إطلاق مبادرات للتمويل العقاري يتطلب قدراً من ملاءمة الظروف الحقيقية لمستوى الدخول للشريحة المستهدفة، وأسعار الوحدات السكنية على أرض الواقع بغض النظر عن الشروط العامة النظرية التي تلائم الثقافة البنكية، وإلا لن يُكتب لها النجاح»، حسب الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الفئة المستهدفة من المبادرة الجديدة، هل هم أصحاب الدخل المتوسط في مصر أم الأثرياء والأجانب والمصريين العاملين في دول الخليج؟».
ولا تتناسب الشروط المتعلقة بالدخل في المبادرة الجديدة مع حقيقة الدخل في مصر، وهي لا تخاطب 80% من المصريين، العاجزين عن شراء وحدات سكنية بعد ارتفاع أسعارها بشكل كبير، نتيجة لارتفاع سعر الأرض، حسب الدمرداش.
وتعاني السوق العقارية المصرية من حالة ركود منذ الصيف الماضي، حيث تراجع الطلب على العقارات من 3300 نقطة في أغسطس (آب) الماضي إلى 2800 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي، حسب مؤشر «عقار ماب».
ويقتصر الفرق بين المبادرتين على تحديد مساحة الوحدة السكنية بحد أقصى 150 متراً، وألا يتجاوز ثمنها مليوني و250 ألف جنيه مصري، وتطلب رفعُ ثمن الوحدة السكنية رفعاً للحد الأقصى لشريحة الدخل المتوسط إلى 40 ألف جنيه للفرد و50 ألف جنيه للأسرة، بدلاً من 8 آلاف جنيه للفرد، و10 آلاف جنيه للأسرة في المبادرة القديمة، وذلك حتى يتمكن من سداد الأقساط الشهرية، حيث يشترط البنك المركزي ألا تتجاوز قيمة الأقساط الشهرية 40% من دخل الفرد.
ويتطلب حل مشكلة التمويل العقاري البحث في أسباب ارتفاع أسعار العقارات، وفق الدمرداش الذي اقترح أن «تتدخل الدولة بصفتها المالكة للأرض، عن طريق تخفيض سعر الأرض، مع وضع شروط للتسعير بحيث لا يتجاوز سعر الوحدة السكنية حداً معيناً، وإذا كان ذلك غير ممكن فإن مبادرات التمويل العقاري يجب أن تقدم تسهيلات أكثر وتمنح العميل مدة طويلة جداً للسداد ليتناسب القسط الشهري مع مستوى الدخل الحقيقي في المجتمع».
ويعد شرط تسجيل العقارات في الشهر العقاري أحد المعوقات التي تقف أمام المبادرة، فوفقاً للدمرداش فإن «البنك يسعى لحماية حقه، وإن كان هذا الشرط لا يتناسب مع الواقع الذي يشير إلى أن 80% من الوحدات السكنية في مصر غير مسجلة»، مشدداً على أن «نجاح أي مبادرة للتمويل العقاري يرتبط بوضع شروط واقعية مرنة وفي متناول الجميع».
في المقابل، يرى المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن مبادرة الـ50 مليار جنيه للتمويل العقاري التي أطلقها البنك المركزي، لتمويل متوسطي الدخل ستسهم في تنشيط القطاع العقاري، خصوصاً مع الشركات التي لديها مخزون من الوحدات الجاهزة التي تنطبق شروطها مع المبادرة من حيث السقف السعري والتشطيب، مشيراً إلى أنه «من المتوقع أن يشهد العام الجاري، نمواً في نشاط التمويل العقاري».


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

TT

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

نظمت غرفة الرياض؛ ممثلة باللجنة العقارية، وبالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، الأربعاء، ورشة عمل مختصة بحصر التحديات التي تعترض تطور القطاع العقاري وتحدّ من إنتاجيته، مقدمة عدداً من الحلول للعراقيل التي تواجهه، بحضور مندوبين عن وزارة الإسكان والهيئة العامة للعقار وهيئة السوق المالية، وذلك بمقر الغرفة.
وبين عائض الوبري، عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة العقارية بالغرفة، أن الورشة تأتي لبحث سبل تعزيز برامج «رؤية المملكة 2030»، وذلك بعد توجيه مسار التحديات نحو تحديد المعوقات التي تواجه القطاع الخاص بشكل منفرد، ثم توجيهه نحو العوائق التي تواجه القطاع الخاص مع الجهات الحكومية وتحديد الحلول اللازمة لها بالتنسيق مع «المركز الوطني للتنافسية».
وتناولت الورشة، بحضور عدد من المستثمرين العقاريين والمهتمين، 4 محاور؛ شملت السياسات والأنظمة المتعلقة بالتشريعات، والتنافسية بين القطاعين العام والخاص، والرسوم الحكومية والضرائب، والكوادر البشرية وسياسات التوطين، حيث ناقشت الورشة من خلال حضورها كل محور منها على حدة، وقدمت فيه عدداً من الحلول المقترحة.
وأشار الحضور من المستثمرين العقاريين إلى أن التشريعات والأنظمة بحاجة لمزيد من المرونة ومواكبة الواقع العقاري وحاجته لتسريع أعماله والنظر في لائحة المكاتب العقارية، مشيرين لتأثره بالقرارات المفاجئة. وفي ذلك أشار مندوب وزارة الإسكان إلى أن الوزارة تراجع التشريعات العقارية وعلاقتها بالأنظمة الأخرى، مؤكداً حاجتها للتعديل، وقال إن الوزارة تعمل على ذلك وأنها ستصدر دليلاً كاملاً للمطورين.
وفي محور الرسوم الحكومية، طالب قطاع الأعمال بالنظر في ارتفاع الرسوم، فيما أكدوا عبر محور التنافسية بين القطاعين العام والخاص وجود تنافس من خلال القطاع العقاري التجاري؛ بينما من حيث الإسكان فهو علاقة تكاملية، مشيرين لأهمية تفعيل دور «المركز الوطني للتنافسية» لإيجاد حدود واضحة لماهية هذه التنافسية وتأثيرها على القطاع الخاص العقاري، فيما طالبوا بمنع الأجنبي من العمل في الشركات العقارية، وذلك فيما يختص بمحور الكوادر البشرية وسياسات التوطين.