تحرك عالمي لمواجهة مخاطر «كورونا» الاقتصادية

مجموعة السبع تتعهد استخدام «جميع الأدوات»

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» يعلن تخفيضاً طارئاً في سعر الفائدة استجابةً لمخاطر «كورونا» الاقتصادية (أ.ف.ب)
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» يعلن تخفيضاً طارئاً في سعر الفائدة استجابةً لمخاطر «كورونا» الاقتصادية (أ.ف.ب)
TT

تحرك عالمي لمواجهة مخاطر «كورونا» الاقتصادية

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» يعلن تخفيضاً طارئاً في سعر الفائدة استجابةً لمخاطر «كورونا» الاقتصادية (أ.ف.ب)
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» يعلن تخفيضاً طارئاً في سعر الفائدة استجابةً لمخاطر «كورونا» الاقتصادية (أ.ف.ب)

قال وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى الثلاثاء إنهم سيستخدمون كل أدوات السياسة المناسبة لتحقيق نمو قوي ومستدام ودرء المخاطر النزولية الناجمة عن فيروس كورونا السريع الانتشار، فيما أعلن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أنهما مستعدان لمساعدة الدول المتضررة.
وفي بيان مشترك أمس، أعلن وزراء مالية مجموعة السبع أنهم مستعدون لاتخاذ خطوات بما يشمل إجراءات مالية عندما يكون الأمر مناسبا للمساعدة في الاستجابة لانتشار الفيروس. وقالوا إن البنوك المركزية ستواصل الوفاء بمسؤولياتها ودعم استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي.
وترأس وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، ورئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، مؤتمرا عن بعد مع وزراء المالية وقادة البنوك المركزية من أعضاء مجموعة السبع. وكان هناك توقع بين المتعاملين في الأسواق بأن تعلن المجموعة عن إجراءات منسقة بينهم للحد من آثار تفشي الفيروس الصيني الذي تسبب في تعطل سلاسل التوريد العالمية، لكن لم يقدم بيان مجموعة السبع أي تفاصيل عن تحرك مماثل.
ومساء الاثنين، لمح باول ورئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إلى احتمال اتخاذ إجراءات في الأيام المقبلة. وعول المتعاملون في الأسواق الاثنين على رهانات بأن يطبق المركزي الأميركي سياسات تحفيزية قوية اعتبارا من الشهر الجاري وسط تنامي المخاوف من الأثر الاقتصادي لتفشي المرض.
وتسعى الحكومات جاهدة لمواجهة الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 3100 شخص، بينهم ستة في الولايات المتحدة، فيما ارتفع عدد المصابين به إلى أكثر من 90 ألف شخص مع انتشاره في جميع أنحاء العالم، مما أثار مخاوف من زعزعة الوضع الاقتصادي على نطاق واسع.
وحاول كبار المسؤولين الماليين في أوروبا أيضاً تهدئة المخاوف من حدوث تدهور اقتصادي نتيجة للوباء، كما فعل البنك المركزي في القارة. وقالت لاغارد في بيان: «نحن على استعداد لاتخاذ تدابير مناسبة وموجهة، حسب الاقتضاء وتتناسب مع المخاطر الأساسية».
وعبر وزير الخزانة البريطاني ريشي سناك عن موقف مماثل في بيان صدر مساء الاثنين، قائلاً: «نحن على استعداد جيد لمواجهة هذا التهديد العالمي، ومع اتضاح الصورة الاقتصادية الأوسع، نحن على استعداد للإعلان عن المزيد من الدعم عند الحاجة». وكان باول قد أصدر الجمعة بياناً تعهد فيه بأن «الاحتياطي الفيدرالي سوف يستخدم أدواتنا ويتصرف حسب الاقتضاء لدعم الاقتصاد».
وقال فرنسوا فيليروي دي غالو، رئيس بنك فرنسا، مساء الاثنين، إنه يتعين على الحكومات - أكثر مما يتعين على البنوك المركزية - اتخاذ إجراءات في الوقت الحالي، لكنه قال إن مؤسسته تقف على أهبة استعداد. وقال: «إذا كنا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد ونعتقد أنه سيكون فعالا، يمكننا أن نفعل ذلك، لكننا لم نصل إلى هذا بعد».
وقال مصدر بالبنك المركزي الأوروبي الثلاثاء إن محافظي البنك سيناقشون استجابات السياسة النقدية المحتملة لوبا كوفيد - 19 في اجتماع روتيني مقرر عقده الأسبوع المقبل.
ومن جهته، أكد شاكتيكانتا داس، محافظ البنك المركزي الهندي، أمس مجددا، وجود إمكانية لخفض أسعار الفائدة، وسط مخاطر جديدة يتعرض لها النمو الاقتصادي من جراء انتشار فيروس كورونا. وقال في مقابلة مع «بلومبرغ» إنه يتوقع تراجع معدل التضخم الذي منع البنك المركزي الهندي من خفض أسعار الفائدة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأضاف أن خفض أسعار الفائدة هو أحد خيارات السياسة المصرفية، بالإضافة إلى خيار آخر يتمثل في دعم السوق من خلال إجراءات التحكم في السيولة.
وردا على سؤال بشأن كيفية مواجهة البنك المركزي الهندي تداعيات انتشار فيروس كورنا، قال داس: «نحن مستعدون لاتخاذ إجراء مناسب إذا استدعى الوضع ذلك».
ويشك الاقتصاديون الأميركيون أيضاً فيما إذا كان تخفيض سعر الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيكون فعالاً في وجه الاضطراب الاقتصادي الناجم عن الوباء.
وأقر باول في بيانه الجمعة بأن الوباء يشكل خطرا على النمو. وأظهر مسح مرتقب للصناعة الأميركية الاثنين أن قطاع الصناعات التحويلية تباطأ بشكل حاد في فبراير (شباط) بسبب الفيروس، بعد أن بدأت تظهر عليه علامات التعافي من جراء تأثير الحرب التجارية الأميركية مع الصين.
وخفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاثنين توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 2.4 في المائة، وهو أدنى معدل منذ الأزمة المالية في 2008 - 2009. وقالت إن الاقتصاد العالمي يواجه خطر الانكماش التام في الربع الأول.
وأصدر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بياناً مشتركاً الاثنين تعهدا فيه بمساعدة البلدان على التعامل مع تداعيات الوباء. وقالت مؤسستا الإقراض: «سوف نستخدم أدواتنا المتاحة إلى أقصى حد ممكن، بما في ذلك التمويل الطارئ، وتقديم المشورة بشأن السياسات والمساعدة الفنية».
وقالت المؤسستان في بيان مشترك إنهما تركزان بصفة خاصة على الدول الفقيرة ذات الأنظمة الصحية الأضعف، وحثتا الدول الأعضاء على تعزيز الأنظمة الصحية للمراقبة والاستجابة لاحتواء الفيروس.
وقال ديفيد مالباس، رئيس مجموعة البنك الدولي، وكريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في البيان إن «صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي مستعدان لمساعدة بلداننا الأعضاء في مواجهة المأساة الإنسانية والتحدي الاقتصادي الذي يمثله فيروس كوفيد 19. ونشارك بنشاط مع المؤسسات الدولية وسلطات البلاد، مع إيلاء اهتمام خاص للبلدان الفقيرة حيث النظم الصحية هي الأضعف والأشخاص أكثر عرضة للخطر».
كما أشار مالباس وغورغييفا إلى أن البنك والصندوق سيستخدمان الأدوات المتاحة إلى «أقصى حد ممكن»، من التمويل الطارئ إلى تقديم المشورات بشأن السياسات وتوفير المساعدات التقنية.
وأضاف البيان أن كلتا المؤسستين لديهما تسهيلات تمويل سريعة يمكنها مساعدة البلدان على الاستجابة لمجموعة واسعة من الاحتياجات، إذ «من المهم تعزيز أنظمة المراقبة والاستجابة الصحية في البلاد لاحتواء انتشار هذا المرض أو أي حالات تفشي في المستقبل».
واختتم البيان مؤكداً على أهمية التعاون الدولي للتعامل مع الآثار الصحية والاقتصادية لفيروس كوفيد 19. مضيفاً أن «كلا من صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي يلتزمان بتقديم الدعم الذي يتوقعه الناس في بلداننا الأعضاء».
وقال البيان: «التعاون الدولي أساسي للتعامل مع الآثار الصحية والاقتصادية لفيروس كوفيد - 19»، في إشارة إلى كورونا. وأضاف أن صندوق النقد والبنك الدولي ملتزمان بشكل كامل بدعم هذه الجهود.
وحذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاثنين من أن انتشار الفيروس يدفع الاقتصاد العالمي إلى أسوأ تراجع منذ الأزمة المالية العالمية، وحثت الحكومات والبنوك المركزية على اتخاذ إجراءات مضادة لتفادي هبوط أكثر حدة.
وقال صندوق النقد إن لديه أدوات وتسهيلات للمساعدة في التصدي للتأثير الاقتصادي لفيروس كورونا. وقال جيري رايس المتحدث باسم صندوق النقد الدولي يوم الخميس إن الصندوق لم يتلق أي طلبات للمساعدة.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.