جان دانييل... مثقف تنويري كبير يغيب عن عالمنا

أدرك منذ بداية عمله أنه لا صحافة سياسية من دون صحافة ثقافية

جان دانييل
جان دانييل
TT

جان دانييل... مثقف تنويري كبير يغيب عن عالمنا

جان دانييل
جان دانييل

أخيراً، رحل أشهر صحافي فرنسي في القرن العشرين عن عمر طويل جداً يقارب المائة عام (1920 - 2020). إنه جان دانييل مؤسس مجلة «النوفيل أوبسرفاتور» عام 1964 ومديرها طيلة عقود متتالية. فعلى مدار نصف قرن ما انفك هذا الرجل يؤثر على الأوساط السياسية والثقافية بافتتاحياته الشهيرة كل أسبوع. وربما كان قادة العالم، وليس فقط فرنسا، ينتظرون هذه الافتتاحيات لكي يتخذوا موقفاً من القضايا الكبرى التي تهز العالم. ولم يكن يوازيه في ذلك أو يعادله إلا ريمون آرون. والشيء الذي سبب نجاح مجلته وتفوقها على ما عداها هو أنه فهم منذ البداية أنه لا صحافة سياسية من دون صحافة ثقافية. وعرف بحدسه الثاقب أن الثقافة بالمعنى العميق للكلمة هي التي تبقى في نهاية المطاف. فالسياسة متقلبة ومرتبطة بظروف وقتها، وسرعان ما تزول أهميتها وتتبخر بزوال اللحظة، أما الثقافة فتتجاوز اللحظة المعاشة وتتعالى عليها. لهذا السبب؛ حرص جان دانييل على استكتاب كبار فلاسفة فرنسا ومثقفيها في «النوفيل أوبسرفاتور». وهكذا استطاع استقطاب جان بول سارتر، وميشيل فوكو، ورولان بارت، وعشرات الآخرين. وعلى هذا النحو أحاطت هالة الإشعاع الثقافي بمجلته وجعلتها تتخذ بريقاً لامعاً وجاذبية لا تقاوم. بل وحرص على إصدار أعداد خاصة متمحورة حول المواضيع الفلسفية الكبرى. نذكر من بينها: «المفكرون الجدد في الإسلام»، و«العرب منذ البداية وحتى اليوم: القدر العظيم لشعب الصحراء»، و«سبينوزا: معلم الحرية»، و«جان جاك روسو: عبقرية الحداثة»، إلخ... على هذا النحو ارتبطت الصحافة السياسية بالصحافة الثقافية على مدار تاريخ هذه المجلة. وكل ذلك لأن صاحبها لم يكن سياسياً فقط، وإنما مثقفاً أيضاً، بل وبالدرجة الأولى. وما معنى صحافة سياسية من دون ثقافة؟ ما قيمتها؟ ما جدواها؟ فهو صاحب كتب كثيرة، نذكر من بينها: الزمن الذي تبقى، ديغول والجزائر، شموس الشتاء، السجن اليهودي، هذا الغريب الذي يشبهني، إسرائيل، العرب، فلسطين (تقديم إلياس صنبر وإيلي برنافي)، أعزائي، أو أحبائي، أو جماعتي، إلخ.
سوف أتوقف فقط عند كتابين اثنين، هما: السجن اليهودي، وأحبائي أو جماعتي. الكتاب الأول أحدث فرقعة، بل وانزعاجاً حقيقياً في الأوساط اليهودية المتدينة، إن لم نقل المتزمتة. وذلك لأنه يفكك العقيدة الأساسية القائلة بأن اليهود هم شعب الله المختار. ففي رأيه أن جميع الشعوب مختارة وليس فقط اليهود. بل ويرى أن الله؛ إذ جعل من اليهود شعبه المختار كما تقول العقيدة الكهنوتية ألقى على كاهلهم مهمة ثقيلة جداً، مهمة تقع فوق طاقة البشر. والله إذ أحب هذا الشعب الصغير القليل العدد فإنه حرمه من هامش حريته. وبالتالي، فقد آن الأوان لكي يخرج اليهود من هذا السجن اللاهوتي، من هذا القفص العقائدي الذي انغلقوا داخل جدرانه. ويرى جان دانييل أن اليهود هم الذين سجنوا أنفسهم داخل هذه الشرنقة، داخل هذا القفص اللاهوتي الذي أحبوه إلى حد الوله. فهو يشعرهم بالتمايز والتفوق على جميع شعوب الأرض. وهذه متعة ما بعدها متعة. من هنا سر تعلقهم به على الرغم من كل ما سببه لهم من عذاب وحسد وكره واضطهاد على مدار التاريخ. والواقع أنه يشكل خطراً عليهم؛ لأنه يعزلهم داخل قوقعة مغلقة بعيداً عن جميع البشر. وفي مكان آخر يقول جان دانييل ما معناه: هناك يهود نجحوا في الإفلات من هذا الأسر، في الخروج من هذا السجن. وجميع الشخصيات التي أحبها على مدار حياته كانت من هذا النوع. يضرب على ذلك مثلاً سبينوزا، وفرويد، وآينشتاين، وكافكا، وعشرات غيرهم من العباقرة. هؤلاء خرجوا من السجن اليهودي تماماً؛ ولذلك أبدعوا وأصبحوا عباقرة. بالطبع كانوا يعرفون أنهم يهود، وما كانوا يخجلون بذلك أبداً. لكن ما كانوا حريصين على الانتماء اليهودي بالمعنى الضيق والطائفي للكلمة. نستنتج من كل ذلك أنه ينبغي على اليهودي أن يعرف كيف يخرج من قوقعته اليهودية لكي يعانق القيم التنويرية الكونية التي يلتقي على أرضيتها مع جميع شعوب الأرض. وما يقال عن اليهودي يقال عن العربي أو المسلم أيضاً، إلخ. هذا هو فحوى الكتاب استعرضناه بسرعة صاروخية وربما اختزالية. لتوضيح الفكرة أكثر سوف أقول ما يلي: أتذكر بهذا الصدد أن الكتاب عندما صدر عام 2003 لقي إعجاب محمد أركون، أكبر مفكر في الإسلام المعاصر. وأتذكر أنه قال ما معناه: أنا أيضاً كان ينبغي أن أدبج كتاباً كاملاً بعنوان السجن الإسلامي الأصولي! لقد سبقني جان دانييل إلى ذلك. فالمسلمون أيضاً منغلقون على أنفسهم داخل شرنقتهم الخاصة. وقد آن الأوان لثقب الشبابيك والأبواب الموصدة لكي ينفتحوا على العالم ويشموا الهواء الطلق في الخارج. آن الأوان لكي يخرجوا من سجنهم اللاهوتي الكهنوتي الذي غطسوا فيه لكي يعانقوا الحداثة العلمية والفكرية والفلسفية. بل وحتى لكي يعانقوا الحداثة الدينية، لكن بالمعنى الأنواري للكلمة لا بالمعنى الظلامي. فهذه شبعنا منها. والواقع أن أركون ألّف هذا الكتاب، لكن بعنوان آخر هو: ألف باء الإسلام: لأجل الخروج من السياجات الدوغمائية المغلقة. العنوان مختلف، لكن المعنى واحد في نهاية المطاف. فالسياجات الدوغمائية تعني السجون والأقفاص العقائدية أو الطائفية الخاصة بكل دين. خلاصة الموضوع كما أفهمه هي التالية: أي شخص أو أي شعب يقدم خدمات جليلة للبشرية كاختراع العلاجات ضد الفيروسات والأمراض التي تفتك بنا فهو ينتمي حتماً إلى شعب الله المختار أو إلى الفرقة الناجية إذا شئتم. بهذا المعنى، فإن الشعوب الحضارية التي تتحفنا كل يوم باختراعات جديدة هي شعب الله المختار. نذكر من بينها جميع الشعوب الحضارية المتقدمة كالشعب السويسري أو الكندي أو الهولندي أو الدنماركي الخ... وبهذا المعنى، فنحن العرب أيضاً كنا شعب الله المختار أو «خير أمة أخرجت للناس» إبان العصر الذهبي عندما أعطينا للعالم مفاتيح العلوم الفيزيائية والبصرية والرياضية والطبية والفلكية والفلسفية التي أدت إلى نهضة أوروبا لاحقاً. عندما كان إشعاعنا الحضاري يطل على العالم كله من بغداد أو قرطبة كنا من دون أدنى شك شعب الله المختار. وقل الأمر ذاته عن اليهود وبقية شعوب العالم.
أنتقل الآن إلى الكتاب الثاني الذي يتحدث فيه جان دانييل عن الشخصيات التي أحبها أو التقاها على مدار حياته الطويلة. ومن بينها شخصيات فلسفية وأدبية من الطراز الأول. نذكر من بينها: أندريه جيد، وألبير كامو، وفرنسوا مورياك، وأندريه مالرو، وجان بول سارتر، ورولان بارت، وميشيل فوكو، ولويس أراغون، وكاتب ياسين، وجاك بيرك، وأكتافيو باز، ومحمد ديب، ومكسيم رودنسون، وجاك دريدا، وسولجنتسين، وآخرين... عندما تقرأ هذه البورتريهات أو الصور الشخصية التي يكرسها جان دانييل لكبار العباقرة تدرك فوراً أن الرجل لم يكن صحافياً لامعاً فقط، وإنما كان أيضاً مفكراً حقيقياً، بل وكاتباً أدبياً من الطراز الأول. وهنا يكمن الفرق بين الصحافي العادي والصحافي الاستثنائي. إنها لمتعة ما بعدها متعة أن تقرأه وتستمتع بكتابته. لكن للأسف، لا نستطيع التوقف عندها كلها في هذه العجالة وإنما سنكتفي بما قاله عن أندريه جيد. فهو يكرس له صفحات مطولة يرد فيها ما فحواه: كان أندريه جيد يقول ما يلي: كلما كان الأبيض غبياً اعتقد بأن السود همج أو وحوش! وكان يعرف الكتابة الصحافية السريعة على النحو التالي: كل كتابة تكون قيمتها غداً أخفض من قيمتها اليوم. بمعنى أنها تُرمى بمجرد أن تُستهلك. وهذا الأمر ينطبق على المقالات السياسية بشكل عام، بل وحتى على المقالات الثقافية الهشة أو العديمة القيمة، وما أكثرها. لكن هناك مقالات سياسية عميقة تظل تحتفظ بقيمتها لفترة طويلة. انظر مقالات ريمون آرون مثلاً أو حتى جان دانييل ذاته، هذا ناهيك عن مقالات فرنسوا مورياك في مجلة «الاكسبريس» التي كان ديغول ينتظرها بفارغ الصبر كل أسبوع. ثم كان أندريه جيد يقول هذه العبارة الرائعة. لقد استقبلت شاباً غريباً الأطوار مؤخراً. لماذا أقول بأنه غريب الأطوار؟ لأنه يعتقد بأننا يمكن أن نضع شيئاً آخر فوق الأدب! عيب، لا يجوز. ومعلوم أن أندريه جيد كان من عبيد الأدب كما تقول العرب عن بعضهم بأنهم من عبيد الشعر. كان أحد كبار كتاب اللغة الفرنسية على مر العصور. ثم قال أندريه جيد لأحدهم: إياك أن تبحث عن الله في مكان محدد ومحصور يا غلام. لماذا؟ لأنه موجود في كل مكان... ألا يذكركم ذلك بالآية الكريمة التي تقول: « وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ....» (البقرة، 115).
وكان أندريه جيد يقول أيضاً هذه العبارة الجميلة: ما كنت أبحث عنه في الصحراء: عطشي! أخيراً، يرى جان دانييل أن أندريه جيد كان من أوائل من أدانوا الانغلاقات الاستعمارية والعنصرية والطائفية وما دعاه أمين معلوف لاحقاً بالهويات القاتلة. وكان يفتخر بأنه أول من عرّف الفرنسيين بأقطاب الأدب العالمي من أمثال: الروسي دوستوفسكي، والألماني نيتشه، والهندي طاغور، والعربي المصري طه حسين!



أقوى مسلسلات 2025... عودة الوهج إلى دراما المنصات بعد سنتَين من الرتابة

أقوى مسلسلات 2025... عودة الوهج إلى دراما المنصات بعد سنتَين من الرتابة
TT

أقوى مسلسلات 2025... عودة الوهج إلى دراما المنصات بعد سنتَين من الرتابة

أقوى مسلسلات 2025... عودة الوهج إلى دراما المنصات بعد سنتَين من الرتابة

في اللحظة التي ظنّ فيها النقّاد ومتابعو منصّات البث أن «نتفليكس» وأخواتها قد وصلت إلى نقطة اللا عودة في صناعة المحتوى القيّم، حلّ عام 2025 حاملاً معه عدداً لا بأس به من المفاجآت الإيجابية.

فبعد قرابة 3 سنوات فرغت خلالها المنصات تقريباً من أي دراما جديدة مثيرة للعين والعقل، باستثناء مواسم تستكمل مسلسلات قديمة، بدأت الصناعة التلفزيونية تستعيد عصرها الذهبي هذه السنة. من «The Pitt» الذي افتتح 2025 على «HBO»، مروراً بـ«Adolescence» على «نتفليكس» والذي شكّل مفاجأة الموسم، وليس انتهاءً بـ«The Studio» على «أبل تي في» الذي نال الإجماع كأفضل عمل كوميدي.

ما هي المسلسلات التي تصدّرت بورصة 2025 بمحتواها الجريء، وبصورتها الأنيقة، وبمواكبتها الواقعية للزمن الذي نعيش فيه؟

* Adolescence (مراهَقة) - نتفليكس -

منذ اللحظة التي اقتحمت فيها الشرطة غرفة «جيمي ميلر» (13 سنة) لاقتياده إلى السجن بتهمة قتل زميلته في المدرسة، تسمّرت العيون أمام شاشة «نتفليكس» لتتابع الحكاية. بحلقاته الـ4، يشرّح المسلسل البريطاني بواقعية كبيرة وإحساسٍ عالٍ الانعكاسات المدمّرة للثقافة الذكورية المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على الصِبية المراهقين.

بمجهودٍ مشترك بين المخرج فيليب بارانتيني والكاتب والممثل ستيفن غراهام، حلّق «Adolescence» بسرعة إلى صدارة المشاهَدات. وانتقلت العاصفة التي أحدثها إلى حفل «إيمي» حيث حصد 8 جوائز، من بينها واحدة لبطل المسلسل الصغير أوين كوبر الذي أذهل الجمهور والنقّاد بأدائه لشخصية جيمي.

* Dept. Q (القسم كيو) - نتفليكس -

ينطلق تصوير الموسم الثاني من «Dept. Q» في العاصمة الاسكوتلندية إدنبره مطلع 2026، نظراً للإقبال الجماهيري الواسع الذي ناله الموسم الأول منه. شكّل هذا المسلسل حصاناً رابحاً آخر بالنسبة إلى «نتفليكس»، وهو يتمحور حول مجموعة من المحققين المُبعَدين عن محوَر الأحداث بسبب فشلٍ شخصي أو مهني سابق. على رأس هؤلاء «كارل مورك» والذي يؤدي شخصيته الممثل ماثيو غود.

يعود كارل إلى الوظيفة بعد حادثٍ تسبّب فيه وأدّى إلى إصابة أحد زملائه بالشلل. لا يجد لنفسه مكتباً سوى في الطابق السفلي من المركز، أما القضايا التي تُسلّم إليه فبائدة وغطّى الغبار ملفّاتها. بنصٍ عميق وإخراجٍ مُحكَم، لا يبدّي Dept Q. التشويق والجريمة على حساب الأبعاد النفسية، فللحكاية مقلبٌ آخر يدور حول العلاقات الإنسانية والعائلية.

* The Pitt (الحفرة) - HBO -

وفق أرقام المُشاهَدات وإجماع النقّاد وعدد جوائز الـ«إيمي» التي حصدها، فإنّ «The Pitt» هو مسلسل العام من دون منازع، وهو عائد قريباً في موسم ثانٍ. صحيح أنّ الدراما التي تدور أحداثها في المستشفيات وغرف الطوارئ وحيث الأبطال هم أطبّاء ومرضى وممرّضون، كانت قد دخلت خزانة الذكريات وتحوّلت إلى موضة بائدة، إلا أن دراما «HBO» قلبت المعادلة.

منطلقاً من الواقع وما شهده القطاع الاستشفائي خلال جائحة «كورونا»، يصوّر المسلسل 15 ساعة من يوميات فريق من الأطباء والممرضين في قسم الطوارئ في مركز طبي في ولاية بيتسبرغ الأميركية. بواقعية ودقّة يغطّي «The Pitt» المعاناة المهنية والشخصية التي يختبرها الفريق من جوانبها كافةً، لا سيّما على خلفية الجائحة ونقص التمويل وعديد الموظفين.

* Pluribus (من بين الكثرة، واحد) - أبل تي في -

ينتمي مسلسل «Pluribus» إلى فئة الخيال العلمي وتدور أحداثه في ولاية نيو مكسيكو، حيث تجد شخصيته الأساسية «كارول ستوركا» نفسها معزولة بعد أن حوّل فيروس فضائي بقية البشرية إلى عقل جماعي مسالم وراضٍ، ويسعى هذا المجتمع الجديد إلى استيعاب كارول و12 شخصاً آخر يتمتعون بالمناعة. غير أن البطلة تقف في مواجهة تلك المساعي، بل تحاول أن تنقذ الأكثرية من هذا التخدير الجماعي.

بدأ عرض المسلسل على منصة أبل الشهر الماضي، وسرعان ما تحوّل إلى ظاهرة عالمية ما استدعى البدء بتصوير موسمٍ ثانٍ منه.

* The Studio (الاستوديو) - أبل تي في -

نجمُ الكوميديا من دون منازع لهذا العام مسلسل The Studio وذلك بشهادة جوائز الـ«إيمي» التي نال منها 13. انطلق العرض في مارس (آذار) 2025 على أبل، ونظراً للشعبيّة الكبيرة، جرى التجديد لموسم ثانٍ.

المسلسل بمثابة نقدٍ ذاتي لعالم صناعة السينما والدراما في هوليوود، حيث يسخر من المنحى التجاري الذي يعتمده. يصارع البطل «مات» لتحقيق التوازن بين شغفه بصناعة أفلام عالية الجودة ومتطلبات الشركات لإنتاج محتوى مربح. ضمن إطارٍ مضحك، يسلّط «The Studio» الضوء على الفوضى والضغوط التي تكتنف كواليس صناعة الأفلام، حيث تقدم كل حلقة تحدياً جديداً، مثل استقطاب نجم ضيف بارز أو إدارة كارثة في موقع التصوير.

* Death by Lightning (الموت بصاعقة) - نتفليكس -

بالعودة إلى مسلسلات «نتفليكس» التي تميّزت هذه السنة، «Death by Lightning» الذي يعود إلى حادثة اغتيال الرئيس الأميركي جيمس غارفيلد عام 1881.

بـ4 حلقات كثيفة، تغوص القصة في العلاقة الغريبة التي جمعت غارفيلد، الرئيس المناضل من أجل الحقوق المدنية ومكافحة الفساد، بقاتله تشارلز غيتو الذي كان من أشدّ معجبيه قبل أن يصبح كارهاً له. وقدّم كلٌ من مايكل شانون بشخصية غارفيلد، وماثيو ماكفايدن بدور القاتل أداءً آسراً شكّل دعامةً للمسلسل.

* The Beast in Me (الوحش الذي بداخلي) - نتفليكس -

خبّأت «نتفليكس» إحدى مفاجآتها حتى نهاية العام، فقدّمت مسلسلاً من العيار الدرامي الثقيل بعنوان The Beast in Me. أعاد العمل الممثلة كلير داينز إلى الواجهة بشخصية الكاتبة «آغي ويغز»، التي تهجس بجارها المشتبه فيه بقتل زوجته السابقة. في هذا الدور، يطلّ الممثل ماثيو ريس خاطفاً الأضواء والأنفاس بأدائه. ما يجمع بين «نايل جارفيس» والكاتبة ويغز ليس حباً بل لعبة خطرة، ظاهرُها رغبة منها في كتابة مذكّراته وباطنُها حبكة نفسية معقّدة.


«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

عبر أكثر من 100 لوحة في فن الجرافيك والرسم بالأبيض والأسود، وكذلك الأعمال الملونة التي ترصد تفاصيل الحياة الشعبية بالشارع المصري، استضاف متحف محمود مختار بالجزيرة (وسط القاهرة)، معرضاً استعاديّاً للفنان الراحل وحيد البلقاسي، الملقب بـ«شيخ الحفارين»، تضمن رصداً لأعماله وجانباً كبيراً من مسيرته الفنية.

المعرض الذي انطلق 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ويستمر حتى 28 من الشهر نفسه في قاعتي «نهضة مصر» و«إيزيس» رصد مراحل فنية متنوعة للفنان الراحل، وبرزت خلاله فكرة الأسطورة الشعبية من خلال رموز بعينها رسمها ضمن اللوحات، مثل: العين الحارسة، والأجواء الأسطورية، للحكايات التي تتضمنها القرية المصرية.

وبينما تضمنت إحدى القاعات الأعمال الملونة والغرافيك المميز الذي قدمه الفنان وحيد البلقاسي، والتي تعبر عن الأسرة المصرية بكل ما تمثله من دفء وحميمية، كذلك ما يبدو فيها من ملامح غرائبية مثل القصص والحكايات الأسطورية التي يتغذى عليها الخيال الشعبي.

البورتريه الملون من أعمال الفنان وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

ولد وحيد البلقاسي في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) عام 1962، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، قسم الغرافيك عام 1986، واشتهر بأعماله في فن الغرافيك، وله عشرات المعارض الفردية والجماعية، كما أسس جماعة فنية باسم «بصمات»، وكان لها دور فاعل في الحياة الفنية عبر معارض وفعاليات متنوعة.

يقول عمار وحيد البلقاسي، منسق المعرض، نجل الفنان الراحل، إن المعرض يمثل تجربة مهمة لشيخ الحفارين وحيد البلقاسي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «اختيار اسم المعرض للتأكيد على أن أعمال الفنان لا تموت وتظل خالدة للأبد، تحمل اسمه وتحيي أعماله الفنية»، وتابع: «قبل وفاة الفنان عام 2022 كان يتمنى أن يعرض هذه المجموعة المتنوعة من أعماله الفنية، بما فيها الحفر على الخشب في دار الأوبرا المصرية، واستطعنا أن نعرض من مجموعته 100 عمل فني تصوير، من بينها 30 عملاً فنياً بطول مترين وعرض 170 سنتمتراً، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الصغيرة».

وأشار إلى أن الأعمال في مجملها ترصد القرية والحياة الريفية بمصر، وتتضمن موتيفات ورموزاً شعبية كثيرة تدل على الأصالة وعشقه للقرية والحياة الشعبية بكل ما تتضمنه من سحر وجمال.

ويصف الإعلامي المصري والفنان طارق عبد الفتاح معرض «لون لا يموت» بأنه «يعبر عن مسيرة الفنان وحيد البلقاسي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أعدُّ الفنان الراحل فناناً عالمياً؛ لأنه جمع بين الإغراق في المحلية ومفردات التراث في لوحاته، واللوحات التي تنطق بالتعبيرية وتمثل الروح المصرية الأصيلة، واستخدم الأبيض والأسود في أغلب أعماله، لكن له مجموعة أعمال بالألوان مبهرة، ويظهر في أعماله مدى اهتمامه بالجمال والاحتفاء بالمرأة وبالمفردات الشعبية وتفاصيل القرية المصرية».

الفنان الراحل وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الفتاح: «لوحات المعرض سواء الكبيرة، التي يصل ارتفاعها إلى مترين، أو الصغيرة، فيها طاقة تعبيرية تبهر المتلقي الذي ينجذب فوراً للتفاصيل الموجودة بها».

وإلى جانب أعماله الفنية المتميزة، فقد شارك وحيد البلقاسي في الحركة التشكيلية عبر أنشطة عدّة، وأُنتج فيلم تسجيلي عن مسيرته الفنية بعنوان «شيخ الحفارين»، من تأليف علي عفيفي، وإخراج علاء منصور، سجل رحلته الفنية وعلاقته بالقرية والمفردات التي استقى منها فنه.


«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
TT

«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

تحت عنوان «روح ومحبة» أطلق المتحف القومي للحضارة المصرية احتفالية بمناسبة رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد، تضمّنت معرضاً أثرياً مؤقتاً يستمر لمدة شهرَين بالتعاون مع المتحف القبطي في القاهرة.

ورأى الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور الطيب عباس، أن تنظيم هذا المعرض يأتي في إطار الدور الثقافي والمجتمعي الذي يضطلع به المتحف، مشيراً في بيان للمتحف، الجمعة، إلى أن رسالة المتحف لا تقتصر على عرض القطع الأثرية فحسب، بل تمتد إلى إبراز القيم الإنسانية والروحية التي أسهمت في تشكيل الهوية الحضارية لمصر عبر العصور. وأكد أن المعرض يعكس رسالة مصر التاريخية بوصفها حاضنة للتنوع الديني والثقافي، ومركزاً للتسامح والتعايش.

وافتُتح المتحف القومي للحضارة المصرية عام 2021 بالتزامن مع احتفالية «موكب المومياوات»، حيث نُقلت «المومياوات الملكية» من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ويضم المتحف 1600 قطعة أثرية تحكي تاريخ مصر عبر العصور.

ويضم المعرض الأثري المؤقت مجموعة متميزة ونادرة من روائع الفن القبطي تُعرض لأول مرة، تشمل أيقونات ومخطوطات قبطية ومشغولات فنية كانت تُستخدم في الأديرة والكنائس، من أبرزها أيقونة لميلاد السيدة العذراء، ومنظر حجري يُجسّدها وهي تُرضع السيد المسيح، بما يعكس ثراء هذا التراث وقيمته الفنية والرمزية، وفق تصريحات للدكتورة نشوى جابر، نائبة الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية.

وقالت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض الأثري جاء بالتعاون مع المتحف القبطي، وهي المرة الثانية التي يتعاون فيها المتحف مع آخر، حيث تم التعاون من قبل مع المتحف الإسلامي خلال احتفالات المولد النبوي الشريف».

جانب من معرض أثري مؤقت بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

وأكدت أن «القطع المعروضة فريدة من نوعها فلم تُعرض من قبل، ومن بينها 15 قطعة من المتحف القبطي، و8 قطع من متحف الحضارة، تعود إلى القرون الميلادية الأولى»، وأهم القطع التي تضمنها المعرض وفق نائب الرئيس التنفيذي للمتحف «أيقونة ميلاد السيدة العذراء نفسها، فالشائع والمنتشر هي أيقونات ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ولكن من النادر وجود لوحة أيقونية تصور ميلاد السيدة العذراء. كما توجد قطعة حجرية منقوش عليها رسم للسيدة العذراء والسيد المسيح، وتُعدّ امتداداً للفن المصري القديم الذي كان يجسّد في لوحات مشابهة لإيزيس وهي تُرضع الطفل حورس».

من جانبه، أكد رئيس قطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية، الدكتور أحمد حميدة، أن «المعرض يُجسّد نموذجاً للتعاون المثمر بين المؤسسات الثقافية»، مشيراً إلى أن «اختيار السيدة العذراء مريم محوراً للمعرض يحمل دلالات إنسانية وروحية عميقة».

بينما أشارت مديرة المتحف القبطي، جيهان عاطف، إلى أن المعرض يُبرز تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، لإظهار ثراء الموروث الحضاري المصري وتعدد روافده عبر مختلف الحقب التاريخية.

وحسب بيان للمتحف القومي للحضارة، تضمّنت الفعاليات الاحتفالية الكثير من الأنشطة، من بينها معرض للتصوير الفوتوغرافي، تضمن 22 صورة فوتوغرافية لاحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في مصر، وهو ما عدّته نائبة رئيس المتحف «ضمن خطة للربط بين الاحتفالات والأعياد الكبرى من جهة عرض القطع الأثرية التي تعبّر عنها، وكذلك توثيق مظاهرها الحديثة والمعاصرة وحضور هذه الأعياد ومظاهرها في الشارع المصري المعاصر للربط بين التاريخ والحاضر».

وشهدت الاحتفالية فعاليات فنية، مثل عروض لفرقة كورال «أغابي» التي قدمت مجموعة من الأغاني القبطية احتفاء بقيم المحبة والسلام، إلى جانب عروض لكورال الأناشيد بالتعاون مع كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور.

وتضمنت الاحتفالية أيضاً أنشطة تفاعلية متنوعة لتنفيذ أعمال فنية ورسم حي لأيقونات المعرض، وممارسة ألعاب تفاعلية، وتوزيع هدايا الميلاد.