مسابقة لاختيار أفضل «حنطور» في أسوان

حنطور على ضفاف نهر النيل (أرشيفية)
حنطور على ضفاف نهر النيل (أرشيفية)
TT

مسابقة لاختيار أفضل «حنطور» في أسوان

حنطور على ضفاف نهر النيل (أرشيفية)
حنطور على ضفاف نهر النيل (أرشيفية)

تستعد محافظة أسوان (جنوب مصر) لتنظيم «مسابقة أفضل حنطور»، والتي سيتم الإعلان عن نتيجتها في بداية الشهر المقبل، وسوف تراقب السلطات المحلية بالمحافظة عربات الحنطور خلال الشهر الجاري لاختيار أفضل 5 عربات قبل تكريم أصحابها وحصولهم على جوائز مالية تصل إلى 10 آلاف جنيه (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري).
وتهدف المسابقة الجديدة إلى الحفاظ على الطابع الحضاري والسياحي للمحافظة التي تضم عدداً من المعابد والمواقع الأثرية النادرة، وفق محمد حسن، مسؤول الإعلام بمحافظة أسوان، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن معايير اختيار عربات الحنطور الفائزة تشمل الالتزام بتطبيق منظومة السير الجديدة التي اعتمدتها المحافظة أخيراً، والالتزام بالنظافة العامة للعربة والحصان، بجانب التزام أصحاب عربات الحنطور التي يبلغ عددها بمدينتي أسوان وإدفو نحو 280 عربة بارتداء الزي الموحد الذي سوف يتم توزيعه عليهم مجاناً، بالإضافة إلى التزام أصحاب العربات بتركيب حافظة للحصان لمنع تبرزه على الطريق، مع تجديد الترخيص بشكل دوري».

ركوب عربات الحنطور يتيح للسائح الاستمتاع برؤية نهر النيل في أسوان (الشرق الأوسط)

وحذر اللواء أشرف عطية محافظ أسوان، في بيان صحافي اليوم أصحاب عربات الحنطور، من مصادرة عرباتهم لمدة تتراوح ما بين شهر إلى 3 شهور، إذا لم يلتزموا بتطبيق المنظومة الجديدة، مشيراً إلى «وجود إرادة وإصرار لتطبيق المنظومة الجديدة لسير عربات الحنطور داخل المدينة من أجل استعادة المظهر الحضاري والجمالي أمام الأفواج السياحية والزائرين والمواطنين حيث سيتم وقوف عربات الحنطور مؤقتاً بموقف السيرفيس لحين توفير موقف آخر حضاري».
وتعد مدينة أسوان من أجمل المدن السياحية في مصر، وتضم مجموعة من أفضل الفنادق السياحية، وتتميز بتنوع المواقع السياحية والأثرية على غرار جزيرة النباتات وجزيرة الفنتين، ومعبد فيلة ومعبد كوم امبو، بالإضافة إلى معابد أبو سمبل ومتحف النوبة، والسد العالي، وتجتذب هذه المعالم آلاف السياح من مختلف دول العالم سنوياً وخصوصاً في فصل الشتاء.
وتتنقل عربات الحنطور بين أنحاء مدينة أسوان، وتمنح السائح فرصة جيدة لمشاهدة صفحة مياه نهر النيل أثناء سيرها ببطء بطول كورنيش النيل بالمدينة.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.