البيت الشيعي يخسر احتكار الترشيح لرئاسة الوزراء بعد «فيتو» السنة والأكراد

الصدر عد انسحاب علاوي «انتصاراً لقوى الفساد»

TT

البيت الشيعي يخسر احتكار الترشيح لرئاسة الوزراء بعد «فيتو» السنة والأكراد

لم يتمكن محمد توفيق علاوي الوزير السابق والنائب السابق في نظام ما بعد 2003 كسر قاعدة المحاصصة العرقية والطائفية. فبعد تكليفه كمرشح توافقي لا يختلف كثيرا عن سلفه المستقيل عادل عبد المهدي وبعد عدة مجاهرات منه ومن مؤيديه بشأن المجيء بكابينة حكومية بشكل مختلف عما اعتادت عليه القوى والأحزاب النافذة اصطدم في اليوم الثاني من إعلانه قائمة الوزراء بجدار صد حديدي بدا عليه أنه غير قادر على تخطيه، تمثل بموقف غير مسبوق من قبل البيتين الكردي والسني. فبالرغم من الانقسام في البيت السني بين جبهة يقودها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وجبهة مضادة يقودها زعيم جبهة الإنقاذ أسامة النجيفي، فإن جبهة الحلبوسي هي التي فرضت إرادتها. أما على الجبهة الكردية فإنه برغم كل الخلافات بين الأحزاب الكردية إلا أن الموقف الذي تبناه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني هو الذي فرض إرادته في النهاية.
رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي الذي بدا أنه بلا أب لجهة الترشيح، حاول أن يجعل من ذلك بمثابة ميزة له لجهة كسر احتكار الترشيح مرة والتكليف مرة واحتمالية القبول مرات. وتبين أن علاوي الذي لم تعلن كتلة معينة تبنيه، عدا ما ذكره زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في لقاء متلفز من أنه مرشح من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح، وأنه (الصدر) لم يعترض عليه، كان مرشحا لنواب من كتل مختلفة. وطبقا لما يقوله رئيس كتلة «بيارق الخير» البرلمانية محمد الخالدي لـ«الشرق الأوسط» فإن «عدد التواقيع التي جمعت من أجل تحديد المواصفات المطلوبة للمرشح لرئاسة الوزراء بلغت 170 نائبا، وبدا أنه بات مقبولا ترشيح محمد توفيق علاوي»، مبينا أن «عدد التواقيع التي كانت لازمة لترشيحه والتي قدمت إلى رئيس الجمهورية بلغت 56 توقيعا، وبالتالي تم تكليفه من قبل الرئيس». وأوضح الخالدي أن «النهج الذي اتبعه علاوي في اختيار كابينته كان بمثابة صدمة للقوى والأحزاب النافذة التي لم تقبل بالمعادلة التي جاء بها علاوي والتي كسر بموجبها احتكار سلطة الترشيح لهذه القوى طوال السنوات السابقة لمن يمثلها في الكابينة الحكومية، وبالتالي عملت كل ما من شأنه لعرقلة تمريره عبر جلسات غير مكتملة النصاب، في حين أنه أكمل الكابينة، وكان ينتظر التصويت قبولا أو رفضا داخل قبة البرلمان».
وعد المفكر العراقي غالب الشابندر في تغريدة له على «تويتر» عدم «تمرير محمد علاوي بصرف النظر إن كان جيدا أم لا إنما هو بمثابة سقوط لهيبة المكون الشيعي» بعد احتكاره سلطة الحكم والترشيح لستة عشر عاما الماضية، مبينا أنه «توضحت جلية الأمر بأنه بات للشعب الحق بشأن شخوص أن يقول عنهم ما يريد».
من جهته، اعتبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تنحي علاوي واعتذاره عن المضي في سباق التكليف لمنصب رئيس الوزراء بأنه بمثابة «انتصار لقوى الفساد». وتساءل الصدر في تغريدة له على «تويتر»: «إلى متى يبقى الغافلون، ممن يحبون المحاصصة، ولا يراعون مصالح الوطن يتلاعبون بمصائر الشعب؟». وتابع «إلى متى يبقى العراق أسير ثلة فاسدة؟ وإلى متى يبقى بيد قلة تتلاعب بمصيره؟ ظانين حب الوطن، وهم عبيد الشهوات».
في السياق نفسه أكد القيادي في جبهة الإنقاذ ومحافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط» أن «القوى المتنفذة في البرلمان سوف تقاتل من أجل إكمال الدورة الحالية من أجل استنزاف أقصى ما تستطيع الحصول عليه من منافع». وأضاف النجيفي أن «ما حصل هو بمثابة انتصار لإرادة تقاسم الغنائم التي اعتمدتها هذه القوى والذي أنهى أي إمكانية بحدوث إصلاح، وبالتالي فإن البرلمان الحالي سوف يستمر في الدفاع عن إكمال دورته الحالية بأي ثمن».
في السياق نفسه، علقت كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على اعتذار محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة العراقية، مؤكدة موقفها بشأن مواصفات المكلف الجديد. وقالت الكتلة في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن اعتذار علاوي عن تشكيل الحكومة كان «بسبب الضغوط السياسية التي مورست عليه من أجل تنفيذ أجندة معينة لا تتناسب مع الوعد الذي قطعه على نفسه بتشكيل حكومة مستقلة بعيدة عن الالتزامات الحزبية، لكي تنفذ مطالب الشعب، وتنقذ البلاد من الانزلاق للمجهول». وأضاف البيان: «في خضم هذه الأحداث المتسارعة ومع ارتفاع صوت الشعب الذي يطالب بحقوقه المشروعة مقدما آلاف التضحيات بين شهيد وجريح وعجز مجلس النواب عن عقد جلسة استثنائية للتصويت على الحكومة بسبب الاصطفافات السياسية التي عرقلت انعقاد الجلسة تعرب كتلة (سائرون) النيابية عن موقفها الثابت والمبني على معطيات وطنية وواقعية، والمتمثل بضرورة اختيار شخصية وطنية مستقلة، وأن يمنح الحرية الكاملة دون تدخل من أي طرف داخلي أو خارجي لتشكيل حكومة جديدة تلبي مطالب الشعب العراقي وتقوم بمهامها الأساسية والضرورية، وفي مقدمتها إعادة الهيبة إلى مؤسسات الدولة، وخصوصا الأمنية منها، وكشف جميع ملفات الفساد، ومحاسبة قتلة المتظاهرين السلميين، وحصر السلاح بيد الدولة، والتهيؤ إلى انتخابات مبكرة حرة ونزيهة بعيدا عن هيمنة السلطة والمال والقوة؛ لتكون معبرة عن إرادة جميع أبناء الشعب العراقي».
وتابع أن «كتلة (سائرون) النيابية تدعو جميع الكتل السياسية إلى التعامل بروح المسؤولية مع هذه اللحظات التاريخية، وأن تكون مصداقا لشعاراتها الإعلامية التي ترفعها بين الحين والآخر، والتي تدعي فيها وقوفها مع الشعب العراقي وتخليها عن المحاصصة والمكاسب السياسية وألا تبقى رهينة التغانم السياسي من خلال إصرارها على فرض قناعتها ورؤيتها الأحادية بما ينسجم مع مصالحها الحزبية».
وأوضح البيان أن «الاختناق السياسي الذي يمر به العراق يحتاج إلى نوافذ صدق وإيثار تنعش جسد الوطن قبل أن تذهب الأمور إلى المجهول، وحينها ستكون الخسائر كبيرة والجراح عميقة، والتاريخ لن يرحم الذين تسببوا بكل هذا الخراب».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.