ضغوط أميركية ـ دولية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا

TT

ضغوط أميركية ـ دولية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا

اتهمت المندوبة الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت قوات الرئيس السوري بشار الأسد، المدعومة من روسيا وإيران، بتنفيذ «حملة عسكرية وحشية» في إدلب. بينما واصلت الولايات المتحدة وحلفاؤها ضغوطها من أجل إصدار قرار جديد في مجلس الأمن يدعو إلى وقف القتال في شمال غربي سوريا، ويسمح بإيصال المساعدات الإنسانية الماسة إلى الملايين من النازحين والمحتاجين عبر معبر تل أبيض مع تركيا، طبقاً لما اقترحه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقرير أعده أخيراً.
وأعلنت البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة أن السفيرة كرافت والممثل الأميركي الخاص لسوريا جيمس جيفري، يقومان بدءا من 2 مارس (آذار) وحتى 4 منه، بزيارة تركيا «وسط تصاعد القلق من تصاعد العنف في سوريا». واتهمت قوات نظام الأسد، المدعومة من روسيا وإيران، بتنفيذ «حملة عسكرية وحشية» في إدلب، مشيرة إلى «مقتل مئات المدنيين وإجبار نحو مليون شخص على الفرار، وهذا أكبر عدد من النازحين منذ بدء الحرب السورية قبل تسع سنين».
وأفادت البعثة بأن «كرافت ستشدد خلال زيارتها على الحاجة الماسة إلى الوصول الإنساني عبر الحدود بإذن من الأمم المتحدة، لتوصيل المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المجتمعات السورية والمشردين الذين يكافحون من دون إمدادات أو مأوى ملائم في درجات حرارة جليدية». وأضافت أن كرافت ستلتقي مسؤولي الأمم المتحدة وموظفي المنظمات غير الحكومية «الذين يعملون بلا كلل من أجل الاستجابة للأزمة الإنسانية المتنامية»، فضلاً عن لقاء المسؤولين الأتراك الكبار في أنقرة حول الوضع الإنساني في شمال غربي سوريا قبل العودة إلى نيويورك.
في غضون ذلك، أفاد المنسق الإنساني الإقليمي كيفن كينيدي في بيان وزع في نيويورك حول مهمة الأمم المتحدة عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا، بأن البعثة المشتركة للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة استمرت يوماً واحداً عبر الحدود من تركيا إلى المناطق التي تزداد فيها الحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية يوماً بعد يوم، مشيراً إلى نزوح نحو مليون شخص معظمهم من النساء والأطفال، في إدلب والمناطق المحيطة بها منذ 1 ديسمبر (كانون الأول).
وضمت البعثة المشتركة ممثلين عن المنظمة الدولية للهجرة وصندوق الأمم المتحدة للسكان والمفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين وصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» وبرنامج الأغذية العالمي، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية. واستنتج كينيدي أنه «من الضروري أن تستخدم الأمم المتحدة كل الطرق للوصول إلى المحتاجين، سواء من داخل سوريا أو عبر الحدود»، مضيفاً أن البعثة «كانت خطوة ناجحة لفهم الحقائق الإنسانية على أرض الواقع بشكل أفضل، وتقييم جدوى الوجود الدائم للأمم المتحدة في إدلب».
وزار الفريق مخيم كفر لوزان للنازحين، حيث اجتمع مع وجهاء المجتمع المحلي والمنظمات غير الحكومية الشريكة والنازحين، وبينهم النساء. ثم زار مستشفى باب الهوى، حيث قابل العاملين الصحيين والمرضى قبل العودة إلى تركيا عبر معبر باب الهوى الحدودي. وقال كينيدي: «عاينا مباشرة العواقب الإنسانية الوخيمة للعنف المستمر في إدلب»، مضيفاً أن «الناس مصابون بالصدمة والخوف، ويحتاجون بشكل عاجل إلى وصول أفضل إلى المأوى والغذاء والصرف الصحي والخدمات الصحية الأساسية والحماية». واعتبر أن «عمال الإغاثة المحليين يقومون بعمل بطولي، لكنهم مرهقون ويتشردون ويتعرضون للقتل». وأكد أنه «يجب على كل أطراف النزاع أن تلتزم واجباتها حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وفقاً للقانون الإنساني الدولي»، مشدداً على أن «العملية الإنسانية المستمرة عبر الحدود ضرورية لتلبية متطلبات السوريين الذين يحتاجون إلى المساعدة بشكل عاجل». وأفاد كذلك بأن أكثر من 2150 شاحنة تحمل مساعدات من تركيا عبرت إلى شمال غربي سوريا في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، موضحاً أن «هذا هو أكثر من ضعف عدد الشاحنات التي تعبر خلال الفترة ذاتها من عام 2019، لكننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد وزيادة وجودنا على الأرض». وقال: «يحتاج الناس في شمال غربي سوريا أولاً وقبل كل شيء إلى وقف العنف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.