حل للمناطق القاحلة... جهاز يستخلص ماء الشرب من الهواء

باحثون من «كاوست» يقدمونه

TT

حل للمناطق القاحلة... جهاز يستخلص ماء الشرب من الهواء

طوَّر باحثون بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) جهازاً يمكنه امتصاص ما يعادل وزنه مياهاً من الهواء النقي، ثم إطلاقها عند تسخينه بأشعة الشمس، ما قد يوفر مصدراً جديداً آمناً لمياه الشرب في المناطق القاحلة النائية.
ويحوي هواء الأرض - على مستوى العالم - ما يقرب من 13 تريليون طن مياه، وهو مخزون واسع متجدد لمياه الشرب النظيفة. وأظهرت التجارب التي أجريت على عديد من المواد والأجهزة المطورة للاستفادة من هذا المصدر، أنها غير فعالة أو مكلفة أو معقدة للغاية للاستخدام العملي، على حد سواء. وأخيراً تمكن نموذج جهاز أولي طوره البروفسور بينغ وانغ، أستاذ علوم وهندسة البيئة وفريقه البحثي، من مركز تحلية المياه وإعادة استخدامها في «كاوست»، من أن يغير ذلك أخيراً.
يوجد في لُب الجهاز كلوريد الكالسيوم، وهو ملح رخيص مستقر وغير سام. ويوضح رينيوان لي، طالب الدكتوراه في فريق وانغ البحثي، أن هذا الملح المائع يُبدي شراهة عالية للمياه، ويمتص بخار الماء من الهواء المحيط، إلى أن تتجمع بركة صغيرة من الماء السائل في نهاية المطاف. ويتابع: «يمكن أن يذيب الملح المائع نفسه بامتصاص الرطوبة من الهواء».
ويضيف لي: «النظم التي تستخدم مواد ماصة سائلة معقدة للغاية»، موضحاً أن كلوريد الكالسيوم ذو قدرة كبيرة على جمع المياه؛ لكن حقيقة أنه يتحول من ملح صلب إلى سائل ملحي بعد امتصاص المياه ظلت عقبة رئيسية أمام استخدامه كجهاز لاستخلاص المياه. وللتغلب على هذه المشكلة، دمج الباحثون الملح في بوليمر يسمى هلاماً مائياً، يمكنه أن يحتفظ بكمية كبيرة من المياه بينما يظل صلباً. والبوليمرات مواد مصنوعة من سلاسل طويلة ومتكررة من الجزيئات، وتكون لها خصائص فريدة من نوعها، اعتماداً على نوع وكيفية الترابط فيما بينها.
كما أضاف الباحثون للهلام كمية صغيرة من أنابيب الكربون النانوية، بنسبة 0.42 في المائة من الوزن، لضمان إمكانية إطلاق بخار الماء المُستخلَص. وتمتص أنابيب الكربون النانوية أشعة الشمس بكفاءة عالية، وتحول الطاقة المستخلصة إلى حرارة.
ودمج الفريق 35 غراماً من هذه المادة في نموذج أولي بسيط من الجهاز. ثم تُرك الجهاز في الخارج طوال الليل، فامتص 37 غراماً من الماء في ليلة واحدة، عندما كانت الرطوبة النسبية 60 في المائة تقريباً.
وفي اليوم التالي، بعد ساعتين ونصف من التعرض لأشعة الشمس الطبيعية، أُطلِق معظم الماء الممتص وجُمع داخل الجهاز.
يقول لي: «أبرز جوانب الهلام المائي أداؤه العالي وتكلفته المنخفضة». وإذا توسع نطاق النموذج الأولي لإنتاج 3 لترات من المياه يومياً، وهو الحد الأدنى من احتياجات الشخص البالغ من المياه، فإن تكلفة مادة الهلام المائي الممتص للمياه ستصل إلى نصف سنت يومياً.
وسيعمل بينغ وانغ في الخطوة التالية على تحسين الهلام المائي الماص، بحيث يطلق المياه المجمعة بشكل مستمر، وليس على دُفعات.



مصاعد فضائية لرحلات جماعية إلى القمر

رسم تخيلي للمصعد القمري
رسم تخيلي للمصعد القمري
TT

مصاعد فضائية لرحلات جماعية إلى القمر

رسم تخيلي للمصعد القمري
رسم تخيلي للمصعد القمري

حتى مع انخفاض أسعار رحلات الفضاء بشكل كبير في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين المقبلة، فإن التكاليف البيئية والمالية المترتبة على استخدام الصواريخ المعبأة بوقود كيميائي للإفلات من جاذبية الأرض، كانت سبباً في إعاقة التوسع البشري إلى القمر وما بعده. كما كان هناك أيضاً غضب واسع النطاق من أن استكشاف الفضاء أصبح حكراً على الأغنياء، ما أدى إلى الرغبة في إضفاء «الطابع الديمقراطي» على الوصول إلى الفضاء.

مصاعد فضائية

كان الحلم، منذ قرون، أن نبني مصعداً فضائياً لنقلنا من الأرض إلى الفضاء من دون استخدام الصواريخ. ولكن كيف يمكن بناؤه، وأين؟ كانت التحديات الهندسية، جنباً إلى جنب مع العقبات السياسية، بالغة الضخامة. وكانت الإجابة تتلخص في قلب الفكرة وبناء خط واصل من سطح القمر إلى مدار الأرض... كل ما عليك فعله هو أن تنتقل من الأرض إلى نهاية الخط الواصل ثم القفز إلى ترام يعمل بالطاقة الشمسية والتحرك على طول المسار إلى القمر.

لكن تظل هناك حاجة إلى الصواريخ للوصول إلى النهاية المتدلية للخط الواصل، ولكن بما أن تلك الصواريخ لن تضطر إلى الإفلات تماماً من جاذبية الأرض، فانها ستحتاج إلى وقود أقل بكثير.

وكتب روان هوب في مجلة «نيو ساينتست» العلمية، وعلى عكس التصميمات التقليدية للمصاعد الفضائية، أن الخط الذي تسير عليه لم يكن بحاجة إلى ثقل موازن عملاق، يكون الضغط على الكابل أقل بكثير، وتكون المواد اللازمة لجعل هذا الأمر حقيقة متاحة، وأصبحت الفكرة قابلة للتطبيق بحلول عام 2040.

بمجرد بنائه، يصبح من الممكن نقل البشر والبضائع من الأرض بواسطة الصواريخ إلى الخط الواصل ثم إلى القمر، مع خفض إجمالي كمية الوقود اللازمة لنقل شيء ما من عالمنا إلى القمر الطبيعي بمقدار الثلثين. وأدى انخفاض الأسعار الناجم عن ذلك إلى تغيير جذري فيما يمكن القيام به في الفضاء ومن يمكنه أن يذهب من البشر.

خط قمري

يتم تصميم قاعدة أول خط قمري واصل بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، على الجانب القريب من القمر، حيث يجري إنشاء العديد من القواعد القمرية في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين للاستفادة من الضوء شبه الثابت في القطب الجنوبي والاحتياطيات الكبيرة من المياه المتجمدة في فوهة «شاكلتون».

على عكس قواعد القمر، التي ترتبط بالشركات الخاصة والدول على الأرض، يعد المصعد مورداً مشتركاً. وقد تم بناؤه بموجب قوانين وضعتها المنظمات غير الحكومية مثل مؤسسة «من أجل كل أنواع القمر» For All Moonkind ومؤسسة «القمر المفتوح» Open Lunar Foundation، والمنظمات المناظرة في المناطق المساهمة الرئيسية (الهند، واليابان، والصين، والاتحاد الأوروبي).

إن الخط الواصل يتصل بالقمر عبر نقطة «لاغرانج» القمرية «إل 1». هذه هي المناطق في الفضاء حيث تتوازن الجاذبية للقمر والأرض، ولا تكون هناك حاجة إلى الوقود للحفاظ على موضع الجسم.

في الواقع، فإن هذه النقطة هي عبارة مواقف سيارات في الفضاء، ومن ثمّ فهي مواقع مفيدة للغاية للمستودعات والموانئي الفضائية. الخط الواصل - أو السلم القمري Lunar Ladder، أو الممشى القمري MoonWalk، أو «عصا الجبن» Cheese Stick، كما كان يُطلق عليه بشكل مختلف - تم بناؤه في وقت واحد من مستودع فضائي في «إل 1» والقاعدة على سطح القمر. وتم اختيار البوليمر الاصطناعي فائق القوة «إم 5» كمادة، لتسليم آلاف الأطنان منه إلى «إل 1» للبناء.

كل ما عليك فعله هو الانتقال من الأرض إلى نهاية الخط الواصل والقفز إلى الترام الشمسي والتحرك على طوله إلى القمر.

تطورات المصعد القمري التاريخية

أثار هذا المشروع عدة تطورات مفيدة. كانت الصواريخ الكيميائية، التي توفر قوة دفع كافية للخروج من سطح كوكب، لا تزال قيد الاستخدام للوصول إلى مدار الأرض المنخفض، ولكن بعد ذلك، انضمت المحركات الأيونية إلى المصعد، ثم استُخدمت بعد ذلك للتحرك في جميع أرجاء النظام الشمسي. تولد هذه المحركات قوة دفع عن طريق تسريع الذرات المشحونة كهربائياً عبر حقل كهربائي، وكانت تعمل بالطاقة الشمسية، ولقد سمح هذا باستكشاف الكون الواسع على نحو أقل تكلفة وأكثر عمقاً.

يرجع أول اقتراح للمصاعد الفضائية إلى عام 1895، في تجربة فكرية ابتكرها رائد الفضاء الروسي «كونستانتين تسيولكوفسكي». كتب تسيولكوفسكي في عام 1911 يقول: «الأرض مهد الإنسانية، ولكن البشرية لا يمكن أن تبقى في المهد إلى الأبد». وقد أجري أول اختبار لهذه التكنولوجيا عام 2018، مع ظهور مشروع «STARS - Me»: القمر الاصطناعي الآلي المستقل المربوط بالفضاء - المصعد المصغر».

حدث هذا بجوار محطة الفضاء الدولية، باستخدام تصميم من قبل الباحثين في جامعة شيزوكا في اليابان. ويتكون من قمرين اصطناعيين صغيرين متصلين بكابل طوله 11 متراً مع زاحف يتنقل بينهما.

في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين، عندما تبدأ بعثات «أرتميس» إلى القمر، سيتم بناء محطة «البوابة الفضائية» في المدار القمري، وأصبح هذا حجر انطلاق لمستودع «إل 1».

إن الخط الواصل يلعب دوراً محورياً في إضفاء الطابع الديمقراطي على الفضاء، إذ يصبح الذهاب إلى القمر للعمل أو قضاء وقت الفراغ شيئاً يمكن لأي شخص تقريباً فعله إذا أراد. ويتبع ذلك تحقيق اختراقات علمية من إنشاء قاعدة أبحاث في «إل 1»، ويتم نقل العمليات المدمرة - مثل التعدين - خارج كوكب الأرض. فقد تم نقل جزء كبير من البنية الأساسية الصناعية الملوثة للأرض - لا سيما منشآت الخوادم التي تدعم الطلب على الكومبيوترات - إلى القمر، حيث يمكن استخدامها بكفاءة أكبر بواسطة الطاقة الشمسية.