«هدنة طرابلس» على حافة الانهيار مع تصاعد القتال

«حكومة الشرق الليبي» تبرم اتفاقات أمنية مع دمشق لمواجهة أنقرة

ليبيّان يعاينان آثار الحرب على منزل بمنطقة أبو سليم جنوب العاصمة طرابلس (رويترز)
ليبيّان يعاينان آثار الحرب على منزل بمنطقة أبو سليم جنوب العاصمة طرابلس (رويترز)
TT

«هدنة طرابلس» على حافة الانهيار مع تصاعد القتال

ليبيّان يعاينان آثار الحرب على منزل بمنطقة أبو سليم جنوب العاصمة طرابلس (رويترز)
ليبيّان يعاينان آثار الحرب على منزل بمنطقة أبو سليم جنوب العاصمة طرابلس (رويترز)

استمرت خروقات الهدنة الهشة التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس، أمس، بينما أعلنت قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، تقدمها في عدة محاور على حساب الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.
ووقعت اشتباكات جديدة أمس، بين الطرفين لليوم الثالث على التوالي في أحدث جولات التصعيد العسكري بينهما. وقالت مصادر بالجيش الوطني إن قواته نجحت في اختراق الدفاعات المستحكمة لقوات السراج في محوري العزيزية والهيرة على تخوم طرابلس، فيما تحدثت وسائل إعلام محلية موالية للوفاق عن وقوقع اشتباكات بيان الطرفين في العزيزية أسفرت عمّا وصفتها بخسائر فادحة لقوات الجيش وأسر عدد منها وغنم عدة آليات.
وقالت مصادر في الجانبين إن اشتباكات بالأسلحة الثقيلة جرت أيضاً في محاور عين زارة والرملة جنوب طرابلس، حيث زعمت مصادر عسكرية في حكومة الوفاق أسر 7 من الجيش الوطني بعد اشتباكات مسلحة بين الطرفين، لكنّ مصدراً عسكرياً بالجيش نفى في المقابل هذه المعلومات وقال إن قواته قتلت نحو 12 من عناصر الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج، جنوب طرابلس، مساء أول من أمس. كما سُمع دوي انفجارات مساء أول من أمس، بالقرب من قاعدة معيتيقة الجوية، التي يتهم الجيشُ الوطني ميليشيات السراج بمنحها لعسكريين أتراك لإدارة المعركة التي تخوضها ضده.
وقالت عملية «بركان الغضب» التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج إن سقوط قذيفة أطلقتها مساء أول من أمس، قوات الجيش الوطني على منزل في منطقة عين زارة تسببت في إصابة أشخاص تم نقلهم لتلقي العلاج اللازم. وتسببت الظروف الأمنية وتساقط القذائف العشوائية في وقف الدراسة في عدة مدارس بضواحي العاصمة القريبة من مناطق الاشتباكات إلى أجل غير مسمى. وأسفر سقوط قذيفة على إحدى مدارس بلدية أبو سليم عن أضرار مادية محدودة دون وقوع أي إصابات بشرية، بينما أكدت البلدية أن القذائف العشوائية لا تزال تتساقط على أحيائها المدنية.
في غضون ذلك، ناقش فائز السراج رئيس حكومة الوفاق، مع رئيسي مجلسي الدولة والنواب، المواليين له، في اجتماع بطرابلس، أمس، الوضع العسكري العام بالبلاد ومستجدات الأوضاع على الصعيدين المحلي والدولي.
وقال السراج في بيان وزّعه مكتبه، إن الاجتماع أكد استمرار التشاور والتنسيق بين المجالس الثلاثة في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية، إضافةً إلى متابعة ملف الخدمات العامة، والعمل معاً من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.
لكنّ خالد المشري رئيس مجلس الدولة، أوضح في بيان منفصل أن الاجتماع تطرق إلى المستجدات حول حوار جنيف الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومصير المباحثات العسكرية «5+5» في ظل استمرار الاعتداءات على العاصمة، بالإضافة إلى الترتيبات المالية للعام الجاري، لافتاً إلى أنه تم تأكيد المضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك من أجل تخفيف العبء عن كاهل المواطن في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد.
إلى ذلك، أعلنت الحكومة المؤقتة شرق البلاد برئاسة عبد الله الثني، أنها وقّعت مع الحكومة السورية مذكرة تفاهم بشأن إعادة افتتاح مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية وتنسيق مواقف البلدين في المحافل الدولية. وطبقاً لما أعلنه اللواء يونس فرحات، المكلف بوزارة الدفاع في حكومة الثني، فقد تم الاتفاق بين الجانبين على مستوى وزارة الدفاع والمخابرات على تبادل المعلومات والبيانات حول آلاف الإرهابيين السوريين الموالين لتركيا في طرابلس والمطلوبين الليبيين المنضمين في سوريا مع جبهة «النصرة» وتنظيم «داعش».
وكان وفد من حكومة الثني الموازية، قد بدأ مساء أمس، زيارة مفاجئة لم يسبق الإعلان عنها إلى العاصمة السورية دمشق، تعد الأولى من نوعها منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، وقال بيان لحكومة الثني إن الوفد الذي ضم نائبه عبد الرحمن الأحيرش، ووزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز المخابرات، التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد، مشيراً إلى أن الزيارة تأتي في إطار التنسيق والتشاور السياسي والأمني والمعلوماتي، بما يكفل محاربة الإرهاب والبحث في آليات مواجهة العدوان التركي على البلدين.
ووقّع المعلم مع عبد الهادي الحويج وزير الخارجية بحكومة الثني، مذكرة تفاهم لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بهدف تنسيق المواقف حيال القضايا المشتركة وفي مقدمتها العدوان التركي السافر على سيادة كلا البلدين. وقال الحويج إن الوفد الليبي استعرض لدى اجتماعه مع المعلم، تطورات الأوضاع في ليبيا وبشكل خاص الأطماع التركية وإرسال تركيا آلافاً من المرتزقة إلى ليبيا ومحاولات النيل من وحدتها وسلامتها وانتهاك سيادتها من قِبل تركيا وغيرها من الدول الطامعة بها وبثروات شعبها مؤكداً إصرار الليبيين على مواجهة هذه التدخلات والأطماع حتى عودة الأوضاع لطبيعتها واستعادة الأمن والرفاهة اللذين يطمح إليهما الشعب الليبي.
ونقل الوفد ما وصفه بسعادة الشعب الليبي بالتقدم الذي تحققه سوريا في حربها على الإرهاب ومواجهة المجموعات الإرهابية المدعومة من تركيا وغيرها. وأكد الحويج ضرورة تضافر الجهود وتوحيدها لمكافحة الإرهاب والغزو التركي على الأراضي العربية، مشيراً إلى قطع حكومته العلاقات مع الدولة التركية تنفيذاً لقرار مجلس النواب الليبي. كما أكد ضرورة تفعيل العلاقات بين البلدين وفتح السفارة الليبية في سوريا، داعياً الحكومة السورية لفتح قنصليتها في مدينة بنغازي وفتح معبر تجاري ما بين البلدين، كما لفت إلى ضرورة أن تكون العمالة السورية موجودة في ليبيا لإعادة بناء ما خلّفه الإرهابيون وراءهم من دمار. وأوضح الحويج أن مذكرة التفاهم بين الجانبين تضم 46 اتفاقية تعاون مشترك ستُفعَّل مباشرةً، حيث ستتسلم وزارة الخارجية مقر سفارتها بدمشق وستشهد العلاقات نقلة نوعية في المجالات كافة، على حد قوله.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.