الجزائر: تبرئة ناشط بارز من تهمة المساس بـ«وحدة الوطن»

رئيس وزراء سابق ملاحق بالفساد يطالب بإحضار بوتفليقة كشاهد

TT

الجزائر: تبرئة ناشط بارز من تهمة المساس بـ«وحدة الوطن»

برّأت محكمة في الجزائر أمس، فضيل بومالة، أحد وجوه الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ سنة، من تهمة «المساس بسلامة وحدة الوطن». وجاء هذا تزامناً مع بدء محكمة الاستئناف في العاصمة محاكمة سياسيين سابقين بينهم رئيسا وزراء في عهد عبد العزيز بوتفليقة، وعدد من كبار رجال الأعمال، سبق أن حكم عليهم بالسجن النافذ بتهم فساد.
واستعاد بومالة حريته أمس بعد 5 أشهر قضاها في «الحبس التعسفي»، بحسب تصريحات أحد المحامين المدافعين عنه. فأصدقاء الكاتب المتميز والناشطين بالحراك، كانوا متفائلين بحكم لمصلحته قياسا إلى ما جرى في بداية المحاكمة التي جرت الأسبوع الماضي، عندما ثبت أن التهمة الموجهة له، لا تستند لوقائع تؤكدها، مثل الفيديوهات «المسيئة للجيش» التي قالت الشرطة إنه نشرها بحساباته بشبكة التواصل الاجتماعي، والتي لم تعرضها النيابة أثناء المحاكمة. يشار إلى أن ما جرى أمس، هو نطق بالحكم بعدما وضعت القضية في المداولة منذ 7 أيام.
وقال بومالة للقاضي يوم المحاكمة، «أنا مواطن ومثقف يعارض النظام وليس الدولة. لكن السلطة في بلادي تتعمد الخلط بين مهاجمتها سياسيا وضرب وحدة البلاد».
وتجمَع عدد كبير من الناشطين والصحافيين ورفاق بومالة، أمام السجن (شرقي العاصمة)، لحظة خروجه. وواجه السجين صعوبة في المشي لكثرة الأشخاص المحيطين به. وسلَمه رجل كبير في السن، كان يحاول الوصول إليه لمصافحته، حمامة بيضاء وطلب منه أن يأخذها بين يديه ويطلق سراحها، كناية على أن بومالة بات حرَا طليقا. وصرَح الناشط بصوت عال: «لم يمن علي أحد بحريتي لأنني إنسان حر. أنا إنسان بريء ولم أكن أنتظر البراءة من أحد».
وأبدى ناشطون أمس تفاؤلاً باحتمال صدور حكم مماثل بالبراءة عن الناشط السياسي الآخر كريم طابو، الذي سيحاكم الأربعاء المقبل، وهو الذي يشترك مع بومالة في نفس التهمة.
من جهة أخرى، طالب رئيس الوزراء سابقا عبد المالك سلال، أمس، أثناء مثوله أمام محكمة الاستئناف في العاصمة، بإحضار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، شاهداً في قضية فساد تتعلق بنشاط تركيب السيارات. وقال سلال للقاضي: «مهمتي كانت التنسيق بين الوزراء، والرئيس بوتفليقة هو المسؤول عن تنفيذ السياسات التي سطَرها بنفسه». وأكد أنه «لم أسرق سنتيما واحدا طوال مساري المهني الطويل كموظف في الدولة».
وقال سلال أيضا إن بوتفيلقة «كان يتابع كل صغيرة وكبيرة، عن طريق شقيقه (السعيد بوتفليقة، مستشاره سابقا) رغم أنه كان غائبا»، وكان يقصد عاجزا عن التسيير بسبب المرض. يشار إلى أن السعيد يقضي عقوبة 15 سنة سجنا بتهمة «التآمر على الجيش والدولة».
وأصدرت محكمة الجنح أحكامها في هذا الملف عشية الاستحقاق الرئاسي، ونال المتهمون عقوبات قاسية، وأهمهم رئيس الوزراء سابقا أحمد أويحيى (15 سنة) وعبد المالك سلال (12 سنة) ووزيرا الصناعة سابقا يوسف يوسفي ومحجوب بدة (10 سنوات لكليهما). وحضر هؤلاء جلسة أمس. ودان القضاء في هذه القضية، وزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب، غيابيا بـ20 سنة سجنا وتم إطلاق مذكرة اعتقال دولية ضده.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.