تحالف حقوقي يمني يرصد آلاف الانتهاكات الحوثية في 2019

دعا إلى إنهاء حصار تعز وإطلاق كل المختطفين في سجون الجماعة

عسكري يمني يحمل ألغاماً منزوعة يسير إلى جانب أحد ضحايا العبوات الناسفة الحوثية في غرب اليمن (إ.ب.أ)
عسكري يمني يحمل ألغاماً منزوعة يسير إلى جانب أحد ضحايا العبوات الناسفة الحوثية في غرب اليمن (إ.ب.أ)
TT

تحالف حقوقي يمني يرصد آلاف الانتهاكات الحوثية في 2019

عسكري يمني يحمل ألغاماً منزوعة يسير إلى جانب أحد ضحايا العبوات الناسفة الحوثية في غرب اليمن (إ.ب.أ)
عسكري يمني يحمل ألغاماً منزوعة يسير إلى جانب أحد ضحايا العبوات الناسفة الحوثية في غرب اليمن (إ.ب.أ)

رصد التحالف اليمني لحقوق الإنسان (رصد) في أحدث تقاريره قيام الجماعة الحوثية بارتكاب آلاف الانتهاكات خلال العام الماضي، تنوعت بين القتل والإخفاء والاعتقال والقصف وزراعة الألغام والتعذيب في السجون.
وأفاد مسؤول وحدة التوثيق والرصد في التحالف الحقوقي اليمني رياض الدبعي لـ«الشرق الأوسط»، بأن التحالف يشدد على ضرورة الوقف الفوري للهجمات البرية ضد السكان المدنيين، بما فيها القصف العشوائي ومنع استخدام القناصة، وكل أشكال الهجمات الأخرى.
ودعا الدبعي الجماعة الحوثية إلى التوقف الفوري عن زراعة الألغام بمختلف أنواعها، وتسليم خرائط بحقول الألغام إلى اللجنة الوطنية لنزع الألغام والفرق العاملة بهذا المجال.
وقال: «لا بد من حماية الأطفال والنساء من كل أشكال الاعتداء والاستغلال، بما في ذلك وقف تجنيدهم، وتسريح المجندين منهم، ووقف كل أشكال التعبئة والحشد والاستقطاب في المدارس ودور العبادة ووسائل الإعلام».
وشدد الدبعي على «الالتزام بكل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الكف عن ارتكاب جريمة الإعدام غير المشروع، وحماية المحتجزين بمنع استخدام التعذيب وكل أشكال المعاملة اللاإنسانية، ووقف كل أشكال الاغتيالات والتصفيات والاستهداف للخصوم والمعارضين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية».
وأكد ضرورة إطلاق كل المحتجزين والمعتقلين بطريقة تعسفية، والكشف عن مصير كل المختفين قسرياً في مناطق سيطرة الجماعة، وإغلاق السجون الخاصة، والسماح للقضاء بمباشرة دوره الدستوري والقانوني على السجون.
وفيما يخص مدينة تعز المحاصرة منذ نحو 5 سنوات، دعا الدبعي إلى إنهاء الحصار المفروض عليها والسماح لمنظمات العمل الإنساني بالتحرك دون قيود إلى مدينة تعز، وكل المحافظات اليمنية.
كما دعا إلى العمل على رفع الحصار والممارسات التي تضيق عمل ميناء الحديدة، وتوريد كل موارد الدولة إلى البنك المركزي بعدن، وإلى الالتزام بكل مبادئ القانون الدولي الإنساني أثناء النزاع المسلح، بما يكفل حماية المدنيين وتجنيبهم كل أشكال الاستهداف، إلى جانب التعاون بشكل بناء مع اللجنة الوطنية للتحقيق وفرق الخبراء التابعة لمجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان.
- موقف الحديدة
وحول تقييم الحال في محافظة الحديدة ومدى تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بين الجماعة الحوثية والحكومة اليمنية الموقع في ديسمبر (كانون الأول) 2018، أكد التحالف الحقوقي أنه «بعد عام كامل من توقيعه لم تظهر أي بوادر لتنفيذه بشكل جاد».
وقال إن «كل القوات العسكرية في مواقعها التي كانت عليها. كما أن إطلاق النار يتجدد بين فينة وأخرى. والأعمال العدائية مستمرة بشكل شبه يومي في الإضرار بالمدنيين ومنع حرية التنقل».وأوضح التحالف الحقوقي اليمني أن «الاتفاق يُراوح مكانه مع المحاولات المستمرة لبعثة الأمم المتحدة للدفع به قدماً إلى الأمام، لكن دون جدوى»، مشيراً إلى أن الجانب الأممي ممثلاً بالبعثة الأممية في الحديدة بذل كثيراً من المساعي والمشاورات واللقاءات من أجل تنفيذ الاتفاق، لكن ما يحدث على الأرض يخالف ذلك الاتفاق.
وأكد التحالف في تقريره الذي حصلت «الشرق الأوسط» على ملخص له، أنه وثق كثيراً من الانتهاكات والهجمات العدائية والخروقات في الحديدة شملت تلك الانتهاكات القصف العشوائي، وهجمات القناصة، بالإضافة إلى أعمال الاحتجاز والاختفاء القسري، وعمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وزيادة عمليات زرع الألغام من قبل الحوثيين.
- الإخفاء والتعذيب والقتل
جرائم الإخفاء القسري نالت اهتمامها من فريق التحالف الحقوقي، إذ يقول إنه وثق خلال العام الماضي اختفاء 136 ضحية، بينهم 12 طفلاً، و5 نساء، حيث سجلت محافظة صنعاء أكثر الأرقام لضحايا الاختفاء القسري بواقع 67 مختفياً، تليها محافظة صعدة بواقع 16 مختفياً، ثم جاءت محافظتا حجة وعدن بواقع 9 مختفين في كل منهما.
ومن خلال البحث والتحقيق، تبين مسؤولية ميليشيات الحوثي - بحسب تحالف رصد - عن اختفاء 120 ضحية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، في حين نسبت بقية الحالات إلى أطراف يمنية أخرى.
كما ركز التحالف الحقوقي في تقريره الأحدث على ضحايا الاحتجاز التعسفي والاختطاف، وعلى السجون الخاصة، حيث سُجل اختطاف واحتجاز العشرات من المدنيين والنشطاء والنساء والأطفال خلال 2019. وزادت وتيرة اختطاف النساء بشكل غير مسبوق خصوصاً في العاصمة صنعاء.
وأوضح أنه استطاع رصد الوصول إلى بيانات 1680 مختطفاً ومحتجزاً خلال عام 2019، بينهم 120 طفلاً، و18 امرأة. تصدرت محافظة حجة الرقم الأكبر بواقع احتجاز 353 مواطناً بطريقة غير مشروعة، جاءت بعدها محافظة صنعاء بواقع 250 محتجزاً، ومحافظة البيضاء بواقع 247 محتجزاً، ومحافظة ذمار بواقع 168 محتجزاً.
وبالنسبة للجهات التي مارست ذلك الفعل، فكانت ميليشيات الحوثي هي المسؤولة عن معظم الحالات بواقع 1625 حالة.
واستوثق «تحالف رصد» من مسؤولية ميليشيات الحوثي عن مقتل 73 شخصاً من بين العدد الإجمالي المتعلق بضحايا الانتهاكات التي يحكمها القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتعذيب 16 محتجزاً من قبل الحوثيين، كما وثق مقتل 21 على يد أفراد تنظيمي «القاعدة» و«داعش».
ووثق التحالف عدداً من انتهاكات الإعدام غير المشروع، والتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية لكثير من المحتجزين أو الموت بسببه، التي ارتكبت بشكل ملحوظ خلال 2019، حيث أعدمت الميليشيات الحوثية 23 مواطناً، كما وثق وفاة 42 محتجزاً بسبب التعذيب وكانت العاصمة صنعاء ومحافظة الحديدة أبرز المحافظات في تسجيل أعداد المتوفين بسبب التعذيب، حيث سُجل في سجونهما وفاة 24 محتجزاً مناصفة بينها. تلتهما محافظتا تعز وذمار بواقع 6 حالات وفاة بسبب التعذيب فيهما.
كما اتهم التحالف الحقوقي الجماعة الحوثية بقتل 1036 مدنياً بينهم 242 طفلاً، و112 امرأة، و682 رجلاً، كما اتهمها بإصابة 1134 مدنياً.
- ضحايا القنص والألغام
وفيما يتعلق بالانتهاكات التي يحكمها القانون الدولي الإنساني؛ ومنها الهجمات البرية وضحايا الألغام وتجنيد الأطفال، سجل تحالف «رصد» مقتل 1342 مدنياً خلال عام 2019، بينهم 325 طفلاً، و142 امرأة، و875 رجلاً، وكانت محافظة الضالع هي المتصدرة في عدد القتلى المدنيين، حيث سُجل فيها مقتل 263، ومحافظة الحديدة في الترتيب الثاني بواقع 206 قتلى، ثم محافظة حجة في الترتيب الثالث بواقع 196 قتيلاً، تلتها محافظة تعز بواقع 162 قتيلاً، حيث تتحمل الجماعة الحوثية المسؤولية عن مقتل أغلبهم.
وعن الإصابات الناتجة عن الانتهاكات التي يحكمها القانون الدولي الإنساني، سجل «تحالف رصد» إصابة 1356 مدنياً، بينهم 434 طفلاً، و203 نساء، و719 رجلاً، حيث تصدرت محافظة تعز العدد الأكبر في سقوط الضحايا المدنيين، حيث سُجل فيها إصابة 283، تليها محافظة الضالع بواقع 273، ثم محافظة الحديدة بواقع 265 مصاباً مدنياً، تلتها في المرتبة الرابعة العاصمة صنعاء بواقع 125 مصاباً. ومن بين ذلك العدد الإجمالي أصيب 1118 مدنياً بهجمات ميليشيات الحوثي. وفي سياق أعداد القتلى والجرحى بالهجمات البرية التي يحكمها القانون الدولي الإنساني، وهي المتعلقة بالقصف العشوائي، والقتل بالقنص والرصاص والاشتباكات المسلحة، وثق تحالف «رصد» مقتل 793 مدنياً، بينهم 173 طفلاً، و87 امرأة، و533 رجلاً. توزعوا ما بين قتلى بالرصاص بواقع 406 مدنيين، وقتلى بالقصف والهجمات العشوائية بواقع 262 مدنياً، وقتلى باستخدام سلاح القناصة بواقع 125.
وتصدرت هذه الحالات محافظة الضالع، إذ سُجل فيها سقوط 219 قتيلاً، تليها محافظة حجة بواقع 152 قتيلاً، ثم محافظة تعز بواقع 103 قتلى، ثم محافظة الحديدة بواقع 96 قتيلاً. وكانت ميليشيات الحوثي هي الفاعل والمتسبب الأبرز في سقوط القتلى، بحسب التقرير.
وكشف «تحالف رصد» عن أنه وثق إصابة 914 مدنياً، بينهم 266 طفلاً، و137 امرأة، و511 رجلاً، توزعوا ما بين جرحى بالهجمات العشوائية بواقع 548 مدنياً، وجرحى بالرصاص بواقع 280 مدنياً، وجرحى بسلاح القناصة بواقع 86 مدنياً.
وتصدرت - بحسب التقرير الحقوقي - محافظة تعز المحافظات اليمنية في سقوط الضحايا، إذ سُجل فيها سقوط 282 مصاباً، تليها محافظة الضالع بواقع 273 مصاباً، ثم محافظة الحديدة بواقع 265 مصاباً، ثم العاصمة صنعاء بواقع 125. وتوزعت بقية الجرحى بين عدد من المحافظات، وكانت ميليشيات الحوثي هي الفاعل والمتسبب الأبرز في إصاباتهم، حيث أُصيب بهجماتها 844 مدنياً.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».