إردوغان يهدد أوروبا باللاجئين ويتوعد دمشق بـ«دفع ثمن» قتل جنوده في سوريا

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان (أرشيفية - رويترز)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان (أرشيفية - رويترز)
TT

إردوغان يهدد أوروبا باللاجئين ويتوعد دمشق بـ«دفع ثمن» قتل جنوده في سوريا

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان (أرشيفية - رويترز)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان (أرشيفية - رويترز)

هدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (السبت)، بالسماح لآلاف اللاجئين بالتوجّه إلى أوروبا، بينما حذّر من أن دمشق «ستدفع ثمن» هجوم أودى بأكثر من 30 جندياً تركياً في سوريا.
في هذه الأثناء، اندلعت عند الحدود التركية صدامات بين الشرطة اليونانية وآلاف المهاجرين الذين تجمعوا عند نقطة العبور إلى أراضي الاتحاد الأوروبي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وألقى مهاجرون الحجارة على عناصر الأمن اليونانيين الذين أطلقوا الغاز المسيل للدموع عبر الحدود، لكن عشرات المهاجرين الآخرين وصلوا إلى جزر يونانية على متن قوارب مطاطية بعدما عبروا من الجانب التركي.
وأجرت تركيا وروسيا، اللتان تدعمان قوى متعارضة في النزاع السوري، محادثات لنزع فتيل التوتر عقب مقتل الجنود الأتراك في هجوم أثار مخاوف من اندلاع حرب أوسع وأزمة هجرة جديدة في أوروبا.
لكنّ إردوغان زاد من حدة القلق، اليوم، متعهّداً بالسماح للاجئين بالتوجّه إلى أوروبا من تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، مستخدماً ملف الهجرة كورقة ضغط على الحكومات الأوروبية لدفعها للتحرّك بشأن النزاع السوري، وتستضيف تركيا حالياً 3,6 ملايين لاجئ سوري.
كانت تصريحات إردوغان هي الأولى الصادرة عنه بعد مقتل 34 جندياً تركياً، منذ الخميس، في محافظة إدلب، حيث تشن قوات النظام السوري بدعم روسي منذ ديسمبر (كانون الأول)، هجوماً واسعاً ضد مناطق تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى وتنتشر فيها قوات تركية، وتمكنت قوات النظام السوري من إحراز تقدم كبير على الأرض خلال الأسابيع الماضية.
وقال إردوغان في كلمة في إسطنبول: «ما الذي قمنا به بالأمس؟ فتحنا أبوابنا»، مضيفاً: «لن نغلق هذه الأبواب، لماذا؟ لأن على الاتحاد الأوروبي أن يفي بتعهداته».
ووقّعت تركيا والاتحاد الأوروبي اتفاقاً عام 2016 يهدف إلى وقف تدفق المهاجرين عبر الحدود مقابل تقديم بروكسل مساعدات بمليارات الدولارات لأنقرة.
وقال إردوغان إن 18 ألف مهاجر تجمّعوا عند الحدود بين تركيا وأراضي الاتحاد الأوروبي منذ الجمعة، مضيفاً أن العدد قد يصل إلى 30 ألفاً (السبت).
ووقعت مناوشات بين آلاف المهاجرين العالقين في بازاركول عند الحدود التركية – اليونانية وعناصر الشرطة اليونانية، اليوم، التي أطلقت الغاز المسيل للدموع في محاولة لإبعادهم.
وفي 2015، أصبحت اليونان نقطة الدخول الرئيسية إلى الاتحاد الأوروبي لمليون مهاجر، معظمهم لاجئون فروا من الحرب السورية، وانقسم الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع تدفق اللاجئين.
وقال المستشار النمساوي سيباستيان كورتز، عبر «تويتر»: «يجب ألّا يتكرر ما حصل في 2015، يجب أن يكون هدفنا حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل مناسب ومنع اللاجئين غير الشرعيين هناك من الدخول».
وفي أثينا، عقد رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، اجتماعاً طارئاً لمناقشة مسألة الحدود.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيليوس بيتساس، اليوم، عقب الاجتماع الطارئ: «أحبطنا أكثر من أربعة آلاف محاولة للدخول بشكل غير شرعي عبر حدودنا البرية».
وأفاد مصدر في الشرطة اليونانية بأن مهاجرين كانوا على الجانب التركي من الحدود أضرموا النيران وأحدثوا فجوات في السياج الحدودي.
وانتشرت دوريات لقوات الشرطة المسلحة والجيش على ضفاف نهر إيفروس، الذي يعد نقطة عبور معتادة، واستخدم عناصر الأمن مكبّرات الصوت للتحذير من دخول الأراضي اليونانية، واستُخدمت كذلك طائرات مسيّرة لمراقبة تحركات المهاجرين.
وحسب حرس الحدود اليونانيين، وصل 180 مهاجراً منذ صباح أمس (الجمعة) حتى صباح اليوم (السبت) إلى جزر شرق بحر إيجه وليسبوس وساموس، بحراً.
ووصل قارب مطاطي، في وقت مبكر اليوم، إلى ليسبوس على متنه 27 مهاجراً أفريقياً قدِموا من تركيا، وكان بينهم العديد من النساء اللواتي أجهشن بالبكاء لدى وصولهن.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو مليون شخص، نصفهم من الأطفال، نزحوا وسط البرد القارس جراء القتال في شمال غرب سوريا منذ ديسمبر (كانون الأول).
وأعلنت تركيا أنها دمرت «منشأة للأسلحة الكيميائية تقع على بُعد 13 كيلومتراً جنوب حلب (شمال)، فضلاً عن عدد كبير من الأهداف التابعة للنظام» السوري، في إطار ردّها على مقتل جنودها في إدلب.
وأكّد إردوغان أن القوات السورية «ستدفع ثمن» هجماتها ضد الجنود الأتراك. وقال: «لا نريد أن تصل الأمور إلى هذه النقطة لكن يرغموننا على ذلك، سوف يدفعون الثمن»، ونفى التلفزيون السوري وجود هذه المنشأة.
وقُتل 33 جندياً تركياً في غارة جوّية نفّذتها قوات النظام السوري المدعومة من روسيا، الخميس، في أكبر خسارة عسكرية يتعرّض لها الجيش التركي في ساحة معارك منذ سنوات، ولقي جندي تركي هو الـ34 حتفه لاحقاً.
وحضر إردوغان جنازة في مسجد بإسطنبول، لأحد الجنود الذي لُفّ نعشه بالعلم التركي.
ورفعت الحادثة الأخيرة منسوب التوتر بين أنقرة وموسكو، وسط انتهاكات لاتفاق أُبرم بينهما في سوتشي سنة 2018 لمنع هجوم النظام السوري على إدلب.
ويهدد التوتر بتوسيع الهوة بين أنقرة وموسكو، التي تُعد الداعم الرئيسي للنظام السوري. وعلى الرغم من اختلافهما بشأن أطراف النزاع السوري، تنسّق روسيا وتركيا في مسائل عدة على صلة بالملف، وتتعاونان منذ سنوات في مجالات الدفاع والطاقة.
وأقامت أنقرة بموجب اتفاق سوتشي 12 نقطة مراقبة في محافظة إدلب، إلا أن قوات النظام السوري مضت قدماً بحملتها لاستعادة المنطقة بغطاء جوي روسي.
وتحدّث إردوغان هاتفياً، الجمعة، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في محاولة لخفض التصعيد، بينما أفاد الكرملين بأنهما أعربا عن «قلقهما البالغ» حيال الوضع.
وقد يتوجّه إردوغان إلى موسكو، الأسبوع المقبل، لإجراء محادثات، حسب الكرملين. لكن الرئيس التركي واصل انتقاداته لروسيا، اليوم.
وقال: «سألت السيد بوتين: ماذا تفعلون هناك؟ إذا كنتم تريدون إنشاء قاعدة، فافعلوا ذلك، لكن ابتعدوا من طريقنا واتركونا نواجه النظام السوري».
وتجمّع نحو مئتي متظاهر، اليوم، قرب مقر القنصلية الروسية في إسطنبول، الخاضع لحراسة مشددة من الشرطة التركية، وهتفوا «بوتين القاتل».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.