غصّت مستشفيات في العاصمة الهندية نيودلهي في الأيام الأخيرة بجرحى والمشارح بجثث قتلى أصيبوا بطعنات من آلات حادة أو بالرصاص، بعدما سالت الدماء في شوارع شمال شرق المدينة في اشتباكات بين هندوس ومسلمين على خلفية قانون جديد للجنسية مثير للجدل.
يفيد تقرير لوكالة «أسوشيتد برس» للأنباء بأن أعمال الشغب الطائفية التي استمرّت ثلاثة ايام دمّرت فعلياً حي مصطفى أباد، وحوّلت «مستشفى الهند» من مركز استشفائي للمجتمع المحلي إلى مركز لعلاج الإصابات.
الطبيب م.أ. أنور تحدث عن صدمته وزملاء له بما رأوه وتعاملوا معه. يقول: «أردت أن أبكي وأصرخ... مات شيء في داخلي خلال تلك الأيام الثلاثة».
بعد أسبوع تقريباً من بدء الاشتباكات بين الهندوس والمسلمين، بدأت تتضح صورة الأهوال التي حدثت خلال أسوأ أعمال شغب طائفية في نيودلهي منذ عقود. وقد حصل ذلك عشية أول زيارة قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب للهند الأحد الماضي.
تواجه شبان ورجال هندوس ومسلمون في الشوارع بأسلحة بيضاء ومسدسات وبنادق، وحوّلوا الشوارع في مصطفى أباد إلى منطقة حرب، خصوصاً بعدما اشتعلت حرائق في منازل ومتاجر ومساجد ومدارس وسيارات. وقُتل 42 شخصاً على الأقل وأصيب المئات في هذه المعركة.
وكانت بعض الجثث مشوّهة إلى درجة أن السلطات واجهت صعاباً جمة في التعرّف إلى هويات أصحابها. وتفيد الوقائع بأن طرفي الاشتباكات تصرّفا بوحشية، إلا أن العدد الأكبر من الضحايا كان من المسلمين.
وفيما لم تقدم السلطات رواية رسمية لما أشعل أعمال الشغب في العاصمة، يبدو واضحاً أن العنف نجم عن التوترات المتزايدة التي أعقبت إصدار قانون الجنسية الجديد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بمبادرة من حكومة ناريندرا مودي، زعيم الحزب القومي الهندوسي «بهاراتيا جاناتا».
وينص القانون على تجنيس الراغبين من الأقليات الدينية من باكستان وبنغلادش وأفغانستان ويستثني المسلمين. ويقول معارضوه إنه ينتهك الدستور الهندي العلماني، ويزيد تهميش 200 مليون مسلم في هذه الدولة ذات الغالبية الهندوسية التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة.
وأثار القانون احتجاجات واسعة النطاق في أنحاء الهند خلّفت ما لا يقل عن 23 قتيلا. لكن ما حدث في مصطفى آباد هذا الأسبوع كان الأكثرعنفاً ووحشية.
وفيما تتعدّد روايات الشهود عن الوحشية المتبادلة، أثيرت أسئلة حول دور شرطة نيودلهي التي اتهمها البعض بالوقوف موقف المتفرج أثناء أعمال العنف أو إنها ساعدت مجموعات من المشاغبين الهندوس. إلا أن المتحدث باسم شرطة نيودلهي أنيل ميتال نفى بشكل قاطع أن تكون الشرطة قد ساعدت مثيري الشغب. ويبدو لافتاً في هذا السياق أنه بعد منتصف ليل الأربعاء بقليل، أي بعد أكثر من 72 ساعة من بداية العنف، أصدرت محكمة نيودلهي العليا أمراً استثنائياً يطلب من الشرطة توفير ممر آمن لسيارات الإسعاف لكي لا تتأخر في نقل الجرحى إلى المستشفيات.
حالياً، تتواصل أعمال التنظيف ورفع الركام والحطام في مصطفى أباد، فيما تبقى حكومة العاصمة والحكومة الاتحادية صامتتين عموماً. ويبدو مودي في مأزق حيال التعامل مع المشكلة، فهل يتمسك بالقانون ويهددّد بالتالي النسيج الاجتماعي للبلاد، أم يتنازل ويتراجع عنه لكي لا تكرر في هذه البلاد الشاسعة مشاهد المأساة التي حصلت في نيودلهي؟
منطقة مصطفى أباد في العاصمة الهندية تستفيق على أهوال العنف الطائفي
منطقة مصطفى أباد في العاصمة الهندية تستفيق على أهوال العنف الطائفي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة