الحكومة السودانية تتجه لتعيين حكام للولايات بعد تعثر الاتفاق مع المسلحين

توقعات بزيادة الفترة الانتقالية إلى 4 سنوات

الرئيس الالماني لدى زيارته هيئة الكهرباء السودانية في الخرطوم أمس (د.ب.أ)
الرئيس الالماني لدى زيارته هيئة الكهرباء السودانية في الخرطوم أمس (د.ب.أ)
TT

الحكومة السودانية تتجه لتعيين حكام للولايات بعد تعثر الاتفاق مع المسلحين

الرئيس الالماني لدى زيارته هيئة الكهرباء السودانية في الخرطوم أمس (د.ب.أ)
الرئيس الالماني لدى زيارته هيئة الكهرباء السودانية في الخرطوم أمس (د.ب.أ)

أخفق وفدا الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية»، في المفاوضات الجارية، بينهما بعاصمة جنوب السودان (جوبا) في الوصول إلى اتفاق بشأن تعيين ولاة مدنيين للولايات وتشكيل البرلمان الانتقالي، وهما آخر المؤسسات الانتقالية المنتظر تشكيلهما منذ شهور. وكان ينتظر تعيين الولاة وتشكيل البرلمان الانتقالي بعد 3 أشهر من انطلاق الفترة الانتقالية، لكن الجماعات المسلحة طلبت تأجيل الخطوة حتى يتم توقيع اتفاق سلام شامل ووقف الحرب، ومن ثم ضم بعض عناصرها في المناصب.
وقال عضو مجلس السيادة، المتحدث باسم الوفد الحكومي المفاوض، محمد حسن التعايشي، إن الحكومة اتخذت قراراً بتعيين الولاة، دون انتظار التوقيع على اتفاق سلام نهائي مع «الجبهة الثورية». وأضاف في تصريحات لإذاعة أم درمان القومية أمس، أن «الفراغ الدستوري في حكومات الولايات يهدد الفترة الانتقالية، ما يستدعي التعجيل بتعيين ولاة مكلفين».
وكشف التعايشي عن اتفاق بين قوى إعلان الحرية والتغيير ومجلسي الوزراء والسيادة على تمديد الفترة الانتقالية لاستيعاب عملية السلام.
وقال التعايشي إن الوفد الحكومي فشل في التوافق مع الفصائل المسلحة المنضوية في تحالف (الجبهة الثورية)، على تعيين الولاة وتشكيل البرلمان الانتقالي. وأشار إلى وجود خلافات في مسار مفاوضات شرق السودان، وأرجعه إلى التعقيدات الاجتماعية في الإقليم، مؤكدا حرص الحكومة على أن يتم اتفاق شرق السودان من خلال مؤتمر يحقق المكاسب لكل مواطني الشرق.
ومن جهة ثانية أكد مصدر سيادي، تعثر المفاوضات مع الحركات المسلحة، فيما يتعلق بالقضيتين، مشيراً إلى أن الحكومة حسمت الأمر وستشرع في تعيين الولاة فورا.
وتواجه الحكومة الانتقالية، برئاسة، عبد الله حمدوك، ضغوطا سياسية وشعبية كثيفة، لإكمال مؤسسات السلطة الانتقالية. وتتمسك الحركات المسلحة بإعلان المبادئ الموقع مع الحكومة الانتقالية، الذي يقضي بإرجاء تعيين الولاة والمجلس التشريعي إلى حين الوصول إلى اتفاق سلام نهائي.
وفي موازاة ذلك وصل إلى جوبا أمس عضو مجلس السيادة، شمس الدين كباشي، للانضمام لوفد الحكومة المفاوض.
وأكد كباشي عقب لقائه رئيس حكومة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، عزم الحكومة السودانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل مع حركات الكفاح المسلح.
ومن جهته قال عضو فريق الوساطة لمحادثات السلام السودانية، ضيو مطوك، إن الحوار مستمر بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية بقيادة، عبد العزيز، حول علمانية الدولة وحق تقرير المصير لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وأبدى تفاؤلا بحدوث اختراق كبير في هذه القضايا خلال الأيام المقبلة تؤدي إلى سلام عاجل وشامل في السودان.
وأعلن عضو فريق الوساطة، استئناف جولات المفاوضات بين الحكومة والانتقالية والحركات المسلحة خلال الساعات المقبلة.
وكان وفدا الحكومة وفصيل الحلو، توافقا على أكثر من 80 في المائة من ورقة إعلان المبادئ التي تقدمت بها الحركة الشعبية.
ومن جانبه اعتبر المتحدث باسم حركة جيش تحرير، محمد حسن هارون، أي خطوة من الحكومة لتعيين الولاة قبل التوقيع على اتفاق سلام، خرقا لإعلان جوبا، وينسف كل ما تم الاتفاق عليه من قبل.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاتجاه يؤكد عدم التزام الحكومة الانتقالية بالمواثيق والعهود، مجدداً في الوقت ذاته التزام الحركة بكل ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات.
وأشار إلى أن قوى إعلان الحرية والتغيير، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، تمارس ضغوطا مكثفة على وفد الحكومة لتجاوز الحركات المسلحة في إكمال مؤسسات السلطة الانتقالية.
وأضاف أن تعيين الولاة المدنيين، قبل الوصول إلى السلام النهائي، هدفه تمكين بعض أحزاب قوى إعلان الحرية والتغيير في السلطة.
وكانت الوساطة مددت إعلان جوبا لأسبوع لإتاحة الفرصة للتشاور بين قوى إعلان والحرية والتغيير والحركات المسلحة فيما يتعلق بمسارات عملية السلام.
ومن جانبه قال القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير، أحمد حضرة، إن المشاورات مع الحركات المسلحة شهدت تقاربا كبيرا في كثير من القضايا.
وأضاف «توافقنا على إعادة هيكلة مؤسسات السلطة الانتقالية ومشاركة الحركات في مجالس السيادة والوزراء والتشريعي».
وأردف بالقول: «لا خيار أمامنا غير التعجيل بتعيين ولاة الولايات لما يواجهه المواطنون من أزمات معيشية وسياسية نتيجة لسيطرة منسوبي النظام المعزول على مؤسسات السلطة».
وأضاف أن ملف تعيين الولاة المدنيين، يجد قبولا من بعض الفصائل داخل الجبهة الثورية وترفض مجموعات أخرى.
وأشار إلى أن مرشحي الولايات 18 تم تسليمهم لرئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، قبل أسابيع.
ومن جهة ثانية أكد اتفاق وفدي الحكومة والجبهة الثورية على تعديل المادة (70) في الوثيقة الدستورية، وإزالة أي تعارض، لتضمين اتفاق السلام النهائي في الوثيقة.
ومن جهته قال القيادي بقوى (التغيير)، عادل خلف الله، إن هنالك إجماعا داخل قوى إعلان الحرية والتغيير على ضرورة تكليف ولاة مدنيين مؤقتين، لأن الأوضاع في الولايات لا تحتمل.
وأضاف متى ما تم التوصل إلى اتفاق سلام، يتم استيعاب الحركات المسلحة في مؤسسات السلطة الانتقالية.
وتشارك قوى إعلان الحرية والتغيير في مفاوضات جوبا بوفد يضم عددا من قيادات الكتل والأحزاب السياسية المكونة للتحالف.
ووقعت الحكومة والحركات المسلحة في الجبهة الثورية على اتفاقيات حول عدد من القضايا، أبرزها ملف العدالة الانتقالية الذي قضى بمثول المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».