دول أوروبية «تتضامن» مع تركيا وتدعوها للتهدئة مع روسيا

بروكسل تحث أنقرة على التزام اتفاق الهجرة

TT

دول أوروبية «تتضامن» مع تركيا وتدعوها للتهدئة مع روسيا

أعربت دول أوروبية و«حلف شمال الأطلسي» (ناتو) عن التضامن مع تركيا ودعوتها لاحترام اتفاق الهجرة، من دون تقديم تعهدات ملموسة للوقوف إلى جانب أنقرة.
وجرت اتصالات متعددة من جانب المسؤولين الأوروبيين بعدة عواصم في محاولة لوقف التصعيد العسكري في إدلب. وصرح المتحدث الأوروبي بيتر ستانو بوجود اتصالات على مستويات مختلفة تجري في هذا الصدد، ومنها اتصالات بين وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل، ونظيره الروسي سيرغي لافروف. وقال بوريل في تغريدة على «تويتر» إنه أجرى اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، وأكد خلاله أن «وقف التصعيد عامل أساسي لمواجهة التحديات على أرض الواقع كما أن المعاناة وفقدان الأرواح لا بد أن يتوقفا». كما تلقى بوريل من أنقره تطمينات بالتزام الجانب التركي بالبيان المشترك بين الجانبين حول ملف مواجهة الهجرة.
وخلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر المفوضية، أقر بيتر ستانو المتحدث باسم السياسة الخارجية الأوروبية، أن الاتصالات الجارية بين مؤسسات الاتحاد وألمانيا وفرنسا وروسيا لعقد قمة أو اجتماع حول سوريا لم تؤت ثمارها حتى الآن. ومضى ستانو: «بالنسبة للاتحاد الأوروبي، يبقى الوضع في سوريا مصدر قلق دائم».
وردا على أسئلة تتعلق بتسهيل تركيا عمليات إعادة أعداد من اللاجئين والمهاجرين صوب السواحل الأوروبية، قال المتحدث: «لم نلاحظ أي تغيير في الوقف التركي حتى الآن وتلقينا ما يشير إلى الالتزام التركي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة». وذكر أن الاتحاد يبقى المانح الإنساني الأول للاجئين السوريين سواء في داخل البلاد أو خارجها، متعهداً، باسم بروكسل، أن تستمر المساعدات الإنسانية لهؤلاء.
وفي مارس (آذار) 2016، أبرمت تركيا والاتحاد الأوروبي اتفاقاً مثيراً للجدل بشأن المهاجرين، أسهم إلى حد كبير في خفض عدد العابرين إلى اليونان.
وينص هذا الاتفاق خصوصاً على إعادة المهاجرين بشكل منتظم إلى تركيا مقابل مساعدات مالية، وعلى أن تتخذ أنقرة تدابير لمنع فتح طرق هجرة جديدة من أراضيها نحو الاتحاد الأوروبي.
لكن سجلت أثينا والاتحاد الأوروبي ارتفاعاً في عدد الواصلين خلال الأشهر الأخيرة.
وتهدد أنقرة مراراً بعدم الالتزام بالاتفاق، مطالبة في المقابل بالمزيد من المساعدات الأوروبية لمعالجة الأزمة الإنسانية في إدلب، حيث فرّ نحو مليون شخص من الضربات إلى مناطق قريبة من الحدود التركية.
وعبرت فرنسا عن «تضامنها» الجمعة مع أنقرة بعد مقتل 33 جنديا تركيا في سوريا في غارات نسبت إلى دمشق، وذلك على خلفية العلاقات الفرنسية - التركية المتوترة بسبب النزاع السوري. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان بعد اتصال هاتفي مع مولود تشاوش أوغلو «لقد أعربت لنظيري عن تعازي فرنسا وتضامنها مع تركيا في أعقاب هجوم أمس ضد القوات التركية في شمال غربي سوريا».
وأعربت الحكومة الألمانية عن بالغ قلقها إزاء التصعيد العسكري في محافظة إدلب. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية اليوم الجمعة في برلين إن الحكومة الألمانية تدين الهجوم على قوات تركية في المنطقة. وأضاف زايبرت أنه من الضروري إجراء محادثات سياسية عاجلة، مشيرا إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجريا لذلك محادثات هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وكذلك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأوضح زايبرت أن ميركل أبدت خلال المحادثتين الاستعداد لعقد اجتماع رباعي، مضيفا أن الاستجابة لهذا متروكة لبوتين الآن، مشيرا إلى أن استعداد المستشارة لهذا الأمر سيظل قائما.
وذكر زايبرت أنه يتعين الآن الانتظار للاتفاق على موعد محدد لهذا الاجتماع، مضيفا أن الأحداث التي وقعت خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية أوضحت مجددا مدى الحاجة الماسة لإجراء محادثات.
وكان حلف شمال الأطلسي (ناتو) أعرب عن تضامنه مع أنقرة ودعمه لها بعد مقتل 33 جنديا تركيا على الأقل في سوريا، لكن دون أن يقدّم تعهدات بأي إجراءات جديدة ملموسة للدفاع عن القوات التركية.
وعقد مجلس الحلف محادثات طارئة بطلب من تركيا بعدما تسببت غارة جوية في إدلب نُسبت إلى دمشق برفع منسوب التوتر. وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن الحلفاء وافقوا على المحافظة على الإجراءات القائمة حاليا لتعزيز قدرات تركيا الدفاعية الجوية. لكنه لم يلمّح إلى أي خطوات جديدة تتجاوز التعهد بشكل عام بالبحث فيما يمكن القيام به أكثر من ذلك.
وقال: «يقدّم أعضاء حلف شمال الأطلسي الدعم لتركيا اليوم. نعزز دفاعاتهم الجوية ولدينا طائرة ضمن نظام الإنذار المبكر والتحكم جوا، تساعد في مراقبة الأجواء وهناك كذلك زيارات للموانئ ونقدم أشكالا أخرى من الدعم». وأضاف: «لكن الحلفاء يبحثون على الدوام عما يمكنهم القيام به أكثر من ذلك لتقديم مزيد من الدعم لتركيا».
بدوره، دعا متحدث باسم الرئاسة التركية في وقت سابق إلى إقامة منطقة حظر جوّي لحماية المدنيين في إدلب، حيث تحاول قوات الرئيس السوري بشار الأسد استعادة آخر معقل لفصائل المعارضة.
وأدان ستولتنبرغ دمشق وموسكو وحضّهما على وضع حد للعنف في إدلب. وقال: «ندعو روسيا ونظام الأسد لوقف الهجمات، ووقف الهجمات الجوية العشوائية والانخراط في ودعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل دائم سياسي وسلمي للأزمة في سوريا».
ودعا الحلف الأطلسي إلى الاجتماع الجمعة بموجب المادة الرابعة من ميثاق الحلف الذي يتيح لأي دولة عضو طلب عقد محادثات إذا اعتقدت بوجود تهديد لـ«وحدة وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي أو أمنها».
والمادة منفصلة عن المادة الخامسة المرتبطة بميثاق الدفاع المتبادل عن النفس التي تتحدّث عن الهجوم على أراضي أي بلد عضو.
أدانت بريطانيا الجمعة نظام دمشق وروسيا لشن هجوم «متهور ووحشي» في محافظة إدلب. وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إن هجوم الخميس «يؤكد فحسب الطبيعة المتهورة والوحشية للهجوم الذي يشنه النظام السوري وروسيا في إدلب»، مضيفا أن لندن ستسعى لتشديد العقوبات على دمشق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.