العراق يعطل المدارس والجامعات... ويحظر التجمعات

بغداد سجّلت إصابة بـ«كورونا» لمواطن عائد من إيران

عراقية تستعرض قناعاً واقياً في مصنع ببابل أمس (رويترز)
عراقية تستعرض قناعاً واقياً في مصنع ببابل أمس (رويترز)
TT

العراق يعطل المدارس والجامعات... ويحظر التجمعات

عراقية تستعرض قناعاً واقياً في مصنع ببابل أمس (رويترز)
عراقية تستعرض قناعاً واقياً في مصنع ببابل أمس (رويترز)

اتخذت السلطات العراقية، أمس، مجموعة إجراءات جديدة للحد من مخاطر تفشي فيروس كورونا الجديد في البلاد. وقررت خلية الأزمة التي يرأسها وزير الصحة جعفر علاوي حظر سفر المواطنين العراقيين إلى دول ينتشر فيها الفيروس، تشمل الصين، وإيران، وكوريا الجنوبية، وتايلاند، وسنغافورة، وإيطاليا، والكويت والبحرين. وجاءت التعليمات الجديدة بالتزامن مع إعلان وزارة الصحة عن اكتشاف حالة إصابة جديدة في العاصمة بغداد لمواطن عائد من إيران مؤخرا. وسبق أن اكتشفت إصابة واحدة في النجف لطالب علوم دينية إيراني، وأربع حالات في محافظة كركوك داخل عائلة واحدة عائدة من إيران كذلك.
وقرّرت خلية الأزمة كذلك تعطيل الدوام الرسمي، أمس، في جميع المؤسسات التربوية والجامعات حتى السابع من شهر مارس (آذار) المقبل. وقال رئيس الخلية ووزير الصحة جعفر علاوي، في بيان إنه «تقرر تعطيل الدوام في الجامعات والمؤسسات التربوية ابتداءً من يوم غد الخميس المصادف 2/27 ولغاية 2020/3/7».
وأضاف: «كما تقرر أيضاً غلق المحلات العامة، كدور السينما والمقاهي والنوادي والمنتديات الاجتماعية، ومنع دخول الوافدين من البحرين والكويت».
ونصّت الفقرة الثامنة من تعليمات خلية الأزمة على «حظر التجمعات في الأماكن العامة لأي سبب كان، وعلى الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ ذلك». وتواجه هذه الفقرة الثامنة بالتحديد برفض جماعات الحراك، لأنها تعني أن الحظر يشمل الاعتصامات والتظاهرات التي تقوم بها.
وتميل بعض الاتجاهات الاحتجاجية إلى القول إن «الهدف من القرارات الأخيرة تطويق الاحتجاجات والاعتصامات وإنهائها من قبل السلطات بذريعة الفيروس، بعد أن عجزت عن ذلك خلال الأشهر الماضية».
وليس من الواضح حتى الآن قدرة السلطات العراقية على إزالة خيام الاعتصام ومنع التظاهرات، لكن أعدادا غير قليلة من جماعات الحراك تصر على الاستمرار، مع تشديدها على ضرورة الحيطة والحذر من انتشار الفيروس داخل صفوف المعتصمين والمتظاهرين.
وليس من الواضح أيضا التزام المقاهي والأندية الاجتماعية بقرارات خلية الأزمة؛ حيث ما زال أغلبها يستقبل زبائنه في بغداد باستثناء حالات إغلاق نادرة. لكن مصادر صحافية في الناصرية تحدثت أمس، عن قيام السلطات هناك بحملة لإغلاق المقاهي.
كذلك، أعلنت دائرة صحة ذي قار، أمس، عن نتائج الفحص المختبري لثلاثة مشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا.
وقال مدير عام صحة ذي قار، عبد الحسين الجابري، في بيان إن «جميع العينات التي أرسلت قبل يوم إلى مختبر الصحة العامة في بغداد، لا توجد لديهم إصابة بفيروس كورونا، وعدد الحالات المشتبه بها كانت ثلاثة».
وفيما أمهل المواطنون في قضاء خانقين بمحافظة ديالى الحكومة الاتحادية 24 ساعة لإغلاق منفذ المنذرية مع إيران، أعلنت دائرة صحة نينوى، أمس، عن نتائج الفحص المختبري للمشتبه بإصابتهم بكورونا في المحافظة.
وقال مدير الدائرة فلاح الطائي تصريح صحافي: «تم إخلاء جميع الحالات المشتبه بإصابتها بفايروس كورونا والبالغ عددها عشر حالات، بعد التأكد من سلامتهم بصورة كاملة». وأضاف أن «ذلك جاء بعد أن تم حجرهم يوم أمس بمستشفى السلام التعليمي، وبهذا تكون نينوى خالية من الإصابات أو حالات الاشتباه بشكلٍ كامل».
وقررت محافظة كربلاء غلق جميع المتنزهات في المحافظة، وطلبت من العوائل مغادرتها كإجراء وقائي للاحتراز من انتشار فيروس كورونا الجديد.
وطمأنت دائرة صحة المحافظة الأهالي في وقت سابق، بأنها لم تسجل أي إصابة بفيروس «كورونا» حتى الآن.
وقررت اللجنة العليا المنظمة لمعرض بغداد الدولي للكتاب، أمس، تأجيل افتتاح المعرض إلى الشهر المقبل.
وقال بيان أصدرته اللجنة: «إلى السادة المهتمين بالمشهد الثقافي العراقي، نظراً للمستجدات التي ظهرت على الساحة العالمية والعربية، وحرصا على سلامة الزائرين والمشاركين، والتزاماً بتوجيهات وزارة الصحة العراقية الاحترازية المتخذة، تقرر تأجيل افتتاح المعرض إلى يوم الاثنين المقبل».
بدوره، حذّر عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي، أمس، من بؤرة خطيرة قد تؤدي لتفشي فيروس كورونا في العراق. وقال البياتي في تغريدة عبر «تويتر»، إن «مواقف الاحتجاز والسجون العراقية تعاني من اكتظاظ شديد وتفتقر إلى المعايير الصحية البسيطة، إن هذه الأماكن قد تكون بؤرة خطيرة لتفشي العدوى، وبحاجة إلى الكثير من الإجراءات السريعة لتدارك الموقف».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.