توتر بين دياب و«المستقبل» يسقط «فترة السماح»

اتهامات لرئيس الحكومة بـ«تصفية الحسابات الرئاسية» مع خصوم عون

TT

توتر بين دياب و«المستقبل» يسقط «فترة السماح»

اتهم قيادي في «تيار المستقبل» رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب بـ«تصفية حسابات» رئيس الجمهورية ميشال عون مع خصومه، عادّاً أن دياب «لم يكن مضطراً للتنقيب عن مشكلات بالنيابة» عن عون و«التيار الوطني الحر» من خلال غمزه من قناة «الحريرية السياسية» من دون أن يسمّيها وتحميلها مسؤولية تراكمات السياسات الاقتصادية.
وسأل القيادي؛ الذي طلب عدم نشر اسمه، عن الأسباب التي دفعت بدياب إلى الانخراط في هذه الحملات «من دون سابق إنذار»، مع أن «المستقبل» كان أعلن أنه يمنح الحكومة فرصة لعلها تنجح في وقف الانهيار الاقتصادي والمالي؛ «وبالتالي ليس في وارد إطلاق الأحكام المسبقة».
ولفت إلى أن «المستقبل» بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كان أعلن عدم منحه حكومة دياب الثقة، لكنه في المقابل حرص على أن يكون موقفه في داخل المجلس النيابي «انسجاماً مع ضرورة انتظام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيلها كما فعل سواه في السابق عندما عطّل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وربط حضوره بانتخاب العماد عون».
وأشار المصدر إلى أنه «كان يتوقّع من رئيس الحكومة أن يبادر إلى تفادي التراكمات التي كانت وراء تخريب علاقات لبنان بعدد من الدول العربية، والتي يتحمّل مسؤوليتها وزير الخارجية السابق جبران باسيل، الذي تمادى في خرق ما نصّت عليه البيانات الوزارية للحكومات السابقة؛ لجهة الالتزام بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الحروب المشتعلة من حوله، وعدم إقحامه في سياسة المحاور؛ وتحديداً إلحاقه بمحور الممانعة بقيادة إيران».
وأضاف أن «إمعان باسيل في تخريب علاقات لبنان بعدد من الدول العربية لم يلق اعتراضاً من رئيس الجمهورية». وسأل: «هل كان الرئيس دياب مضطراً لمراعاة رئيس الجمهورية في هجومه غير المباشر على (الحريرية السياسية) وصولاً إلى تبنّيه الحرفي كل المواقف التي صدرت عنه في هذا الخصوص؟». وأوضح أن «رئيس الحكومة من خلال مكتبه الإعلامي كان تحدّث عن الحملات المسمومة من دون أن يكشف عن الهوية السياسية للجهات التي تقود هذه الحملات، ليعود لاحقاً الرئيس دياب ويتحدث عن حملات التحريض على الحكومة في الخارج».
وفي هذا السياق، سأل المصدر القيادي عما إذا كان الرئيس دياب «استقى معلوماته عن وجود حملات تحرّض على حكومته في الخارج من جهات رسمية لديها امتدادات على الصعيدين الإقليمي والدولي بادرت إلى تزويدها بمعلومات أدت إلى ضبط المحرّضين بالجرم المشهود».
وعدّ أن «من غير الجائز لرئيس الحكومة أن يطلق اتهاماته من دون أن يسمي من يتولى التحريض على حكومته... من المبكر لجوء البعض إلى تقديم الحكومة كأنها أصبحت ضحية الآخرين قبل أن يتبين خيطها الأبيض من خيطها الأسود».
واتهم بعض الجهات الرسمية بأنها «ترعى الحملات السياسية المنظّمة ضد الحريرية السياسية في محاولة للهروب إلى الأمام، وربما بغية استحضار الذرائع منذ الآن لتبرير عدم قدرتها على تسويق الحكومة لدى دول عربية وأجنبية، وإلا فلماذا تصرّ على إصدار أحكامها على النيات وتقوم بفتح النار على (المستقبل) وإن كانت تتجنّب حتى الساعة تسميته بالاسم؟!».
ورأى أن «هذه الجهات لم تكن مضطرة لتجهيل الفاعل المتهم بالتحريض على الحكومة لو أنها تمتلك الحد الأدنى من الجرأة، خصوصاً أن الحكومة ما زالت في مرحلة التحضير لخطة الطوارئ التي يُفترض أن ترى النور، كما وعد الرئيس دياب، في نهاية هذا الشهر، ويُراد منها وضع خريطة طريق إنقاذية لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي يجب أن تشكّل أول اختبار لقدرة اللجان الوزارية، ومعها الفريق الاستشاري المُلحق برئيس الحكومة، في ابتداع الحلول؛ ولو على مراحل، لمحاكاة الحراك الشعبي، وتحقيق ما وعدت به في بيانها الوزاري».
إلى ذلك؛ قالت مصادر رفيعة في «قوى 14 آذار» سابقاً إن «على الحكومة أن تبادر إلى استنفار المجتمع الدولي والدول العربية القادرة لتوفير الدعم للبنان لمساعدته في النهوض من أزماته، بدلاً من أن تقحم نفسها في اشتباك سياسي لم يكن رئيسها طرفاً فيه، ويعود إلى انهيار التسوية التي عقدها عون مع الحريري، وبالتالي من غير الجائز أن تتحول إلى خط الدفاع الأول عن رئيس الجمهورية وتنبري بالنيابة عنه للثأر السياسي من بعض الأطراف المعارضة للعهد القوي».
وسألت المصادر عما إذا كانت الحكومة التي شُكّلت من لون سياسي معيّن «قد سقطت في المحظور الذي سبق للمعارضة أن حذّرت منه قبل ولادتها انطلاقاً من تقديرها بأنها ليست مستقلة مائة في المائة؛ وبالتالي تمثّلت فيها بطريقة مباشرة القوى السياسية الداعمة لها. وعليه يبقى السؤال: هل المعارضة مسؤولة عن تريُّث المجتمع الدولي في الانفتاح على الحكومة والتفاعل معها في الاتجاه الذي يؤمّن الدعم المالي لها، أم إن تركيبتها لا تلقى ارتياحاً على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأن الترحيب الذي رافق ولادتها يأخذ بعين الاعتبار أن وجودها يبقى أفضل من استمرار الفراغ؟». وأشارت إلى أن «الرئيس دياب استعجل حرق المراحل، وكان من الأفضل له التريُّث، إلا إذا كانت لديه معطيات غير مرئية أملت عليه الانخراط في حملة عون على الحريرية السياسية، وإن كان فضّل عدم الإشارة إليها بالاسم، مع أنه مضى على انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية أكثر من 3 سنوات من دون أن يتمكّن من وقف التدهور رغم تفاؤله من حين لآخر بوقفه».
وأكدت المصادر أن حكومة دياب «أضافت مهمة لا تُحسد عليها، بانضمامها طرفاً في تصفية الحسابات الرئاسية مع خصوم العهد القوي، وهذا يعني أنها أسقطت من طرف واحد فترة السماح التي أُعطيت لها من قبل أطراف المعارضة التي آثرت عدم إصدار الأحكام على الحكومة إلى حين ملامستها لأفعالها».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.