مطالب بالتحقيق في «تعذيب» داخل أشهر جهاز أمني جزائري

طالب محامون جزائريون، يرافعون في إحدى أهم قضايا الفساد، بالتحقيق في اتهامات بتعذيب موقوفين على ذمة التحقيق في أشهر مركز لجهاز الدرك بالعاصمة. وانتهت الليلة الماضية محاكمة رجل الأعمال كمال شيخي، وخالد تبون ابن رئيس الجمهورية، بإدانة الأول بثماني سنوات سجنا، وتبرئة الثاني من تهمة الفساد. وأدانت المحكمة أربعة آخرين بأحكام بالسجن متفاوتة المدة.
وفجرت محامية نجل تبون «قنبلة» على حد وصف صحافيين كانوا بالمحكمة، عندما اتهمت ضباط الشرطة القضائية، التابعين للدرك بالعاصمة، بـ«تعذيب موكلي بغرض أخذ أقوال منه تدينه وتدين والده»، وأكدت أن موكلها يملك شهادة طبية تثبت، حسبها، أنه تعرض لضرب عنيف في أنحاء بجسده.
وتوالت بعدها اتهامات ضد نفس الجهاز الأمني، صدرت عن محامين، يرافعون عن متهمين آخرين، أبرزهم رئيس بلدية بأعالي العاصمة وسائق مدير الشرطة، المسجون هو أيضا في قضية أخرى، اللواء عبد الغني هامل، ونجل والي غليزان (غرب) سابقا. وطالب فريق الدفاع عن المتهمين الستة بإيفاد «لجنة تحقيق» إلى «درك باب جديد» بأعالي العاصمة، واستجواب الضباط المحققين به حول «وقائع التعذيب»، التي كان متهمون عرضة لها، حسب المحامين، أثناء استجوابهم عام 2017.
ولم تتفاعل هيئة القضاة، التي عالجت الملف، مع الاتهامات بالتعذيب، بينما يسمح القانون للقاضي بإحضار أي شخص حتى لو كان رجل الأمن، عندما يقدر بأنه مفيد للقضية.
يشار إلى أن شيخي، الشهير بـ«البوشي» (الجزار)، اعتقل في مايو (أيار) 2017 على أثر حجز باخرة أجرها كانت رسميا محملة بلحوم حمراء قادمة من البرازيل، لكن عثر على ظهرها على 7 قناطير كوكايين. وأثناء التحقيق في القضية ظهر لمحققي الدرك أن شيخي ضالع في قضايا فساد مرتبطة بالعقار. كما ظهر في التحقيق أن لديه صلات بخالد تبون، الذي كان يقدم له تسهيلات تتمثل في تراخيص بناء عمارات، وعقارات بأشهر أحياء العاصمة، مقابل رشوة ومزايا.
وكان شيخي يحصل على التراخيص من والده عبد المجيد تبون، الذي كان وقتها وزيرا للسكن، وفي ظرف قياسي. لكن شيخي نفى أثناء المحاكمة أي صلة للرئيس ونجله في القضية. وحامت في المحاكمة شكوك بأن حكم البراءة بحق تبون تمّ بتدخل من وزير العدل بلقاسم زغماتي.
ولأول مرة توجه للشرطة القضائية لدرك «باب جديد» تهمة التعذيب في موضوع غير مرتبط بمحاربة الإرهاب. وإن صحت هذه التهمة فمن حق المدانين والمتابعين في قضايا فساد أخرى، الذين خضعوا للتحقيق على يدي هذا الجهاز، المطالبة بإعادة النظر في ملفاتهم، بحسب مسؤول حكومي طلب عدم نشر اسمه.
وعرف هذا الجهاز بالذات بمستوى التكوين العالي لضباطه في مجال التحقيقات القضائية. وعهد له أشهر ملفات فساد، سجن فيها كبار المسؤولين ورجال الأعمال، أمثال رئيسي الوزراء سابقا أحمد أويحيى (15 سنة سجنا)، وعبد المالك سلال (12 سنة سجنا)، وعدة وزراء ومسؤولين بارزين. وارتبطت الوقائع باختلاس مال عام، وسوء تسيير وزارات وأجهزة حكومية، واستغلال نفوذ بفضل الوظيفة الحكومية بغرض التربح.