«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي (5)‬: فيلم محمد رسولوف ينتقد إيران بلا خوف

مخرجه ممنوع من السفر كحال سواه

ناتاشا برجنايا كما تبدو في «د أ يو: ناتاشا»
ناتاشا برجنايا كما تبدو في «د أ يو: ناتاشا»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي (5)‬: فيلم محمد رسولوف ينتقد إيران بلا خوف

ناتاشا برجنايا كما تبدو في «د أ يو: ناتاشا»
ناتاشا برجنايا كما تبدو في «د أ يو: ناتاشا»

كما كان متوقعاً، لم يصل المخرج الإيراني محمد رسولوف إلى برلين ولن يحضر العرض العالمي الأول لفيلمه الجديد (السادس) «ليس هناك شر» (There is No Evil) بسبب قرار النظام عدم السماح له بالسفر.
طبعاً مشاكل المخرج رسولوف بدأت قبل ثلاث سنوات عندما حقق «رجل نزيه» (Man of Integrity) ونال عبره جائزة قسم «نظرة ما» في مهرجان «كان». فيلمه الخامس ذاك عرض قصة رجل (رضا أخلاغيراد) يملك بيتاً خارج طهران (بعدما تم طرده من المدرسة الذي كان يعلّـم فيها بسبب احتجاجه على سوء الطعام المقدّم للتلاميذ) ويعيش مع زوجته (صدابة بيزائي). يربّـى في برك واسعة أسماكه ليعيش على تجارتها بينما تعمل زوجته مدرسة في البلدة القريبة. يبدأ رضا بالعثور على سمك ميّـت بين أسماكه. وفي أحد المشاهد يستيقظ صباحاً على صياح زوجته المريع. يركض خارجاً ليجدها تقرع على طنجرة نحاسية لطرد عشرات الغربان التي كانت أخذت تقتات على الأسماك. يشاركها القرع ثم يلتفت إلى بركته ليجد أن كل أسماكه (بالمئات) تطفو ميتة. السبب هو قيام جاره بقطع الماء عن مجرى النهر الذي يملأ منه رضا بركته. ينطلق ليجد أن جاره بنى سداً يمنع تدفق الماء. يحاول ردم السد الترابي وحال يبدأ يُـلقى القبض عليه. لاحقاً ما يدّعي جاره عبّـاس، وقد تزوّد بشهادة طبية مزوّرة، أن رضا كسر يده ما يزيد متاعبه، خصوصاً وقد بات رضا غير قادر على تلبية احتياجاته المادية ودفع فواتيره المتأخرة وخسارته مصدر قوته.
واضح تركيز المخرج على نماذج اجتماعية شريفة متمثلة ببطله وزوجته وأخرى فاسدة وهذا موجود في كل مكان. لكن ما جلب على رسولوف غضب المسؤولين الإيرانيين وقرروا معاقبته بتوقيفه عن صنع الأفلام ومنعه من السفر هو إدراجه المسؤولين الحكوميين في نقده الواضح للحياة الحاضرة وعدم إنصاف بطل الفيلم بل محاربته. إنه فيلم جريء بطله الإنسان الرافض لعبث مستديم في الأخلاق والمبادئ. رجل يلحظ ما يدور معه وما يدور حوله ويواجه زوجته بأنها «قضية كفاح»، كما يقول. هذا قبل أن ينتصر الشر الكامن في شخص عباس والمعنيين الآخرين ويتم حرق المنزل الذي رفض رضا بيعه.
- نجاح من قبل العرض
الفيلم الجديد «ليس هناك شر» يخز خاصرة النظام بتقديم أربع نماذج لأربع مواطنين منفصلين يعيشون تبعات رغباتهم في حياة أفضل ويدفعون الثمن تبعاً لمواقفهم في هذا الاتجاه. في رسالته لمهرجان برلين ذكر المخرج أن «في مضمون البنية الضاغطة على المجتمع، تبدو الاختيارات محدودة. هي إما المقاومة أو البقاء حياً». أبطاله، كما تشي المعلومات يرفضون اختيار الاستسلام لكنهم لا يملكون القدرة على المقاومة في الوقت ذاته».
الفيلم مبرمج للعرض صباح اليوم (الجمعة) لكن من قبل هذا الموعد احتدت المنافسة عليه من قِبل شركات التوزيع وشهد بيعاً ناجحاً في الدول الأوروبية فاشترته إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا والبرتغال واليونان وبولندا وتركيا. وربما مع يوم غد تكون العقود أبرمت مع شركات توزيع أميركية وألمانية واسكندنافية.
في غضون ذلك، يجد المخرج الروسي إيليا خريجانوفسكي نفسه في مياه ساخنة لم يتوقعها. لقد تسرب إلى الإعلام أن فيلمه DAU‪.‬Natasha شهد حالات ترويع ضد بطلتيه وتحرش وقسوة. هو ينفي ذلك ويقول إن طبيعة الفيلم تجعل الإعلام يتصوّر حالات كهذه. لكنه يعترف بأن التصوير المغلق لعدة أشهر «ربما» شهد أحداثاً (قد) تبدو للبعض على أنها قمع».
في كل الأحوال، فيلم خريجانوفسكي (حققه بمشاركة مصممة شعر سابقاً اسمها جكرتينا أورتل)، الذي تم تقديمه ضمن المسابقة فيلم بشع حول موضوع بشع. إنه حول مؤسسة أبحاث علمية سوفياتية لا نرى شيئاً يُذكر عما تقوم به لكننا نرى الكثير من وضع المشرفة على مطعم وحانة المؤسسة التي يدخل إليها ويخرج العدد المتكرر من العلماء والحرس. بين الضيوف عالم فرنسي اسمه لوك (لوك بيجي، رجل في الخمسين لم يمثل من قبل) وفي ليلة ظلماء يشرب وناتاشا ويذهبان إلى السرير. قبل ذلك وبعده دقائق طويلة من الجدال بينها وبين مساعدتها تعكس فيها كل منهما مرارة ما تشعر به حيال الحياة وحيال كل للأخرى. الجدال يتطوّر إلى تضارب بالأيدي أولاً، ثم بعد ذلك إلى حفلة شرب أخرى بعدما تكون ناتاشا ودعت الفرنسي في اليوم التالي.
ما هي إلا أيام قليلة (لا يعير الفيلم أهمية للزمن ويدور في ثلاثة مواقع مغلقة طوال 146 دقيقة) حتى تُقاد ناتاشا إلى أحد مراكز المخابرات حيث يجلسها الضابط ذو الجثة المهيمنة أمامه ويسألها بضعة أسئلة. حين لا يرضى عن إجاباتها يفتح لها باب زنزانة ويهددها بتمضية ثلاثة أيام بلا نوم إذا لم تتجاوب مع ما يطلبه منها. وما يطلبه هو توقيع ورقة تقول إنها ستعمل، بخاطرها وتطوّعاً، لحساب المخابرات لنقل أي معلومة قد تضر الدولة السوفياتية. حتى من بعد توقيعها على هذا الطلب يعاود جرّها إلى غرفة التعذيب ويفرض عليها خلع كل ملابسها إمعاناً في إهانتها واحتقارها. يعود بها إلى مكتبه ويفرض عليها كتابة وتوقيع ورقة أخرى تقول فيها إن العالم الفرنسي كان مثيراً للشبهات وقد يكون جاسوساً.
هذا ما يعرضه المخرج في أكثر من ساعتين ونصف بقليل عن الوضع الروسي زمن ستالين ولا أحد يلومه على ذلك. فالفترة كانت بشعة بالفعل لكن المشكلة هي أن الفيلم يعالج بشاعة الوضع ببشاعة.
نعم هناك إدارة جيدة للممثلتين ناتاشا برجنايا (في الدور الأول) وأولغا خبرنيا وطريقة تصوير تخدم هيمنة المكان المغلق (قام بها يورغن يورغوس) لكن خريجانوفسكي يؤم الموضوع بيد تحمل مطرقة وبمعالجة لا تقل قسوة عن القسوة التي يتحدث عنها. مشاهد طويلة لا دور يذكر فيها للتوليف (المونتاج) وتصوير كامل لمشهد المجامعة بين نتاشا والعالم الفرنسي كما لو أن المخرج كان يتمنى تصوير أفلام بورنو في شبابه ووجد الفرصة متاحة الآن.
لا جماليات على الإطلاق وصفحات تتلوها صفحات من الثرثرة الحوارية التي لا تتوقف. جل ما نخشاه أن يخرج الفيلم بجائزة.
- توقعات أولى
لم يبق على «برلين» سوى يومين وحفنة من الأفلام ولجنة تحكيم عليها أن تختار من الأفلام الثمانية عشر التي عرضت في المسابقة ما تتوجه من أعمال وسينمائيين. لكن المرء يتساءل كيف سيتسنى لها ذلك إذا ما كان عدد الأفلام التي تستحق التنويه (ناهيك عن الجوائز الأولى). المستوى العام لمعظم ما عرض لا يرتفع عن المتوسط، مع إعجاب واضح بثلاثة أفلام نسائية هي «بقرة أولى» لكَلي رايشارت و«الطرق غير المطروقة» (The Roads Not Taken) لسالي بوتر و«أبداً نادراً أحياناً دائماً» (Never Rarely Sometimes Always) لإليزا هيتمان.
إذا ما منحت لجنة التحكيم جائزتها لفيلم من إخراج رجالي فلربما ذهبت إلى «أوندين» أو «برلين ألكسندربلاتزي» (وكلاهما فيلمان ألمانيان).


مقالات ذات صلة

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق جوي تتسلّم جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان «بيروت للأفلام القصيرة» (جوي فرام)

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

تؤكد جوي فرام أن مُشاهِد الفيلم القصير يخرج منه وقد حفظ أحداثه وفكرته، كما أنه يتعلّق بسرعة بأبطاله، فيشعر في هذا اللقاء القصير معهم بأنه يعرفهم من قبل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق «سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين.

إيمان الخطاف (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز