شاشة الناقد: The Call of the Wild

هاريسون فورد وبجانبه بَك في لقطة من «نداء البرية»
هاريسون فورد وبجانبه بَك في لقطة من «نداء البرية»
TT

شاشة الناقد: The Call of the Wild

هاريسون فورد وبجانبه بَك في لقطة من «نداء البرية»
هاريسون فورد وبجانبه بَك في لقطة من «نداء البرية»

الفيلم: The Call of the Wild
‫• إخراج: كريس ساندرز‬
• تقييم الناقد: (وسط)
يقولون إن أفضل صديق للإنسان، بين الحيوانات، هو الكلب. الآن، بعد خروج «نداء البرية»، لديهم فرصة لإعادة النظر. فحسب هذا الفيلم فإن أفضل صديق للإنسان هو الكلب المنفّذ كاملاً على الكومبيوتر. على الأقل أكثر حفاظاً على البيئة ولا يكلف الإنتاج الطعام والشراب وإشراف المعنيين به للتأكد من أنه سيبقى بعيداً عن الأذى.
«نداء البرية» حول رجل حي (هاريسون فورد فعلاً!) وكلب مستورد من الغرافيكس أنيميشن. كلاهما يتصادقان بعد رحلة منفصلة تنتهي بلقائهما ومساعدة الكلب (واسمه بَك Buck) للرحالة الوحيد جون (فورد) في المواقف الصعبة التي يتعرض إليها. لكن الكلب لا يستطيع إنقاذ الآدمي من ذكريات تؤلمه (ربما في فيلم مقبل، لكن ليس الآن). لقد خسر زوجته التي يحب لأسباب تتعلق بعدم التوافق على أقل تقدير، وخسر ابنه الذي مات شاباً. الآن هو في ألاسكا يعلق بصوته على ما نراه من أحداث ويساعده ذلك نباح بَك الذي يبدو يفهم في زوايا الكاميرا ودرس منهج ستانسلافسكي في التمثيل.
بما أنه مصنوع على الكومبيوتر بالكامل ومحشور في الفيلم لجانب جون، فإن الجهد المبذول لإتقانه أعلى من الجهد المبذول لمنح جون حياة فعلية. النبرة الحزينة التي يتولاها هاريسون فورد والخلفية البائسة التي يأتي بها كفيلتان بإحباط أي مشروع لتوفير عمل لا يعتمد العواطف المجانية الواضحة، بل يستعيض عنها بتوظيف مشاعر يتعامل معها المشاهد الناضج قلبياً ووجدانياً.
ما سبق يتطلب ممثلاً جيداً وهاريسون فورد لم يكن من هذا النوع بل كان من النوع الناجح في تقمص بدني لشخصيات طلبت منه البقاء فوق الجلد وليس تحته. يتطلب ممثل من نوع روبرت ردفورد وفيلم بمستوى «كله ضاع» (All is lost) للمخرج ج. س. شاندور (الذي عرضت له هنا Triple Frontier في الأسبوع الماضي). في ذلك الفيلم شخص واحد تاه في عرض البحر ينجح في عرض عالمه الماضي والحاضر من خلال أداء عميق وبلا تعليق، ومعالجة رائعة من مهارات المخرج… ومن دون كلب أو حتى سمكة.
المشكلة هنا هي أن المشاهد إذا ما تعاطف مع الكلب بَك فإنه يشترك في التزوير الذي قام الفيلم به. يتعاطف مع شيء غير موجود كحياة بل ماثل كرسم ديجيتال افتراضي فقط. في حين أن الأفلام السابقة (بما فيها سلسلة «رن تن تن» الشهيرة وكل فيلم احتوى كلباً حتى مطلع القرن الحادي والعشرين) كان لا يمكن إلا التفاعل معه بإحساس عاطفي فعلي كون كلاب السينما السابقة كانت حية تماماً كالبشر الذين يمثلون معها.
«نداء البرية» مأخوذ عن رواية نشرت سنة 1903 للمؤلف جاك لندن والفيلم، حسب ذكرياتي مع تلك الرواية التي طالعتها في الثمانينات تحت عنوانها الأصلي «المغامرة الكبرى»، يبقى أميناً معظم الوقت لكن عندما يعمد إلى بعض التغيير (خصوصاً في شخصيات ثانوية تسبق لقاء بك بجون) لا يحسّن بل يُصيب نفسه بضرر إضافي.


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.