للمرة الثالثة في أقل من عام... هل تحسم «صفقة القرن» الانتخابات لصالح نتنياهو؟

يستعد الناخبون في إسرائيل إلى التوجه الأسبوع المقبل إلى صناديق الاقتراع للمرة الثالثة في أقل من عام، في حدث غير مسبوق، وسط حالة من القلق تسيطر على المشهد في ظل المؤشرات التي تؤكد أن النتيجة لن تختلف كثيراً عن الانتخابات الأخيرة.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن المنافسة لا تزال محتدمة بين حزب «ليكود» اليميني بزعامة رئيس حكومة تصريف الأعمال بنيامين نتنياهو، وبين حزب «أزرق أبيض» بزعامة رئيس أركان الجيش السابق بيني غانتس، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وبعد الانتخابات التي جرت في أبريل (نيسان) من العام الماضي والتي جرت في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، ولم يتمكن أي من نتنياهو أو غانتس بعدهما من تشكيل حكومة، حدث تطوران بارزان على الساحة الإسرائيلية.
في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي قدم الادعاء العام الإسرائيلي لمحكمة في القدس لائحة اتهام ضد نتنياهو تضمنت اتهامات بالفساد، وهو الأمر الذي يحدث للمرة الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي وهو في المنصب.
وسواء أكان هذا صدفة أم لا، فقد كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب في اليوم نفسه عن خطته المثيرة للجدل، والتي طال انتظارها، للسلام في الشرق الأوسط، والتي تمنح إسرائيل ضوءاً أخضر لبسط سيادتها على 30 في المائة من الضفة الغربية المحتلة في وقت ما في المستقبل القريب، بما في ذلك كافة المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن الاستراتيجي. والسؤال الآن هو: أي من هذين التطورين سيكون له الأثر الأكبر على آراء الناخبين في الانتخابات المرتقبة؟. ويتطلع نتنياهو إلى الفوز بولاية خامسة، ويقدم خطة ترمب على أنها إنجازه الشخصي «التاريخي».
أما خصومه، لا سيما غانتس، فيقولون إن رئيس الوزراء، الأطول بقاء في المنصب، سيكون مضطراً للمثول أمام المحكمة في القدس مرتين أسبوعياً، مما يعني أنه لن يكون لديه وقت للتعامل بالشكل الكافي مع شؤون الدولة. كما يؤكدون على التحفظات الأخلاقية، ويقولون إنه لا يمكن لنتنياهو أن يستمر في قيادة الدولة حتى تثبت براءته.
وكان «أزرق أبيض» قد قال إن المشكلات القانونية التي تنتظر نتنياهو هي التي أعاقت تشكيل حكومة وحدة وطنية، حيث رفض الحزب الجلوس مع ليكود طالما يرأسه رئيس الوزراء المتهم بالفساد.
وواجه نتنياهو اتهامات بتقاضي رشى والاحتيال وخيانة الثقة، بقيامه بتقديم امتيازات مقابل تغطية صحافية إيجابية لصالحه، وكذلك تقديم امتيازات لرجال أعمال أثرياء، مقابل الحصول على هدايا باهظة الثمن. ويصف نتنياهو لائحة الاتهام بأنها محاولة «للانقلاب» عليه.
وحتى الآن، يبدو أن قاعدة أنصار نتنياهو الراسخة لا تكترث بهذه الاتهامات، فلم يشهد حزبه حركة تمرد واضحة، على عكس ما توقعه البعض. ووفقاً لاستطلاع للرأي نشرت نتيجته القناة الثالثة عشرة الإسرائيلية مؤخراً، فإن الكتلة التي تضم أحزاب اليسار والوسط والأحزاب العربية، ويتزعمها «أزرق أبيض»، ستحصل على 56 مقعداً في الكنيست المؤلف من 120 مقعداً، وهو نفس عدد المقاعد المتوقع أن تحصل عليه كتلة أحزاب اليمين والأحزاب الدينية والمتشددة، والتي يقودها حزب الليكود. ويستبعد الاستطلاع ثمانية مقاعد من المتوقع أن يحصل عليها أفيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» القومي المتطرف والعلماني في الوقت نفسه.
وكان حزب ليبرمان وحزبان متشددان، تشير الاستطلاعات إلى أنهما سيحصلان معاً على 15 مقعداً، رفضت المشاركة في نفس الحكومة تضامناً مع طلب ليبرمان بتجنيد «طلاب الييشيفات» (المدارس الدينية اليهودية) في الجيش والسماح بحركة النقل العام في أيام السبت، المقدس لدى اليهود.
ولا تختلف نتائج استطلاعات الرأي كثيراً عن النتائج النهائية لانتخابات 17 سبتمبر (أيلول)، التي حصلت فيها كتلة اليسار والوسط، بقيادة غانتس على 57 مقعداً، مقابل 55 للكتلة التي يقودها نتنياهو.
ورغم ذلك يبدو أن غانتس وحزبه أزرق أبيض يتراجعان، فوفقاً لأحدث استطلاع للرأي، فإن الحزب سيحصل على نحو 32 مقعداً، متراجعاً بأربعة مقاعد عن استطلاع للرأي جرى الأسبوع الماضي. وفي الوقت نفسه، حافظ حزب الليكود على مقاعده ولا يزال من المتوقع أن يحصل على 33 مقعداً.
ويعني هذا الاستطلاع أن الأرقام لم تتغير كثيراً منذ انتخابات سبتمبر (أيلول): 33 لأزرق أبيض و32 لليكود.
ويعتقد جوناثان رينهولد خبير شؤون السياسة الإسرائيلية في «مركز بيغن - السادات للدراسات الاستراتيجية» أنه ما لم يندلع صراع في غزة، فإن نتائج الانتخابات الثالثة ستكون مماثلة لسابقتيْها. وأعرب في الوقت نفسه عن اعتقاده بأن يكون بناء التحالف الحكومي حاسماً هذه المرة. ويوضح: «لا أعتقد أنه ستكون هناك انتخابات رابعة». ويضيف: «أموال مؤسسات الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة تنفد، مما يعني أنه إذا ما لم تتشكل حكومة فإنها قد تواجه ضائقة مالية خطيرة، وأعتقد أن هذا سيجعلها أكثر مرونة».
ويعتقد رينهولد أنه ربما الأهم من ذلك هو أن نتنياهو، من دون حصانة، وفي ظل البدء المقرر لنظر قضيته أمام القضاء بعد أسبوعين من الانتخابات، فإنه أضعف بكثير. ويضيف رينهولد: «سيكون موقفه لا يُحسد عليه، خاصة إذا ما فشل نتنياهو في تشكيل ائتلاف حكومي للمرة الثالثة». ورغم كل هذا، فلا ينبغي لأحد أن ينسى أن نتنياهو الماهر كالقطط بسبعة أرواح.
يقول الخبير السياسي أفرات كنولر: «سيكون من الصعب جداً على أي من الطرفين تشكيل حكومة، ما لم يتقدم أي منهما على الآخر بخمسة أو ستة مقاعد»، وهو سيناريو مستبعد. ويضيف كنولر، وهو من جامعة بار إيلان بالقرب من تل أبيب، أن الانتخابات الرابعة ستكون «أكبر كابوس يمكن أن يحدث لإسرائيل».