مجلس الأمن مدّد العقوبات اليمنية عاماً إضافياً

المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة خلال حديثها في جلسة خاصة باليمن الثلاثاء (أ.ب)
المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة خلال حديثها في جلسة خاصة باليمن الثلاثاء (أ.ب)
TT

مجلس الأمن مدّد العقوبات اليمنية عاماً إضافياً

المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة خلال حديثها في جلسة خاصة باليمن الثلاثاء (أ.ب)
المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة خلال حديثها في جلسة خاصة باليمن الثلاثاء (أ.ب)

مدّد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، العمل بمنظومة العقوبات المفروضة على اليمن عاماً إضافياً، أي حتى فبراير (شباط) 2021. وذلك بعد نقاشات حادة بين بريطانيا وروسيا، التي هدّدت باستخدام حق النقض (الفيتو) إذا تضمن قرار التمديد أي إشارة ولو ضمنية إلى إيران.
وأقرّ المجلس بموافقة 13 عضواً وامتناع روسيا والصين عن التصويت، النصّ الذي أعدته بريطانيا، ويمدّد حتّى فبراير 2021 العمل بالعقوبات المفروضة، طبقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وينص نظام العقوبات الذي مدّد الثلاثاء قبل يوم من انتهاء مدّته، على تمديد تفويض خبراء الأمم المتحدة للإشراف على الحظر المفروض على الأسلحة منذ العام 2015، وإمكانية فرض تجميد موجودات وحظر سفر.
ورحبت الحكومة اليمنية باعتماد القرار. وقال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله السعدي، في بيان اليمن أمام مجلس الأمن: «إن النتائج التي توصل إليها تقرير فريق الخبراء المعني باليمن تعكس أهمية الدور الذي ينبغي على مجلسكم الموقر أن يلعبه لإنهاء المعاناة الإنسانية والآثار المدمرة للحرب التي تشنها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران منذ أكثر من 5 سنوات في حق أبناء الشعب اليمني».
وطبقاً لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، ذكر المندوب أن «الانتهاكات التي تمارسها الميليشيات الحوثية ليست وليدة اللحظة، وتتعارض مع مساعي وجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة»، متهماً الميليشيات الحوثية بالتهرب من تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق استوكهولم، وزاد: «ما زالت الميليشيات تستقبل الخبراء الإيرانيين، وتتلقى الدعم العسكري والأسلحة من إيران، في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن بشأن حظر الأسلحة المستهدف».
وقال السعدي: «كنا نتمنى أن يتضمن هذا القرار لغة واضحة وموقفاً حازماً من المجلس تجاه هذه الانتهاكات»، مجدداً إدانة الحكومة اليمنية للانتهاكات والممارسات الحوثية كافة التي تتعارض مع القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ومنها ما تتعرض له النساء اليمنيات من الاعتقال والاحتجاز التعسفي والنهب والاعتداء الجنسي والضرب والتعذيب وتيسير الاغتصاب في مراكز الاعتقال السرية في مناطق سيطرة الميليشيات، داعياً إلى محاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات وإخضاعهم للمساءلة القانونية.
كما دعا السعدي إلى محاسبة الميليشيات الحوثية عن اختطافها للأطفال من مدارسهم، والزج بهم في الصفوف الأولية لجبهات القتال دون علم أو موافقة أهاليهم.
وبينما لم تكن هناك صعوبات كبرى في المفاوضات التي تجري منذ أسبوع، اعترضت روسيا فجأة، الاثنين، على النص الذي أعدته بريطانيا، وهددت باستخدام حق النقض وعرض مشروع مضاد، كما ذكر دبلوماسيون. وقالت المصادر نفسها إن روسيا رفضت بشدة أي إشارة إلى إيران التي ورد ذكرها في التقرير الأخير لخبراء الأمم المتحدة.
ويؤكد الخبراء في هذه الوثيقة التي نشرت في نهاية يناير (كانون الثاني) أن المتمردين الحوثيين في اليمن يمتلكون منذ 2019 أسلحة جديدة (طائرات بلا طيار، وصواريخ عابرة)، يحمل بعضها «خصائص تقنية مشابهة لأسلحة مصنوعة في إيران». وتنفي طهران التي تدعم الحوثيين مدّهم بالأسلحة.
وخلال المفاوضات، تخلت بريطانيا، التي كررت أولاً ما توصل إليه الخبراء، عن أي تسمية لإيران. وقال دبلوماسيون إن المملكة المتحدة قبلت في اللحظة الأخيرة وبعد وساطة قامت بها فرنسا وبلجيكا، بشطب أي إشارة إلى تشابه بين الأسلحة التي يملكها الحوثيون وأخرى يتم إنتاجها في المنطقة.
وعند إلقاء الكلمات، اتهم رودني هانتر الذي يمثل الولايات المتحدة «إيران بتهريب أسلحة إلى الحوثيين منذ سنوات»، في انتهاك للحظر المفروض على تسليم اليمن أسلحة، وكذلك الحظر المماثل المفروض على طهران.
أما فرنسا وبريطانيا فقد انتقدا الموقف الذي يتكرر في مختلف الملفات، وتتبناه روسيا التي تهدد باستخدام الفيتو لفرض وجهات نظرها في نهاية المطاف. وقالت السفيرة البريطانية كارين بيرس إن حق النقض لا يمكن أن يصبح «تكتيكاً عندما نشارك في مفاوضات حتى لا ندعم نصاً في نهاية المطاف، هذه ممارسة ملتوية». وتابع نظيرها الفرنسي نيكولا دو ريفيير أن «قرارات هذا المجلس تأتي ثمرة مفاوضات، لذلك على كل واحد تقديم تنازلات، ولا أحد يمكنه أن يأمل في تحقيق كل المكاسب المرجوة من بداية مفاوضات».
ورداً على هذه التعليقات، أدان السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا ما وصفه بـ«الأزمة المصطنعة»، معبراً عن استيائه، لأن بريطانيا «لم تأخذ في الاعتبار كل المخاوف الروسية». وتحدث عن «وسائل عمل غير بناءة»، مؤكداً أنه لا يمكن أن تكون طريقة المعالجة «مقبولة بالكامل أو مرفوضة بالكامل».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.