ترمب وأربعة ديمقراطيين صحتهم جيدة «على الورق»

قد يكون الرئيس الأميركي دونالد ترمب من بين أشهر الرؤساء الأميركيين الذين كسروا قاعدة عرفية تقضي بأن يقدم المرشح لانتخابات الرئاسة تقريراً مفصلاً عن وضعه الصحي، ليتسنّى للشعب الأميركي الاطّلاع على الحالة الصحية للذي يرغب في قيادة البلاد. بل إن ترمب كسر قاعدة أخرى عندما تسلّم مقاليد الرئاسة، حين بات يكتفي بتقديم كشف طبي عن حالته الصحية لا يتعدى الصفحة الواحدة، يشبه الوصفة الطبية أو طلباً لإجازة مرضية تتطلب شهادة طبيب تبررها.
قبل انتخابات عام 1976 كشف السيناتور فرانك تشيرتش من ولاية إيداهو، عن أن السرطان قد أصاب خصيته اليسرى، في حين كشف جيمي كارتر عن وجود مشكلة في البلع بسبب حساسية من الفاصوليا والجبن السويسري. وعندما ترشّح جون ماكين للرئاسة عام 2000، قدم أكثر من 1000 صفحة من السجلات الطبية، بما في ذلك تقرير عن حالته النفسية.
في ذلك الوقت، كان هناك إحساس بالالتزام بالمسؤولية مرتبط بالتقدم إلى موقع رئاسة أكبر دولة في العالم. اليوم، يجمع المعلقون على أن هذا الشعور اختفى، على الرغم من أن عدداً من المرشحين الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية، ومعهم الرئيس الجمهوري ترمب الذي يسعى إلى الفوز بولاية جديدة، تجاوزوا السبعين عاماً ويقتربون من سن الثمانين. والمرشحون عموماً رفضوا الإفصاح عن ملفات كاملة عن صحتهم، واعتمدوا بدلاً من ذلك نموذجاً شبيهاً بشهادة الطبيب الذي يعالج ترمب.
ترمب الذي يعد أكبر شخص يفوز بالرئاسة، لم ينشر خلال 3 سنوات سوى رسالة طبيبه تشهد على صحته «الممتازة بشكل مذهل».
في المقابل، تجاوز الـ70 عاماً المتنافسون الديمقراطيون، وبينهم أربعة، هم: بيرني ساندرز، وجو بايدن، ومايكل بلومبيرع، وإليزابيت وارن، يتقدمون استطلاعات الرأي، بل يحقق بعضهم نجاحات في انتخاباتهم التمهيدية، وها هم يسيرون على خطى ترمب في عدم الكشف عن حالتهم الصحية.
ساندرز البالغ 78 عاماً ويتقدم لائحة المرشحين الديمقراطيين، تعرّض لأزمة قلبية قبل نحو خمسة أشهر، لكنه امتنع في البداية عن الكشف عنها. ثلاثة من أطبائه قدموا رسائل، بينهم طبيب أمراض القلب، أعربوا فيها عن ثقتهم في أن «لديه القدرة على التحمل العقلي والبدني للاضطلاع الكامل بمهمة الرئاسة القاسية».
وعلى الرغم من الأزمة القلبية، رفض ساندرز تقديم معلومات إضافية، ووصفت متحدثة باسم حملته الأسئلة حول صحته بأنها «تشويه» تشبه المزاعم الخاطئة بأن (الرئيس السابق) باراك أوباما لم يولد في الولايات المتحدة.
بلومبرغ البالغ 78 عاماً قدّم صفحة واحدة من طبيبه، يعلن فيها أنه «في صورة بدنية عظيمة»، وأنه «يلعب الجولف بشغف» ولا يزال يحمل رخصة لقيادة السيارة.
بايدن البالغ 77 عاماً قدم تقريراً طبياً من ثلاث صفحات يشير فيها إلى أنه «رجل قوي وبحالة صحية جيدة».
السيناتورة وارين البالغة 70 عاماً، أصدرت خمس صفحات من الوثائق تكشف عن ضغط دمها وحالة الغدة الدرقية، إلى جانب شهادة من الطبيب يعلن أنها «بصحة ممتازة».
في المقابل، لم تقدّم السيناتورة ايمي كلوبوشار البالغة 59 عاماً، ولا عمدة ساوث بند السابق في إنديانا بيت بوتيجيج البالغ 38 عاماً، أي تقرير طبي، على الرغم من أن بوتيجيج جادل خلال مناظرة الأسبوع الماضي بأنه «يجب على المرشحين الخضوع لفحوص طبية والكشف عن نتائجها، ليتسنّى للرأي العام الأميركي معرفة الحالة الصحية للرئيس الذي سيقود البلاد».
حتى الآن لا يوجد قانون في الولايات المتحدة يلزم الرؤساء بالكشف عن تفاصيل حالتهم الصحية، ولم يقدم عدد من الرؤساء السابقين هذه التقارير.
وبحسب السجلات، فقد أخفى وودرو ويلسون إصابته بسكتات دماغية أصابت جانبه الأيسر بالشلل، وأخفى فرانكلين روزفلت آثار شلل الأطفال، في حين أخفى جون كينيدي آلام الظهر المزمنة ومرض أديسون رغم مظهره الشاب. وخلال حملة 1992، رفض بيل كلينتون نشر سجلاته الطبية، على الرغم من أن منافسه الديمقراطي بول تسونغاس كشف عن أنه مصاب بالسرطان، لكنه أخفى تعرضه للانتكاسة، وتوفي في يناير (كانون الثاني) 1997، أي في نهاية ما كان يمكن أن تكون ولايته الأولى.
وعلى الرغم من شعور المرشحين الرئاسيين عموماً بضرورة طمأنة الناخبين بأنهم على المستوى الجسدي للوظيفة، ومن غير المرجح أن يقوموا بمغادرة مبكرة، خصوصاً هذا العام، فإن العمر الافتراضي يختلف اختلافاً كبيراً بالنسبة للأشخاص بسبب مجموعة من العوامل، أبرزها العنصر الوراثي.
وبحسب بيانات المركز الوطني الأميركي للإحصاءات، فإن متوسط عمر الذكور في الولايات المتحدة هو 76.2 عاماً، و81.2 للنساء.
لكن الرؤساء يموتون في وقت أبكر من أقرانهم، وفقاً لكتاب صدر عام 1992، للكاتب روبرت غيلبرت «الرئاسة القاتلة: المرض والكرب في البيت الأبيض». يظهر الكتاب، أنه على الرغم من ارتفاع متوسط العمر المتوقع في القرن العشرين، فقد توفي 21 من أصل 32 رئيساً حديثاً قبل الأوان، علماً بأن دراسته لم تشمل الرؤساء الأربعة الذين اغتيلوا.
إحدى المعلومات الصحية التي أصبحت علنية، هي الدعامات التي وضعت لكل من ساندرز وبلومبرغ لفتح الشرايين المسدودة. وفي مناظرة الأسبوع الماضي، قال ساندرز «المجال الوحيد الذي ربما أشاركه مع بلومبرغ هو وجود اثنتين من الدعامات». ورد بلومبرغ بأن دعاماته تم إدخالها قبل 25 عاماً، والبعض قال إنها كانت قبل 20 عاماً، لكنه خلافاً لساندرز لم يتعرض لأزمة قلبية.
وفي حين يبدو ترمب البالغ 73 عاماً بصحة جيدة على الرغم من تقدمه في السن، وازدرائه ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي غني باللحوم الحمراء والسكر والوجبات السريعة والصودا.يرفض طبيبه الخاص الكشف عن سجلاته الصحية. وإذا تم انتخابه لولاية ثانية في نوفمبر (تشرين الثاني)، فسيترك منصبه في سن 78، متجاوزاً رونالد ريغان، الذي ترك منصبه وهو في سن الـ77، بصفته أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة.