دعوات في المغرب لمراجعة شروط تلقي العرائض الشعبية

أقر الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب المغربي، أمس بوجود صعوبات ومعيقات تحول دون التفعيل المكثف لمبادرات تقديم العرائض والملتمسات من قبل المجتمع المدني، بعد أن منح دستور 2011 للمرة الأولى المواطنين حق تقديم عرائض مطلبية للحكومة والبرلمان.
وحسب إحصاءات رسمية لم يتعدّ عدد العرائض المقدمة 100 عريضة منذ دخول القانون المنظم لها حيز التنفيذ.
وقال المالكي، الذي كان يتحدث أمس في ندوة نظمها المجلس حول: «الديمقراطية التشاركية بين إشكالات الواقع وآفاق التطوير»، إن الصعوبة الأولى ترتبط بعدد التوقيعات الضرورية حتى يكون الملتمس من أجل التشريع أو العريضة مقبولين. وذكر أن عدد 25 ألف توقيع، المطلوب في لائحة دعم الملتمس، وعدد 5 آلاف المطلوبة في لائحة دعم العريضة، مع كل الوثائق المطلوبة، تستدعي «إعادة التفكير بحثاً عن المرونة في إطار من التوافق».
أما الصعوبة الثانية فتتمثل في الحاجة إلى المهارات الضرورية، التي ينبغي أن تتوفر في معدّي وحاملي المبادرة لأن العريضة أو الملتمس «درجة عالية في الدقة والصياغة والتعليل وحصر النطاق، والإقناع حتى تكون المبادرة مقبولة، وحتى يسهل تحديد مآلها». ووعد المالكي بتنفيذ برامج للتكوين لفائدة هيئات المجتمع المدني ودعم قدراتها في المجال.
من جهة أخرى، عزا المالكي ضعف الإقبال على هذه المبادرة إلى «سوء الفهم» بين هيئات المجتمع المدني والمؤسسات المعنية بتلك العرائض والملتمسات، واعتبر أن الأمر يتعلق بـ«حاجز نفسي أكثر من كونه حاجزاً مادياً أو مسطرياً».
ولتفادي ذلك، دعا إلى تكثيف التواصل واللقاءات حسب حقول اهتمام كل مجموعة من هيئات المجتمع المدني.
في السياق ذاته، أقر المالكي بوجود صعوبة في الوصول إلى المعلومات التشريعية، داعيا إلى استغلال الإمكانيات التي يكفلها قانون الحق في الولوج إلى المعلومات، وما تتيحه المواقع الإلكترونية المؤسساتية، ومنها موقع مجلس النواب حتى يجري تتبع مسلسل التشريع، وما ينجز في هذا المجال مع تحيين المعطيات وعدم التكرار.
يذكر أن القانون وضع شروطاً تعتبر العرائض غير مقبولة بموجبها إذا «كانت تمس بالثوابت الجامعة للأمة، والمتعلقة بالدين الإسلامي، أو بالوحدة الوطنية أو بالنظام الملكي للدولة، أو بالاختيار الديمقراطي أو بالمكتسبات، التي تم تحقيقها في مجال الحريات والحقوق الأساسية، كما هو منصوص عليها في الدستور». كما تعتبر العرائض لاغية إذا كانت تهم قضايا تتعلق بالأمن الداخلي، أو بالدفاع الوطني أو الأمن الخارجي للدولة أو قضايا معروضة أمام القضاء، أو صدر حكم بشأنها أو بوقائع تكون موضوع تقصٍ من قبل اللجان البرلمانية لتقصي الحقائق.
وكانت الحكومة قد أحدثت في يونيو (حزيران) 2017، بموجب مرسوم لجنة تحت اسم «لجنة العرائض»، مهمتها التحقق من استيفاء العرائض للشروط المنصوص عليها في القانون.
ويقصد بالعريضة في القانون التنظيمي، طبقاً لما ورد بالجريدة الرسمية في 18 أغسطس (آب) 2016 «كل طلب مكتوب يتضمن مطالب، أو مقترحات أو توصيات، يوجهه مواطنات ومواطنون مقيمون بالمغرب أو خارجه إلى السلطات العمومية المعنية، قصد اتخاذ ما تراه مناسباً في شأنه من إجراءات في إطار احترام أحكام الدستور والقانون، وطبقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي». ولتقديم العرائض لا بد من توفر عدد من الشروط، على رأسها «أن يكون الهدف منها تحقيق مصلحة عامة، وأن تكون المطالب أو المقترحات أو التوصيات، التي تتضمنها مشروعة»، وتقدم العرائض لرئيس الحكومة أو إلى رئيس أحد مجلسي البرلمان.
ويضاف إلى الاستثناءات التي ترفض بموجبها العريضة القضايا المتعلقة بـ«مطالب نقابية أو حزبية، أو ذات طابع تمييزي، أو تتضمن سباً أو قذفاً أو تشهيراً أو إساءة إلى المؤسسات أو الأشخاص».
وكان حقوقيون ونشطاء المجتمع المدني قد انتقدوا القانونين التنظيميين لتقديم العرائض والملتمسات، واعتبروا شرط الحصول على 25 ألف توقيع من مواطنين مسجلين في اللوائح الانتخابية رقما «تعجيزياً»، إلا أن الحكومة دافعت عنه، حينذاك وقارنت بينه وبين إسبانيا التي تشترط 500 ألف توقيع، وإيطاليا التي تشترط 50 ألف توقيع.