هجوم انتحاري على غربيين بمطعم لبناني في كابل يسهم في توحيد الصفوف

دخل مسلحون متخطين جثث الحراس وبدأوا باطلاق الرصاص على الجميع

شباب أفغان وضعوا الزهور عند مدخل المطعم اللبناني «تافرنا دو ليبان» مع لافتات كتب عليها «لا للإرهاب» (نيويورك تايمز)
شباب أفغان وضعوا الزهور عند مدخل المطعم اللبناني «تافرنا دو ليبان» مع لافتات كتب عليها «لا للإرهاب» (نيويورك تايمز)
TT

هجوم انتحاري على غربيين بمطعم لبناني في كابل يسهم في توحيد الصفوف

شباب أفغان وضعوا الزهور عند مدخل المطعم اللبناني «تافرنا دو ليبان» مع لافتات كتب عليها «لا للإرهاب» (نيويورك تايمز)
شباب أفغان وضعوا الزهور عند مدخل المطعم اللبناني «تافرنا دو ليبان» مع لافتات كتب عليها «لا للإرهاب» (نيويورك تايمز)

إن حزامه الناسف مليء بكرات من الصلب بحجم كرات بندقية قديمة، وسار مهاجم طالبان في الشارع المليء بالحفر إلى مدخل مطعم «تافرنا دو ليبان». خلف الباب المصنوع من الصلب الرقيق، وفي غرفة حراسة صغيرة، كان ثلاثة رجال يجلسون طلبا للدفء من شتاء كابل القارس، الذين لم تتح لهم فرصة التعامل مع الانتحاري قبل أن يهم بتفجير حزامه الناسف في مدخل المطعم.
عقب الانفجار، دخل مسلحون متخطين جثث الحراس وتوجهوا إلى صالة المطعم وبدأوا إطلاق الرصاص من بنادقهم على الجميع دون استثناء. ولم يسع شكران، غاسل الأطباق الذي كان موجودا في صالة المطعم التي كانت تغص برائحة المتفجرات، سوى التوجه إلى الطابق الثاني تاركا خلفه الغرفة وقد امتلأت بجثث القتلى. ووقف بعض مرتادي المطعم مجمدين من الخوف، بينما زحف آخرون تحت الطاولات، لكن أحد لم ينج من الهجوم.
وعندما قتلت الشرطة المهاجمين، بعد ساعتين من الانفجار الأول، كانت الجثث هي الشيء الوحيد الباقي في المطعم، لتكشف عن مذبحة أصابت أبرز معالم الحياة الغربية في كابل. قتل خلال الهجوم الذي وقع يوم الجمعة 21 شخصا، ثلاثة عشر منهم من الأجانب، وهو ما يجعلها واحدة من أكثر الهجمات دموية ضد المدنيين الغربيين هنا منذ عام 2001. كان من بين القتلى مزيج من القوميات والوظائف المختلفة مثل أستاذ أميركي، وأفغاني متزوج حديثا، وسياسي بريطاني طموح، وصاحب المطعم اللبناني.
المثير للدهشة أن الهجوم أسهم في تجاوز الانقسام العاطفي بين بضعة آلاف من الغربيين، الذين يعيشون في الغالب حالة من الترف ويتمتعون بالحماية، بينما يتحمل المواطن الأفغاني العادي ويلات عنف الحرب.
في الوقت ذاته، ركز الانفجار الانتباه على الكراهية المتنامية التي يشعر بها الرئيس حميد كرزاي نحو المهمة الغربية، حيث شبه الهجوم على المطعم اللبناني بغارات «الناتو» الجوية التي شنها الأسبوع الماضي والتي أسفرت عن مصرع قرويين حوصروا في الصراع الدائر بين متمردين وقوات أفغانية.
لكن الهجوم الأخير على المطعم اللبناني أصاب الكثير من الأجانب بالشعور بالحصار بين رغبة المتمردين في قتلهم وحكومة تبدو راغبة في رحيلهم.
وقد ظهر التوتر بين كرزاي وداعميه الغربيين جليا يوم الأحد عندما قدم المسؤولون الأميركيون تفسيرات متضاربة بشأن الغارات الجوية التي شنتها الطائرات الأميركية على معقل طالبان في ولاية باروان وتسببت في سقوط عدد من المدنيين. فقد تحدث مسؤولون أميركيون إلى الصحافيين يوم الأحد، أن الضربات الجوية كانت بطلب من القوات التي كانت في مهمة في مقاطعة سايح غريد، التي كان المقرر أن تقودها العمليات الخاصة الأفغانية، الذين كانوا بصحبة مستشارين أميركيين.
وسرعان ما اضطر الجنود الأميركيون والأفغان إلى طلب المساعدة نتيجة احتلال قوات طالبان الأراضي المرتفعة، ومصرع جنديين أحدهما أميركي والآخر أفغاني، وبعد ساعة من الصراع للهرب طلب القادة على الأرض دعما جويا، وقامت طائرة «إيه سي 130» حربية بهدم منزلين كانت تنطلق منهما نيران طالبان الكثيفة.
وأشار الأميركيون إلى أنهم لم يعلموا بوجود مدنيين في أحد هذه المنازل إلى جانب مقاتلي طالبان، مما أسفر عن مصرع فتاتين وإصابة سيدة، مؤكدين أن الضربة الجوية مشروعة للغاية وضرورية لحماية قواتهم.
لكن اللجنة التي شكلها كرزاي قدمت رواية مختلفة للغاية، فذكر عبد الستار خاواسي، الذي يقود اللجنة المكونة من ستة أفراد، في مؤتمر صحافي، أن ما بين 12 إلى 17 مدنيا قتلوا في الهجوم، حيث استمر القصف الجوي الأميركي للقرية ثماني ساعات ثم انتقلوا من منزل إلى آخر، وأطلقوا الرصاص على بعض القرويين وجرى تدمير عشرة منازل، بحسب روايات الشهود.
دفعت هذه الحادثة الرئيس كرزاي إلى تشبيه هذه المعاناة التي تسببت فيها الغارة الجوية بالهجوم على تافرنا.
وقال كرزاي في بيان له من مكتبه: «الشعب الأفغاني يتعرض للقتل كل يوم باسم الحرب على الإرهاب وبهجمات طالبان الإرهابية ضد الوجود الأجنبي في أفغانستان». لكن طالبان أكدت الفصل بين القتلى في القرية وتافرنا، حيث أشاروا إلى أنهم شنوا الهجوم على المطعم للانتقام للقتلى الذين سقطوا في الغارات الجوية.
لكن، إذا كان هدف المتمردين النهائي منح الغربيين عذرا آخر للرحيل عن أفغانستان، فقد أسفر الهجوم ولو لبعض الوقت على الأقل، في توحيد الأفغان والأجانب معا في الحياة والموت.
فقد أنقذ كامل حمادة، اللبناني صاحب المطعم، العاملين في المطعم، عندما أمرهم بالهرب من مخرج الطوارئ، وكان شكران، غاسل الأطباق، الذي كان من بينهم، ألفى النظرة الأخيرة على الهجوم في الضوء الخافت أثناء صعوده إلى الطابق الثاني الذي قال إن رجلين حليقي اللحى أطلقا النار من بنادق رشاشة دون تفرقة بين رواد المطعم.
أمسك حمادة بمسدس وعاد إلى صالة المطعم لمساعدة زبائنه. وكان المدير دائما ما يعد أنه في حال تعرض مطعمه لهجوم فسوف يدافع عنه بنفسه.
ويقول فريد، طاه في المطعم: «قال إنه سينزل إلى الصالة لمساعدة عملائه، وإذا كان حيا فسوف يعود للعمل هناك».
ينقسم المطعم بالداخل إلى منطقتين لتناول الطعام، وشق المسلحون طريقهم عبر الغرفة التي كان الحاج أحمد، رجل أعمال أفغاني، يتناول العشاء مع زوجته الجديدة بها، والذي صرخ طالبا النجدة من عمه قبل أن يلقى مصرعه على يد المهاجمين، وقتل أربعة موظفين في الأمم المتحدة، من بينهم مسؤول الشؤون السياسية في المنطقة وكذلك ممثل صندوق النقد الدولي في أفغانستان.
في الدور العلوي، تكدس أحد عشر شخصا عبر فتحة صغيرة تؤدي إلى السقف، وبعد الصعود إلى السقف واحدا تلو الآخر عبر الفتحة الصغيرة، قفز الرجال إلى المجمع المجاور. وقد أصيب البعض منهم خلال سقوطهم على الجليد. وبعد لحظات، اكتشفت الشركة العمال الخائفين وقامت باصطحابهم إلى منطقة آمنة. ومرت ساعات قبل أن يتمكن رجال القوات الخاصة من السيطرة على المطعم.
ردا على هذه الحادثة، قام الشباب الأفغان ظهر يوم الأحد بالاحتجاج على قصف المطعم للتنديد بالعمليات الإرهابية لحركة طالبان، حيث تجمع ما يقرب من 200 شخص هناك، ووضعوا الزهور عند مدخل المطعم مع لافتات كتب عليها «لا للإرهاب».
وقال رامين أنواري، الذي نظم المظاهرة: «موت أي إنسان مأساة، أيا كانت جنسية هذا القتيل. نحن لا نريد أن يترك المجتمع الدولي أفغانستان بسبب هذه التصرفات البربرية لطالبان».
* خدمة «نيويورك تايمز»



الرئيس السريلانكي الجديد يتعهّد «بذل قصارى جهده» للنهوض بالبلاد

الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا مجتمعاً مع كبار ضباط الجيش والشرطة بعد أدائه اليمين الدستورية في كولومبو الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا مجتمعاً مع كبار ضباط الجيش والشرطة بعد أدائه اليمين الدستورية في كولومبو الاثنين (إ.ب.أ)
TT

الرئيس السريلانكي الجديد يتعهّد «بذل قصارى جهده» للنهوض بالبلاد

الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا مجتمعاً مع كبار ضباط الجيش والشرطة بعد أدائه اليمين الدستورية في كولومبو الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا مجتمعاً مع كبار ضباط الجيش والشرطة بعد أدائه اليمين الدستورية في كولومبو الاثنين (إ.ب.أ)

تولى أنورا كومارا ديساناياكا، أول رئيس يساري في تاريخ سريلانكا، مهامه اليوم (الاثنين)، متعهداً «بذل قصارى جهده» للنهوض بالبلاد، بعد عامين من أزمة مالية غير مسبوقة أثرت في جزء كبير من السكان وفرضت عليهم سياسة تقشف حادة.

وأدى ديساناياكا اليمين في العاصمة كولومبو، أمام رئيس المحكمة العليا جايانثا جاياسوريا خلال مراسم نقلتها التلفزيونات.

وقال الرئيس الجديد (55 عاماً) في كلمة مقتضبة: «أنا أعرف تماماً أهمية التفويض الذي حصلت عليه... أنا لست مشعوذاً، ولست ساحراً. سأطلب مشورة الآخرين وسأبذل قصارى جهدي (...) مسؤوليتي هي المشاركة في الجهد الجماعي للخروج من هذه الأزمة».

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية» إن العشرات من أنصار الرئيس الجديد في أثناء تأديته اليمين تجمعوا أمام مبنى الرئاسة ملوحين بصوره وبأعلام سريلانكا.

وحسب النتائج التي نشرتها اللجنة الانتخابية، الأحد، حصل حزب «جبهة تحرير الشعب» على 42.3 في المائة من الأصوات، في حين حلّ الرئيس المنتهية ولايته رانيل ويكريميسينغه (75 عاماً) في المركز الثالث بحصوله على 17.27 في المائة منها.

مناصرون للرئيس الجديد أمام مبنى الرئاسة خلال أدائه اليمين الدستورية الاثنين (إ.ب.أ)

وترك أنورا كومارا ديساناياكا زعيم حزب «جبهة تحرير الشعب» الذي كان وراء تمردَين دمويين في السبعينات والثمانينات، الكفاح المسلح وحوّل اهتمامه إلى اقتصاد السوق، وحصل على دعم شعبي واسع، إذ أدان خلال حملته الزعماء «الفاسدين» المسؤولين في نظره عن الفوضى التي حدثت عام 2022.

وقبل إعلان فوزه، أعلن ديساناياكا أنه لن «يمزّق» خطة الإنقاذ الموقعة مع صندوق النقد الدولي عام 2023 بعد مفاوضات طويلة، والبالغة قيمتها 2.9 مليار دولار.

وقال عضو المكتب السياسي في حزب «جبهة تحرير الشعب» اليساري، بيمال راتناياكي: «إنه نص ملزم، لكنه يحتوي على بند لإعادة التفاوض».

ووعد ديساناياكا بخفض الضرائب والرسوم على المنتجات الغذائية والأدوية لتأثيرها في السكان.

وقالت فروة عامر، من مركز «إيجا سوسايتي»، إنه «بالنسبة إلى ديساناياكا الذي وعد بعصر جديد وبضمان الاستقرار وتشجيع التغيير، ستكون التوقعات عالية».

في عام 2022، شهدت سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، وأدت إلى احتجاجات في الشوارع أطاحت بالرئيس -آنذاك- غوتابايا راجاباكسا، الذي حاصر متظاهرون غاضبون قصره واقتحموه شاكين من التضخم ونقص الإمدادات. واضطر الرئيس السابق إلى الفرار من البلاد.

وخلفه ويكريميسينغه الذي قاد سياسة تقشف قاسية وزاد الضرائب وخفّض بشكل جذري الإنفاق العام.

وتمكّن ويكريميسينغه خلال العامين اللذين أمضاهما في منصبه من إعادة الهدوء إلى الشارع.

الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا خلال أدائه اليمين الدستورية الاثنين (إ.ب.أ)

لكن خطة الإنقاذ تركت ملايين السريلانكيين يكافحون من أجل العيش. وأكد البنك الدولي أن بداية التعافي في سريلانكا أدت إلى زيادة نسبة الفقر الذي بات يطول حالياً أكثر من ربع السكان البالغ عددهم 22 مليوناً.

وقال الرئيس المنتهية ولايته، مساء الأحد، إن «التاريخ سيحكم على جهودي، ويمكنني القول بثقة إنني بذلت كل ما في وسعي لإعادة الاستقرار إلى البلاد».

وأمام الدبلوماسيين الذين تمت دعوتهم لحضور مراسم تنصيبه، أكد ديساناياكا للذين يقولون إنه يفضّل الصين على الهند، أنه سيتعاون مع الجميع من أجل تنمية سريلانكا.

وقال: «نحن عازمون على العمل لصالح بلادنا مع الدول الأخرى، بغض النظر عن الخلافات بين القوى» الكبرى.

وفي بكين، شدد الرئيس الصيني شي جينبينغ على «الأهمية الكبرى» التي يوليها «لتطوير العلاقات» مع سريلانكا، وفق تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي الصيني عقب تنصيب الرئيس السريلانكي. والصين هي إحدى الدول الدائنة الرئيسية لسريلانكا.

وقبل أن يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية، قدّم رئيس الوزراء دينيش غوناواردينا استقالته، ما يفتح الطريق أمام تعيين حكومة جديدة.

ومن المقرر إجراء انتخابات تشريعية العام المقبل. ويشغل حزب «جبهة تحرير الشعب» 3 مقاعد فقط من أصل 225 مقعداً.