كيري يبحث مع وفد فلسطيني رفيع كيفية استئناف مفاوضات السلام المتعثرة

مسؤول بالخارجية الأميركية لـ («الشرق الأوسط»): ليست لدينا خطط جديدة والعودة للمفاوضات أمر متروك للجانبين

كيري يبحث مع وفد فلسطيني رفيع  كيفية استئناف مفاوضات السلام المتعثرة
TT

كيري يبحث مع وفد فلسطيني رفيع كيفية استئناف مفاوضات السلام المتعثرة

كيري يبحث مع وفد فلسطيني رفيع  كيفية استئناف مفاوضات السلام المتعثرة

في خضم التوتر المتصاعد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تخطط الولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين من جديد للتوصل إلى حل الدولتين. ويبحث وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقائه مع صائب عريقات رئيس المفاوضين الفلسطينيين، وماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية، كيفية المضي قدما في محادثات السلام المتعثرة، وسبل إنهاء التصعيد الأخير في أعمال العنف في القدس الشرقية، وإعادة إعمار غزة، إضافة إلى إقناع الجانب الفلسطيني بوقف خطواته في مجلس الأمن لاستصدار قرار حول الاستيطان الإسرائيلي. وأوضح صائب عريقات كبير المفاوضين لـ«الشرق الأوسط» أنه يفضل الانتظار للاستماع إلى المقترحات الأميركية أولا، وما سيعرضه وزير الخارجية الأميركي جون كيري من رؤية وإطار لاستئناف المفاوضات، وتوضيح موقف الجانب الفلسطيني منها بعد ذلك. وقال عريقات إنه سيبلغ الجانب الأميركي بموقف القيادة الفلسطينية من مسألة استئناف المفاوضات، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وتحدثت تقارير عن مقترحات جديدة يطرحها كيري خلال لقائه مع الوفد الفلسطيني تتضمن مقترحات لوقف إقامة المستوطنات في الضفة الغربية وتجميدها في القدس الشرقية، مقابل تجميد التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار لوضع إطار زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على أن تبدأ المفاوضات من النقطة التي انتهت إليها المحادثات في أبريل (نيسان) الماضي.
وأوضح مسؤول كبير بالخارجية الأميركية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة الأميركية ليس لديها خطط حالية لدفع عملية السلام، وقال: «لا توجد خطط حالية لعملية السلام، وهذا الاجتماع هو متابعة لنتائج اجتماع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القاهرة منذ أسبوعين». وأضاف المسؤول الأميركي: «من الواضح أننا ندعم حل الدولتين، ويحدونا الأمل في أن يتمكن الجانبان من العودة إلى المفاوضات المباشرة، لكن الأمر متروك للإسرائيليين والفلسطينيين لاتخاذ القرارات الصعبة للقيام بذلك». وتوقع المسؤول الأميركي أن تركز اللقاءات على مناقشة عدة قضايا؛ منها السلام في الشرق الأوسط، والوضع في قطاع غزة، وكيفية تخفيف التوتر في القدس.
ومنذ اجتماع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القاهرة في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لم تتقدم واشنطن باقتراحات أو أفكار جديدة يمكن أن تكون بدائل مقنعة للفلسطينيين عن محاولة الذهاب إلى الأمم المتحدة وهي الخطوة التي أعلنت واشنطن بصراحة رفضها لها. ويأتي الاجتماع بين كيري والوفد الفلسطيني، في وقت يشهد توترا كبيرا بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ضوء غياب الثقة بين الجانبين وتصاعد التوتر الناجم عن التصريحات الإسرائيلية ببناء مزيد من الوحدات الاستيطانية، والتصريحات الفلسطينية باللجوء للمنظمات الدولية لإعلان إقامة الدولة الفلسطينية. كما يأتي في ظل تباعد كبير بين الولايات المتحدة وحليفتها القوية إسرائيل على خلفية زيادة الانتقادات الأميركية بشكل حاد ضد بناء مستوطنات في الضفة العربية والقدس الشرقية، إضافة إلى تصريحات مسيئة لمسؤول أميركي رفيع ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وأوضحت جين بساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، أن وزير الخارجية جون كيري تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الأسبوع الماضي وأكد خلال المحادثة ضرورة تهدئة الأوضاع في المسجد الأقصى وأهمية الامتناع عن القيام بأعمال استفزازية في القدس المحتلة. وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية أن كيري أجرى اتصالا آخر مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس شدد خلاله على ضرورة تجنب القيام بأي إجراءات أو تصريحات أو بيانات تزيد من تأجيج الوضع المتأزم وزيادة التوتر في أعقاب محاولة اغتيال أحد قادة الجناح اليميني المتطرف في إسرائيل وقتل فلسطيني يشتبه في تورطه، وإعلان إسرائيل إغلاق المسجد الأقصى لتجنب الاشتباكات وهو ما اعتبره الفلسطينيون بمثانة «إعلان حرب». وحمل صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تدمير حل الدولتين، وقال في تصريحات سابقة إن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية عن التوترات المستمرة وانهيار مفاوضات السلام بسبب استمرارها في الأنشطة الاستيطانية واعتداءاتها على المسجد الأقصى.
وتشير مصادر فلسطينية إلى أن الموقف الأميركي يصر على ضرورة العودة إلى المفاوضات الثنائية، وأن هدف اللقاء مع وزير الخارجية الأميركية سيكون التعرف على الرؤية الأميركية والخطة السياسية لكيفية العودة إلى المفاوضات. وتوضح المصادر الفلسطينية أن السلطة الفلسطينية ترفض العودة إلى المفاوضات الثنائية لعدم فاعلية هذه المفاوضات في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل توسيع خططها الاستيطانية. وقالت المصادر الفلسطينية: «السلطة الفلسطينية ترى أنه لا توجد أي إمكانية للمفاوضات مع الإسرائيليين تحت الرعاية الأميركية، والدعوة للمفاوضات من شأنها ألا تؤدي إلى شيء سوى شراء مزيد من الوقت فيما تواصل إسرائيل تعميق احتلالها».
وقال مسؤول فلسطيني: «الجانب الأميركي أبلغنا أنه لن يقبل بمقترحاتنا باستصدار قرار للاعتراف بالدولة الفلسطينية عند خطوط عام 1967 وإنهاء الاحتلال بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، لكن إذا نجحت الولايات المتحدة في التوسط مع الجانب الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يستجيب لمعظم المطالب الفلسطينية خاصة في ما يتعلق بالحدود، فقد يكون هناك بعض المرونة بشأن تحديد موعد لإنهاء الاحتلال، وأعتقد أن الفريق الفلسطيني سيكون قادرا على التوصل لحل وسط بشأن الجدول الزمني لإنهاء الاحتلال سواء عامين أو 3 أعوام، وبمجرد الاتفاق على الخطوط العريضة لقضية الحدود، فان باقي القضايا يمكن التعامل معها من خلال المفاوضات».
وأضاف المسؤول الفلسطيني: «إذا كنا نستطيع الاتفاق على صيغة تحدد خطوط عام 1967 كأساس لأي اتفاق، فإننا سنكون قادرين على تمديد الإطار الزمني».
وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن السلطة الفلسطينية لا تزال تعمل على الصياغة النهائية لمشروع القرار للتقدم بها لمجلس الأمن، «حيث يحاولون الاستناد إلى المقترحات الأميركية السابقة التي طرحت خلال المفاوضات بحيث لا يستطيع الأميركيون التصويت بالفيتو على مقترحات طرحوها في السابق». ومن المتوقع أن يتقدم الفلسطينيون بمشروع قرار إلى مجلس الأمن بنهاية نوفمبر الحالي أو بداية ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويطالب مشروع القرار الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بالتصويت على قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.