ممرضة تقضي عطلتها الأسبوعية في إسعاف المتظاهرين

هناء جاسم تقيس ضغط دم أحد المتظاهرين في ساحة التحرير (رويترز)
هناء جاسم تقيس ضغط دم أحد المتظاهرين في ساحة التحرير (رويترز)
TT

ممرضة تقضي عطلتها الأسبوعية في إسعاف المتظاهرين

هناء جاسم تقيس ضغط دم أحد المتظاهرين في ساحة التحرير (رويترز)
هناء جاسم تقيس ضغط دم أحد المتظاهرين في ساحة التحرير (رويترز)

تنحني هناء جاسم على مريض في عيادة مؤقتة على طرف ساحة التحرير في بغداد لتخيط جرحه. وهناء واحدة من عدد قليل جداً من النساء وسط جمهور المحتجين الذي يغلب عليه الرجال.
تعمل هناء (24 عاماً) ممرضة في مستشفى بالعاصمة العراقية طوال أيام الأسبوع، وتتطوع في عطلاتها الأسبوعية بالعمل في موقع الاحتجاج الرئيسي في بغداد. وفي حين ينتشر الغاز المسيل للدموع في الخارج، تخيط هناء الجروح فيما يشبه الكوخ المفتوح المستند على أعمدة معدنية، وجدرانه مغطاة بالعلم العراقي واللافتات وأغطية من البلاستيك أزرق اللون. وقالت إن شقيقها أيّد في بادئ الأمر قرارها مساعدة المشاركين في موجة احتجاجات مناهضة للحكومة انتشرت في أرجاء العراق منذ 1 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأضافت لوكالة «رويترز»: «نظر للموضوع بشكل فخر له ولأهله كون أخته مسعفة بالتحرير... لكن بمرور الوقت بدأ (يتحذر) من خروجي وذلك لتزامنه مع خطورة الوقت في الآونة الأخيرة».
وشعر بعض الساسة ورجال الدين المتنفذين بالغضب لرؤية شابات في الخارج أثناء المظاهرات في بغداد وفي مناطق الجنوب الشيعية الفقيرة. لكن ذلك لم يردع هناء التي قالت: «التغيير؛ التغيير هو الذي دفعني إلى أن أكون مسعفة وأكون موجودة في ساحات المظاهرات... لأننا سئمنا من الوضع الحالي من ناحية الحقوق أو أي إمكانية حماية أو أمن في البلد».
ومنذ وفاة والدها في 2016 كان على هناء وإخوتها الثمانية المساهمة في توفير دخل للأسرة. وإلى جانب عملها ممرضةً؛ تعمل أيضاً في مجال التصوير. وبقيت لها عطلات نهاية الأسبوع التي تقضيها في عيادة الاحتجاج. وقالت: «دائماً أردد عبارة: لو كان لديّ الوقت الكافي لذهبت يومياً إلى (التحرير)، لكن مشاغل العمل والبيت تعيق ذلك».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.