تونس: خلافات داخل أحزاب الائتلاف الحاكم قبيل التصويت على حكومة الفخفاخ

رئيس الحكومة التونسي المكلّف إلياس الفخفاخ (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة التونسي المكلّف إلياس الفخفاخ (أ.ف.ب)
TT

تونس: خلافات داخل أحزاب الائتلاف الحاكم قبيل التصويت على حكومة الفخفاخ

رئيس الحكومة التونسي المكلّف إلياس الفخفاخ (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة التونسي المكلّف إلياس الفخفاخ (أ.ف.ب)

لم يمنع تحديد موعد للجلسة البرلمانية المخصصة للتصويت على حكومة إلياس الفخفاخ استمرار الخلافات بين مكوّنات الائتلاف الحاكم الذي ستتشكل منه الحكومة التونسية الجديدة، إذ شكك بعضهم في إمكان نجاحها في نيل الغالبية المطلقة من الأصوات (109 من إجمالي 217 نائباً برلمانياً)، فيما وجّه بعض آخر انتقادات إلى أطراف سياسية وبرلمانية مؤيدة للحكومة، بما في ذلك اتهامها بمحاولة الاستحواذ على القرار السياسي. وطرحت هذه الخلافات تساؤلات حول مستقبل العمل الحكومي، عشية عقد البرلمان التونسي جلسة حاسمة غداً (الأربعاء) لمنح الثقة للحكومة، بعد أكثر من 3 أشهر من التعطيل والمشاورات السياسية المتعثرة.
وفي هذا السياق، عد مصطفى بن أحمد، القيادي في حركة «تحيا تونس» التي يقودها يوسف الشاهد، أن الحكومة المقترحة التقت حول الأشخاص، بدل الالتقاء حول برنامج العمل الوزاري، منتقداً وثيقة التعاقد الحكومي التي أعلن عنها رئيس الحكومة المكلف، قائلاً إنها «ستبقى حبراً على ورق»، بحسب رأيه.
أما محمد عمار، القيادي في حزب «التيار الديمقراطي»، فأشار إلى أن حزبه غير راضٍ عن بعض الأسماء في الحكومة المقترحة، على غرار وزير تكنولوجيا الاتصال، ووزير البيئة، ووزير الشباب والطفولة. وأكد أن الحكومة المقترحة ستكون «حكومة وحدة النهضة»، في إشارة إلى حكومة الوحدة الوطنية الموسعة التي طالبت بها «النهضة»، دون أن تتمكن من تنفيذها على أرض الواقع. وبرزت خلافات بين أعضاء مجلس شورى «النهضة»، أعلى سلطة سياسية في هذه الحركة الإسلامية، حول تركيبة الحكومة، ونسبة تمثيل «النهضة» فيها، وهي نسبة عد بعضهم أنها لا تعكس وزنها البرلماني، بصفتها صاحبة المرتبة الأولى بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت السنة الماضية.
وفي السياق ذاته، أفادت قيادات في كتلة «المستقبل» البرلمانية التي يتزعمها حزب «الاتحاد الشعبي الجمهوري» بأن عدم الانسجام بين الأطراف السياسية المشكلة للائتلاف الحاكم «واضح جلي»، وهو ما من شأنه أن يضعف إمكانية تطبيق شعار الحكومة المتمثل في «حكومة الوضوح وإعادة الثقة».
والتقى الفخفاخ، الخميس الماضي، رؤساء الكتل البرلمانية لحركة «النهضة» (54 مقعداً برلمانياً)، وحزب «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، وهما يمثلان كتلة برلمانية تضم 41 نائباً، و«تحيا تونس» (14 مقعداً برلمانياً)، وكتلة «الإصلاح الوطني» (15 مقعداً)، و«المستقبل» (8 مقاعد)، وهو ما يمثّل 124 صوتاً في البرلمان، علماً بأن الحكومة تحتاج لنيل الثقة إلى غالبية 109 أصوات فقط. وتمحورت هذه اللقاءات حول «التنسيق والانسجام ومتانة الحزام السياسي الداعم للحكومة»، بحسب ما أُعلن في العاصمة التونسية. ويوم الأحد، التقى الفخفاخ الوزراء المقترحين في الحكومة الجديدة، وعد أن وجود ممثلين عن الأحزاب السياسية ووزراء مستقلين يمثّل عنصر «ثراء وتميّز» لحكومته. وبعدما قدّم تصوراته للعمل الحكومي، ذكّر الفخفاخ بمقاييس الاختيار لأعضاء الحكومة، وهي «الكفاءة والمصداقية والنزاهة».
ورغم محاولة إذابة الجليد بين أطراف الائتلاف الحاكم، فإن نقاط استفهام عدة ما زالت تُطرح حول نجاعة التنسيق والتضامن الحكومي المرتقب، بعد تبادل سيل من الاتهامات والانتقادات بين الأطراف السياسية خلال فترة تشكيل حكومة الحبيب الجملي (الذي لم ينجح في مهمته)، والآن مع حكومة الفخفاخ.
ويقول مراقبون إن العلاقة التي تربط حركة «النهضة» بأهم طرفين في الحكم، وهما حزب «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، ليست مثالية. كما أن علاقة قيادات «النهضة» مع حركة «تحيا تونس» شهدت بدورها توتراً، بعدما طرحت «النهضة» فرضية سحب الثقة من حكومة يوسف الشاهد لتجاوز المأزق السياسي الذي تشهده البلاد.
وفي غضون ذلك، هدد حسونة الناصفي، رئيس كتلة «الإصلاح» البرلمانية، وهي إحدى الأطراف الداعمة لحكومة الفخفاخ، بالاستقالة من حزب «حركة مشروع تونس» الذي يتولى فيه منصب الأمين العام. وأكدت مصادر سياسية أن سبب الاستقالة يعود إلى خلاف مع محسن مرزوق، رئيس الحزب، بشأن التصويت لحكومة الفخفاخ، فيما تحدثت مصادر في حزب «المشروع» عن فرضية تزعم الناصفي مشروعاً سياسياً بعيداً عن الحزب الذي ينتمي له حالياً. وأعلن الناصفي عن دعمه لحكومة الفخفاخ، في الوقت الذي أبدى فيه مرزوق بعض التحفظات تجاهها.
في غضون ذلك، وصل أمير قطر تميم بن حمد إلى تونس، مساء أمس، حيث قابل الرئيس التونسي قيس سعيد، قبل انتقاله اليوم الثلاثاء إلى الجزائر لإجراء محادثات مع الرئيس عبد المجيد تبّون. وقبل وصوله إلى تونس، أجرى أمير قطر محادثات في عمّان مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».