اليمن يطالب بـ«موقف أممي واضح» تجاه التصعيد الحوثي

نددت الحكومة اليمنية بالتصعيد الحوثي الأخير في البحر الأحمر، وطالبت بموقف أممي واضح تجاه سلوك الجماعة الانقلابية الذي يأتي نتيجة لـ«اتفاق استوكهولم» الذي حال دون تحرير الحديدة وموانئها من قبضة الجماعة الموالية لإيران.
وقال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني إن «‏العملية الإرهابية الفاشلة التي خططت الميليشيات الحوثية لتنفيذها في البحر الأحمر وباب المندب تأتي ضمن المسار التصعيدي لجرائمها الإرهابية بعد مقتل (القيادي الإيراني) قاسم سليماني تنفيذاً لسياسات نظام إيران التخريبية في المنطقة». ونقلت وكالة «سبأ» عن الوزير الإرياني قوله إن «العمل الإرهابي الفاشل الذي خططت الميليشيات الحوثية لتنفيذه جنوب البحر الأحمر باستخدام زورق مفخخ ومسيّر عن بعد أطلق من محافظة الحديدة وزراعة الألغام البحرية، يؤكد من جديد الخطر الذي ما زال يمثله وجودها في أجزاء من الشريط الساحلي على خطوط الملاحة وحركة التجارة الدولية وتهديدها للأمن والسلم الدوليين».
وأكد الوزير اليمني أن هذه الجرائم الإرهابية ما كانت لتتم لولا استغلال الميليشيات الحوثية لاتفاق استوكهولم واستمرار سيطرتها على موانئ ومدينة الحديدة، مطالباً المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث باتخاذ موقف واضح من التصعيد المتواصل للميليشيات الذي قال إنه «تجاوز الخطوط الحمراء بمحاولة استهداف حركة السفن التجارية». كما دعاه إلى «إعلان مصير الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق استوكهولم بشأن انسحاب الميليشيات من موانئ ومدينة الحديدة».
وكان المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن العقيد تركي المالكي، أوضح أول من أمس، أن الميليشيات الحوثية حاولت تنفيذ عمل عدائي وإرهابي جنوب البحر الأحمر باستخدام زورق مفخخ ومسيّر عن بعد أطلقته من محافظة الحديدة اليمنية؛ غير أن قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن تمكنت من إعطاب وتدمير الزورق المفخخ. وعدّ المالكي ما قامت به الميليشيات الحوثية تهديداً للأمن الإقليمي والدولي، وكذلك طرق المواصلات البحرية والتجارة العالمية، وقال إن «قوات التحالف البحرية رصدت صباح (الأحد) محاولة للميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران بالقيام بعمل عدائي وإرهابي وشيك بجنوب البحر الأحمر باستخدام زورق مفخخ ومسيّر عن بعد، قامت الميليشيا الحوثية الإرهابية بإطلاقه من محافظة الحديدة، وتم إعطاب وتدمير الزورق المفخخ». وأضاف المالكي في تصريح نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس» أنه «تم أيضاً اكتشاف وتدمير 3 ألغام بحرية بمضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر ليصل عدد الألغام البحرية التي تم اكتشافها وتدميرها حتى الآن 150 لغماً بحرياً قامت الميليشيات الحوثية الإرهابية بزراعتها ونشرها». وبيّن أن الميليشيات الحوثية الإرهابية تتخذ من محافظة الحديدة مكاناً لإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار والزوارق المفخخة والمسيّرة عن بعد، وكذلك نشر الألغام البحرية عشوائياً، في انتهاك واضح وصريح للقانون الدولي الإنساني وانتهاكٍ لنصوص اتفاق (استوكهولم) واتفاقية وقف إطلاق النار بالحديدة. وشدد المالكي على أن قيادة القوات المشتركة للتحالف مستمرة بتنفيذ الإجراءات الصارمة ضد هذه الميليشيا الإرهابية وتحييد وتدمير مثل هذه القدرات التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي.
ويجزم ناشطون يمنيون أن الجماعة الموالية لإيران استغلت «اتفاق استوكهولم» والهدنة الأممية لإعادة ترتيب صفوفها وتعزيز قدراتها العسكرية وتحصيناتها في مدينة الحديدة وأريافها الجنوبية، بما في ذلك تحشيد المجندين وحفر الخنادق والأنفاق وتخزين الصواريخ والطائرات المسيرة، فضلاً عن استمرارها في السيطرة على الموانئ لتهريب الأسلحة. وتتهم القوات الحكومية الجماعة الحوثية بأنها ارتكبت الشهر الماضي فقط نحو 3 آلاف خرق، وتسببت في قتل 24 مدنياً وجرح أكثر من 60 آخرين، وتدمير 15 منزلاً وسبع مزارع و22 مركبة.
كما أوضحت مصادر عسكرية يمنية أن الميليشيات استحدثت أكثر من 170 نفقاً وخندقاً حول نقاط المراقبة المشتركة وبقية المحاور في الشهر نفسه، كما نصبت أكثر من 113 مدفعاً وتوسعت في زراعة الألغام بشكل كبير. وكشفت المصادر عن أن الجماعة استقدمت خبراء المتفجرات والعبوات من معقلها في صعدة بينهم أجانب يرجح أنهم إيرانيون وتم رصدهم على متن سيارة في مناطق زبيد والحسينية وبـيت الفقــيه، حيث يعتقد أنهم يشرفون على دراسة المواقع وأماكن تركيب حقول الألغام.
وتوصلت الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية برعاية دولية وأممية إلى اتفاق في استوكهولم في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2018 تضمن التوافق على إعادة تنسيق الانتشار في الحديدة وفك الحصار عن تعز وتبادل إطلاق الأسرى والمعتقلين، غير أن الجماعة الموالية لإيران أفشلت أي تقدم في تنفيذ الاتفاق بجوانبه الثلاثة وفق ما تقول الحكومة الشرعية.
ورغم دخول الهدنة الأممية التي أعقبت الاتفاق حيز التنفيذ في 18 ديسمبر (كانون الأول) نفسه، فإن الميليشيات الحوثية، بحسب الاتهامات الحكومية، ارتكبت آلاف الخروق التي أدت إلى مقتل وجرح المئات من المدنيين.
ويأمل غريفيث، حسب ما جاء في إحاطة سابقة له أمام مجلس الأمن الدولي، أن يكون عام 2020 عاماً حاسماً لجهة التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين الجماعة الحوثية والحكومة الشرعية، وذلك بعد عامين من تسلمه المهمة الأممية.
وخلافاً لطموح غريفيث في هذا الشأن، يعتقد مراقبون يمنيون أن التوصل إلى سلام مع الجماعة الحوثية لا يزال أمراً بعيد المنال خاصة في ظل بقاء الجماعة أداة في يد النظام الإيراني، وإصرارها على تثبيت الانقلاب والتمسك بالسلاح وعدم الانصياع لقرارات مجلس الأمن لا سيما القرار 2216.