أرشيف ماركيز في جامعة تكساس الأميركية

يحتوي على 27 ألف صورة رقمية

ماركيز
ماركيز
TT

أرشيف ماركيز في جامعة تكساس الأميركية

ماركيز
ماركيز

كان غابرييل غارسيا ماركيز يقول إنه اعتاد منذ سن السابعة عشرة على أن يستيقظ كل يوم باكراً ليجلس وراء طاولة خشبيّة ضيّقة يملأ الصفحات البيض المكدّسة فوقها، في مواظبة نادراً ما أخلّ بها. ومن ذلك الطقس اليومي الذي كان «غابو» يمارسه «بخشوع جنائزي وإدمان لذيذ»، كما جاء في مذكراته، تحتفظ العائلة بآلة الكتابة، وبعض الصور بالأسود والأبيض التي يظهر فيها صاحب «مائة عام من الوحدة» حافي القدمين في غرفة شبه خالية.
وفي العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 1982، كان ماركيز يرشف فنجان قهوة، برفقة زوجته ونجله الثاني رودريغو، في المنزل الذي كانت العائلة تسكنه في مكسيكو، عندما اتصل به موظف من الأكاديمية السويدية ليبلغه بفوزه بجائزة نوبل للآداب. وبعد تلقيه الخبر، دنت منه زوجته مرسيديس برشا، التي كان قد كشف لي في أول مقابلة معه قبل ذلك بعامين في منتجع كنكون المكسيكي أنها تنحدر من عائلة هاجرت من بلاد الشام إلى مصر حيث استقرت في مدينة بور سعيد قبل أن تهاجر مجدداً إلى كولومبيا، وطبعت على وجنته قبلة خلدها رودريغو في إحدى الصور التي كان يهوى التقاطها قبل أن ينصرف إلى الإخراج السينمائي.
تلك الصور هي من الآلاف التي يضمها أرشيف ماركيز الذي جمعه مركز هاري رانسون التابع لجامعة تكساس الأميركية في مدينة أوستين، وفيه أيضاً 577 برقية تهنئة بمناسبة حصوله على جائزة نوبل، أرسلها له ناشرون ورؤساء وكتاب وطلاب، إضافة إلى 27 ألف صورة رقمية يمكن تحميلها من موقع المركز.
وبمناسبة افتتاح هذا الأرشيف الضخم، نظم المركز المذكور مؤخراً معرضاً بعنوان «غابرييل غارسيا ماركيز... إبداع كاتب عالمي»، يحكي مسرى الطفل الذي تربى في كنف جدّته وجدّه في قرية آراكاتاكا المطلّة على البحر الكاريبي في كولومبيا، وكيف أصبح كاتباً عالمي الشهرة.
ويُفرِد المعرض قسماً خاصاً لعلاقة ماركيز المديدة الوطيدة بالمكسيك التي وصلها من غير أوراق ثبوتيّة مع أسرته في عام 1961، حيث انصرف إلى كتابة السيناريوهات السينمائية، ونشر مجلّات شعبية لكسب رزقه. وفي المكسيك، تعرّف ماركيز على عدد من عمالقة الأدب الأميركي اللاتيني، مثل ماريو فارغاس يوسا وكارلوس فوينتيس وخوليو كورتازار، وأقام صداقة مع المخرج الشهير لويس بونويل الذي كان منفياً هناك بعد الحرب الأهلية الإسبانية.
لكن القسم الأهمّ في هذا المعرض الذي سيجول قريباً على مكسيكو ومدريد، ثم على برشلونة حيث كانت تقيم ناشرة روائعه كارمن بلاسيلز، مخصّص لصيرورة ماركيز الأدبية من خلال روايته الكبرى «مائة عام من الوحدة» التي أكّد مراراً في مذكراته وأحاديثه الصحافية أنه وضعها في 18 شهراً بين عام 1965 وتاريخ نشرها في عام 1967. ويكشف هذا القسم أن فكرة هذه الرواية راودت ماركيز للمرة الأولى في عام 1950، لكنه لم يقرّر التفرّغ لكتابتها إلا بعد مرور سنوات، كان خلالها يدوّن ملاحظات، ويجمع أفكاراً حولها، ما دفع بأحد مؤرخيه الكاتب آلفارو سانتانا إلى القول: «وضع (غابو) روايته الكبرى حول الوحدة، لكن برفقة كثيرين».
وفي المعرض أيضاً محفوظات ثمينة نادرة من مخطوطات مصحّحة ومعدّلة بيد ماركيز لأعماله الكبرى، مثل «خريف البطريرك» و«وقائع موت معلن» و«الحب في زمن الكوليرا»، يتبيّن منها مزاج الكاتب عندما كانت تعترضه الصعاب في منتصف الحدث فيتوقف السرد، أو عندما يكون مندفعاً فيقبل على الكتابة من غير أن يتوقف عند الأخطاء اللغوية أو الإملائية.
وثمّة قسم آخر في المعرض يتناول جانباً من اهتمامات ماركيز لم تسلّط عليه الأضواء بالقدر الكافي، وهو شغفه بالعمل السينمائي الذي باشره بكتابة السيناريوهات في المكسيك، وانتهى به الأمر في عام 1985 بإنشاء «مدرسة العوالم الثلاثة» للسينما في هافانا، بدعم من صديقه الزعيم الكوبي الراحل فيديل كاسترو. وتعد هذه المدرسة اليوم من أهم المعاهد العالمية للسينما، تخرّجت منها كوكبة من كبار المخرجين الأميركيين اللاتينيين الذين لمعوا في المشهد السينمائي العالمي.
وكان ماركيز يكرّر أن «السينما، بعد الكتابة، هي شغفي الثاني»، واستمرّ يحاضر ويشرف على ندوات تدريبية وورش عمل في المدرسة حتى عام 2009، ويجهد لمدّها بالمساعدات من جهات عدة، مثل منظمة اليونيسكو والمكسيك وإسبانيا. وبفضله، استضافت عدداً من كبار المخرجين العالميين، مثل فرنسيس فورد كوبولا وروبرت ردفورد وجورة لوكاس والفرنسي كوستا غافراس.
وبداية علاقة ماركيز «المهنية» بالفن السابع كانت عام 1963 في المكسيك، وعن طريق صديقه الحميم ومواطنه آلفارو موتيس الذي ساعده في مراحل عدة من حياته، ووضع مؤلفات قيّمة عن أعماله، عندما كُلّف بكتابة النص الحواري لفيلم بعنوان يستند إلى رواية قصيرة لخوان رولفو بعنوان «الديك الذهبي»، لم تنشر إلا في عام 1980، وتدور حول الفاجعة وحسن الطالع، من خلال تجوال امرأة ومشاركتها في أعياد شعبية مكسيكية.
وعُرض الفيلم للمرة الأولى عام 1964، وفيه يظهر اسم غارسيا ماركيز كواضع للنصّ الحواري، إلى جانب الكاتب المكسيكي كارلوس فونتيس، لكن يميل الاختصاصيون إلى الاعتقاد بأن النصّ هو لماركيز وحده، خاصة أن فيه إيحاءات كثيرة لرواية غابو الثانية «ليس للكولونيل من يكاتبه» التي صدرت في ذلك العام، ويتمتع بطلها بقدرات خارقة للطبيعة، ويعيش برفقة ديك، على غرار الشخصية الرئيسية في رواية خوان رولفو.
وكان ماركيز شديد الإعجاب بخوان رولفو، وخاصة برائعته «بيدرو بارامو» التي يجمع كثير من النقّاد على أنها من عيون الأدب العالمي، ومن أهمّ 5 روايات في القرن العشرين. وفي نص مخطوط بيد ماركيز، محفوظ في الأرشيف المذكور، يقول: «منذ تلك الليلة الليلاء التي قرأت فيها... لكافكا، لم أشعر بمثل ما تملّكني عندما قرأت رواية (بيدرو بارامو) لخوان رولفو»، ثم يضيف: «كان بوسعي أن أتلو الرواية غيباً، ومن دون خطأ تقريباً، وكنت قادراً على تحديد موقع كل مقطع، وملماً بكل سمات وطبائع شخصياتها».



فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)
جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)
TT

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)
جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

استقبلت دور العرض السينمائية في مصر فيلم «الحريفة 2: الريمونتادا» ليسجل الفيلم سابقة تاريخية بالسينما المصرية؛ لكونه أول فيلم مصري يعرض جزأين في الصالات السينمائية خلال عام واحد، بعدما طرح جزأه الأول مطلع العام الجاري، وحقق إيرادات كبيرة تجاوزت 78 مليون جنيه (الدولار يساوي 49.75 جنيه مصري في البنوك) بدور العرض.

واحتفل صناع الجزء الثاني من الفيلم بإقامة عرض خاص في القاهرة مساء (الثلاثاء)، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء (الأربعاء).

الجزء الثاني الذي يخوض من خلاله المونتير كريم سعد تجربته الإخراجية الأولى كتبه إياد صالح، ويقوم ببطولته فريق عمل الجزء الأول نفسه، نور النبوي، وأحمد بحر (كزبرة)، ونور إيهاب، وأحمد غزي، وخالد الذهبي.

إياد صالح ونور النبوي في العرض الخاص لفيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

تنطلق أحداث الجزء الثاني من الفيلم حول العلاقة بين فرقة «الحريفة» مع انتقالهم من المدرسة الثانوية إلى الجامعة وحصولهم على منحة دعم للدراسة في فرع إحدى الجامعات الأجنبية بمصر، بالإضافة لشراكتهم سوياً في امتلاك وإدارة ملعب لكرة القدم بمبلغ المليون جنيه الذي حصلوا عليه بعد فوزهم بالبطولة في نهاية الجزء الأول.

وعلى مدار نحو ساعتين، نشاهد علاقات متشابكة ومواقف متعددة يتعرض لها الأبطال في حياتهم الجديدة، ما بين قصص حب ومواقف صدام في الجامعة؛ نتيجة تباين خلفياتهم الاجتماعية عن زملائهم، بالإضافة إلى الخلافات التي تنشأ بينهم لأسباب مختلفة، مع سعي كل منهما لتحقيق حلمه.

وفيما يواجه ماجد (نور النبوي) مشكلة تعيق حلمه بالاحتراف في الخارج بعدما يقترب من الخطوة، يظهر العديد من المشاهير في الأحداث بشخصياتهم الحقيقية أو كضيوف شرف بأدوار مؤثرة في الأحداث، منهم آسر ياسين الذي ظهر بشخصية رئيس الجامعة، وأحمد فهمي الذي ظهر ضيف شرف باسمه الحقيقي مع فريق الكرة الخماسية الذي يلعب معه باستمرار في الحقيقة، ومنهم منتج العمل طارق الجنايني.

إياد صالح مع أبطال الفيلم في الكواليس (الشرق الأوسط)

يقول مؤلف الفيلم إياد صالح لـ«الشرق الأوسط» إنهم عملوا على الجزء الجديد بعد أول أسبوع من طرح الفيلم بالصالات السينمائية لنحو 11 شهراً تقريباً ما بين تحضير وكتابة وتصوير، فيما ساعدهم عدم وجود ارتباطات لدى الممثلين على سرعة إنجاز الجزء الثاني وخروجه للنور، مشيراً إلى أن «شخصيات ضيوف الشرف لم يفكر في أبطالها إلا بعد الانتهاء من كتابة العمل».

وأضاف أنه «حرص على استكمال فكرة الفيلم التي تعتمد على إبراز أهمية الرياضة في المرحلة العمرية للأبطال، بالإضافة لأهمية الأصدقاء والأسرة ودورهما في المساعدة على تجاوز الصعوبات»، مشيراً إلى أن «إسناد مهمة إخراج الجزء الثاني للمخرج كريم سعد الذي عمل على مونتاج الجزء الأول جعل صناع العمل لا يشعرون بالقلق؛ لكونه شارك بصناعة الجزء الأول، ولديه فكرة كاملة عن صناعة العمل».

من جهته، يرى الناقد المصري محمد عبد الرحمن أن «الجزء الجديد جاء أقل في المستوى الفني من الجزء الأول، رغم سقف التوقعات المرتفع»، ورغم ذلك يقول إن «العمل لم يفقد جاذبيته الجماهيرية في ظل وجود اهتمام بمشاهدته ومتابعة رحلة أبطاله».

إياد صالح مؤلف الفيلم مع عدد من أبطاله (الشركة المنتجة)

وأضاف عبد الرحمن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحداث شهدت محاولات لمد الدراما من أجل إتاحة الفرصة لاستكمال الفريق نفسه المشوار سوياً، مما أظهر بعض السياقات التي لم تكن مقنعة درامياً خلال الأحداث، وبشكل ترك أثراً على الاستفادة من وجود أسماء عدة ضيوف شرف».

ويدافع إياد صالح عن التغيرات التي طرأت على الأحداث باعتبارها نتيجة طبيعية لانتقال الأبطال من مرحلة الدراسة الثانوية إلى مرحلة الجامعة، بالإضافة إلى انتهاء التعريف بالأشخاص وخلفياتهم التي جاءت في الجزء الأول، وظهورهم جميعاً من أول مشهد في الجزء الثاني، لافتاً إلى أن «فكرة الجزء الثاني كانت موجودة من قبل عرض الفيلم».

وأوضح في ختام حديثه أن لديه أفكاراً يمكن أن تجعل هناك أجزاء جديدة من الفيلم ولا يتوقف عند الجزء الثاني فحسب، لكن الأمر سيكون رهن عدة اعتبارات، من بينها رد الفعل الجماهيري، واستقبال الجزء الثاني، والظروف الإنتاجية، ومدى إمكانية تنفيذ جزء جديد قريباً في ظل ارتباطات الممثلين، وغيرها من الأمور، مؤكداً أن «اهتمامه في الوقت الحالي يتركز على متابعة ردود الفعل».